واشنطن تستغل كورونا لتشديد العقوبات ضد إيران.. والرفض العالمي يتصاعد
تستمر الإدارة الأميركية بسياستها العدائية تجاه الشعب الإيراني، وتحاول الضغط على طهران وخنقها بعقوبات إضافية، وحتى فرض عقوبات على شركات وكيانات تمد يد العون لإيران في ظل الأزمة الإنسانية التي تمر بها البلاد مع انتشار فيروس كورونا.
فقد فرضت الولايات المتحدة، منذ انسحابها الأحادي من الاتفاق النووي في أيار 2018، سلسلة عقوبات مالية واقتصادية على إيران، وأعلنت لاحقاً حصاراً اقتصادياً على البلاد من خلال تقييد التعامل مع الشركات والمؤسسات الإيرانية، وفي آخر حزمة عقوبات، فرضت وزارة الخزانة الأميركية يوم الخميس الماضي عقوبات على 15 شخصية و5 كيانات تعمل في مجالات الشحن والتجارة والبناء والكيماويات، متجاهلة كل نداءات المجتمع الدولي لرفع العقوبات، التي وصفها وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بأنها ترقى لتكون “جرائم حرب”، “حيث أن الجزء الأكبر من الخطر الذي يواجه الإيرانيين ناتج من القيود التي فرضتها أميركا على البلاد، وهي من أشد أنواع الحظر في التاريخ خلافاً لميثاق الامم المتحدة والقوانين الدولية”.
جهات دولية كثيرة انتقدت السياسات الأميركية، وبالأمس جاء الدور على الأصوات من البيت الداخلي الأمريكي، وبالتحديد الكونغرس، الذي طالب مجموعة من أعضائه الديمقراطيين بتخفيف العقوبات المفروضة على إيران وغيرها من الدول التي تستعديها إدارة الرئيس دونالد ترامب الجمهورية، مؤكدين ضرورة وصول الإمدادات الطبية والدعم الإنساني لهذه الدول في ظل انتشار فيروس كورونا المستجد.
ووجّهت مجموعة من أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب الديمقراطيين، بينهم المرشّح الرئاسي السناتور بيرني ساندرز والنائب الكساندريا أوكاسيو كورتيز، مجموعة من الرسائل إلى وزير الخارجية مايك بومبيو ومسؤولين رفيعين آخرين في الإدارة يحثون فيها الأخيرة على السماح بإعفاءات محددة بوضوح من العقوبات، فيما دعا ساندرز وأوكاسيو كورتيز إلى تعليق مؤقت للعقوبات، ومن ضمنها قطاعا المصارف والنفط في إيران، اللذان تستهدفهما بشكل أساسي إدارة ترامب.
كما قاد السناتور الديمقراطي كريس مورفي دعوة من العديد من الديمقراطيين لإدارة ترامب تطالب بتخفيف العقوبات عن عدد من الدول، بينها إيران وفنزويلا، ولاسيما مع انتشار كورونا، مشددين على أن العقوبات تعوق وصول المواد الطبية والأدوية والمساعدات الإنسانية إلى الشعوب التي تحتاجها بشكل كبير فيما تتصاعد حدة وخطورة هذا الوباء.
وقال مورفي، في رسالته التي وجهها إلى بومبيو ووزير الخزانة ستيفن منوتشين، ووقعها كذلك عدد من أعضاء مجلس الشيوخ بينهم كريس فان هولن وتيم كاين وباتريك ليهي، “إن مساعدة هذه الدول في إنقاذ أرواح الناس خلال أزمة كورونا هو الأمر الذي ينبغي فعله من الناحية الأخلاقية وكذلك من ناحية الحفاظ على الأمن القومي لأن ذلك يساعد في تخفيف الشعور العدائي تجاه الولايات المتحدة”.
وتطالب رسالة مورفي بتعليق العقوبات لتسعين يوماً وتخفيف الغرامات عن شركات التكنولوجيا والمعلومات الإيرانية التي يمكن أن تقدّم معلومات حول التعامل مع الفيروس والحيلولة دون انتشاره.
كما وصلت الدعوات لتخفيف العقوبات عن إيران إلى افتتاحيات الصحف الأميركية الكبرى مع دعوة نيويورك تايمز إدارة ترامب بالسماح بتمرير قرض من صندوق النقد الدولي لإيران وتقديم مساعدة تكنولوجية لها.
وفي سياق متصل، انتقد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف استمرار النهج الأحادي المنفلت والسير وراء المصالح السياسية في ظل انتشار كورونا على مستوى العالم، وقال في رسالة على موقع انستغرام: “إذا لم يستطع تفشي فيروس كورونا في العالم وقف سياسة اللهاث وراء المغانم السياسية والأحادية المنفلتة فإن العالم والقيم الأخلاقية ستفشل مرة أخرى”، مشيراً إلى أن العالم اليوم يحارب تحدياً مشتركاً.
وشدّد ظريف على تكثيف الجهود من أجل نجاح الجهود العالمية للقضاء على فيروس كورونا، مبيناً أن المواجهة مع هذا الفيروس هي حملة إنسانية وأن تعطيل هذه الحملة غير أخلاقي، وأوضح أن النظام الصحي والمواطنين والحكومة الإيرانية يخوضون المواجهة مع كورونا، كما هو الحال في أوروبا والولايات المتحدة، لكن ما يضاعف معاناة الإيرانيين ويقيد الخيارات في إدارة الأزمات هو الحظر المفروض على شراء المعدات واللوازم الطبية لمواجهة هذا الفيروس.
الجانب الإيراني، أرفق تصريحاته الرافضة للسياسات الأميركية، بجهد جبار لاحتواء الوباء، فقد أعلن وزير الصحة الإيراني أننا بلغنا نقطة مشرقة في احتواء الأمراض الفيروسية، وفي المستقبل القريب سيتم الإعلان عن إنجاز للجمهورية الإسلامية يضع إيران في المرتبة الأولى على الصعيد العالمي في هذا المجال.
وقدّم وزير الصحة، خلال اجتماع مع مجلس القضاء الأعلى، شرحاً عن ظاهرة كورونا وانتشارها في البلاد والإجراءات المتخذة لمكافحته، مشيراً إلى الإجراءات المتخذة للكشف عن المصابين بـ “كورونا” وتقديم الخدمات العلاجية لهم، وأضاف: “رغم أن مكافحة كورونا صعبة في ظروف الحظر إلا أننا، ومنذ البداية، لم نواجه ولا نواجه نقصاً في الأدوية الخاصة التي وضعت بعين الاعتبار لعلاج هذا المرض”.
ووصف مشروع الغربلة العامة للكشف عن المصابين بـ “كورونا” بأنه أحد الإجراءات المؤثّرة في قطع سلسلة انتقال الفيروس، وأوضح أنه من خلال تعبئة الأطباء، شارك حتى الآن 61.6 مليون شخص في مشروع الغربلة، تمّ تحديد 218800 شخص منهم جدير بالمتابعة، وقد خضع 93778 شخصاً منهم للعلاج في المنازل، وتمّت إحالة 16049 شخصاً منهم الى المستشفيات، مشيراً إلى انخفاض وتيرة الوفيات وتحسن ظروف تقديم الخدمات في المستشفيات.