بين قوسين صنيعة المنابر!!
تتفق وتختلف وجهات النظر المتعلقة بفتح أبواب المناصب الحكومية للكفاءات الأكاديمية لتقوم بفعل ما لم يستطعه المعينون تقليديا، بالتوصية، أو بالتزكية، أو بالتدرج الوظيفي، لفك طلاسم إخراج القطاعات التنفيذية من الفشل والإخفاق والتخسير الذي أوصل بعض المؤسسات والشركات إلى الموت السريري، تجنبا لصفعة الضربة القاضية التي تهز صورة الريادة التاريخية لـ “العام”.
واحتدم، ولم يزل، الجدل حول ضخ دماء الكفاءات الجامعية العليا وذوي الخبرة العلمية في عروق الإدارات المتعبة, وهنا كان الميدان الذي اشتعلت به الآراء بين مؤيد ومعارض، على اعتبار أن الجامعات وقاعات المحاضرات هي المكان الأنسب لتنظير المختصين، بالتوازي مع تقديم الأبحاث والدراسات، في حين رأى المشجعيون أن عين الخبير قادرة على إنقاذ الواقع المأساوي، وإن كان الأمل ضعيفا فلا مانع من التجريب؛ وما بين هذا وذاك، جاء الرأي الثالث الذي خرج بفكرة مجالس الإدارات لتشكل عملية تطعيم أنموذجية في قيادة النشاط إداريا وإنتاجيا. وليس خافيا ما لحق بهذه التجربة من تجاذبات ومواجهات واحتدام وصل حد الاستقالات والانسحابات التي كانت الصحافة شاهدا على تفاصيلها!!
في محراب الصراحة، لا يمكن إنكار سلسلة من المآخذ على دور الكفاءات الأكاديمية في المناصب، مع الاعتراف بمستواها الفكري والعلمي. ولكن هذا الرصيد ربما لا يجدي مع قطاعات استشرى في بعضها الفساد وكثرت الوصايات والمتنفذون عليها، حتى بات من الصعب إقحام “الطوباوية” التي يوصف بها بعضهم في مفاصل تعاني شللا قانونيا وعجزا إصلاحيا لأسباب عملية وبشرية، ولهذا كان الفشل هو المصير المحتوم الذي راهن عليه الكثيرون.. وتحقق في بعضه!!
هنا، لا خلاف على رغبة العديد من الأكاديميين في الوصول إلى سدة صناعة القرار، إن لم يكن بشاغر فعبر صيغ قوامها الاستشارات وعقود الخبرة، وغيرها، لأن ثمة من يمتعض لعدم إشراكه في العمل الرسمي واستثمار كفاءاته.
في معترك البحث عن مفتاح المنصب، هناك دروب يتسلح بها الحالم بشاغر وزاري أو إداري عند موجات التغيير، وليس أسهل من فتح الجبهات عل بعض القطاعات والمؤسسات، وتصويب النقد، وتعرية التجاوزات والأخطاء، من على منابر الإعلام ومنصات المحاضرات والندوات لتشكل المناسبات والمؤتمرات فسحة للظهور وشن الخطابات بوجه الحكومة، حتى ليدّعي البعض إخراج الزير من البير، ليصمت صوت النقد فيما بعد، ويتحول إلى تلميذ نجيب مضاف إليه الفشل في تحقيق إنجاز يستحق الذكر قياسا بحجم الهجوم الذي كان يحصل من على المنابر التي كانت شاهدا على اشتعال المواقف لمعارضة اقتصادية تخبو.. بمجرد صدور قرار التكليف والتنصيب!!
علي بلال قاسم