بين قوسين “إيجابية وسلبية التعاطي”
لا شك أن الواقع الصحي الذي فرضه انتشار فيروس كورونا عالميا زاد من قلق وخوف ومعاناة الناس ليس في سورية وحسب وإنما في كل أنحاء المعمورة، خاصة بعد تصنيف هذا الوباء بالجائحة الأخطر في عصرنا الحديث والتي راح ضحيتها الآلاف بين مصاب ومتوفى.
بطبيعة الحال التعاطي النظري والعملي مع هذا الوباء المستجد يتطلب حرصا وحذرا كبيرين وربما يقظة وفطنة شخصية تتمثل في التقيد التام بالتعليمات الصحية وبالإجراءات الإحترازية والاستباقية الصادرة عن خلية الأزمة، والتي تحول دون انتشاره أو انتقال عدواه. ولعل الأهم في النسق المتسلسل والمتتالي للإجراءات الحكومية للتصدي لهذا الوباء هو ضرورة وأهمية الاستجابة من المواطنين للالتزام في بيوتهم والابتعاد عن التجمعات والازدحام وهي البيئة الأكثر نشاطا لنقل العدوى.
إيجابية التعاطي – الحكومي والشعبي – حتى اللحظة مع هذا الوباء تجاوزت في نتائجها الكثير من المنعكسات السلبية لحالة الحظر الليلي وتعليق كافة الأنشطة والفعاليات والدوام الرسمي في المؤسسات إلى الحد الأدنى، ما عكس حقيقة وعي المواطن السوري الذي اعتاد على مواجهة التحديات والتصدي للأزمات والإنتصار عليها في نهاية المطاف.
إيجابية التعاطي أيضا تجسدت في حالة التضامن والتعاضد الأهلي والنشاط المتزايد للجمعيات الأهلية في الآونة الأخيرة في تقديم الدعم المادي والغذائي للأسر الأكثر حاجة، ولو أن المطلوب في هذه المرحلة يحتاج إلى نشاط أكثر يتعدى توزيع ربطات الخبز فقط من قبل بعض الهيئات والجمعيات بقصد الترويج والتسويق الإعلامي على الصفحات الزرقاء، وهنا نقصد مؤسسات وهيئات بعينها مطلوب منها أن تكون أكثر فاعلية ونشاطا وفي المقدمة لتقديم التبرعات والدعم المادي وبسخاء وبما يسهم في تخفيف المعاناة عن المواطنين والأسر المحتاجة والفقيرة.
أما سلبية التعاطي فتتمثل في سوء إدارة الأزمة من قبل بعض الجهات المعنية، خاصة ما يتعلق بآليات توزيع مادة الخبز والمواد الغذائية عبر منافذ البيع في فرع السورية للتجارة، يضاف إلى ذلك معضلة الأسواق والإرتفاع اليومي المتصاعد للأسعار على نحو لم يعد يحتمل ويطاق، والذي يعكس دون أدنى شك حجم الانحطاط الأخلاقي والتمادي الوقح في تجاوز القوانين وكل الأعراف الإنسانية من قبل بعض التجار الجشعين الذين احترفوا وامتهنوا سرقة قوت المواطن في الأزمات.
المؤسف في هذه المعضلة الشائكة والأكثر تفاقما وتعقيدا التعامل الخجول والمرن من قبل الجهات المعنية والرقابية والتي تتحمل كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية في حماية المواطن ولقمة عيشه من مرتزقة الأزمات وحيتان السوق، خاصة في مثل هذه الظروف الطارئة والاستثنائية. ونرى من المهم، لا بل من الأولويات، أن يلحظ الفريق الحكومي والوزارات المعنية هذه الجزئية ويشملها ضمن سلسلة إجراءاتها الاحترازية للتصدي للفيروس، ويصدر قرارات أكثر صرامة وقسوة بحق كل من يسعى لاستغلال هذه الأزمة الطارئة.. وأن يكون العقاب والقصاص علنا ليكون عبرة لمن يعتبر.
معن الغادري