بلدة منين معزولة.. الصحة العالمية تحذّر من منحى تصاعدي وسورية تطالب واشنطن برفع إجراءاتها القسرية
تنوّعت المبادرات التطوعية، التي انطلقت في المحافظات، لدعم الإجراءات المتخذة للتصدي لفيروس كورونا المستجد، بين حملات التوعية وتقديم المساعدات الإنسانية وتوزيع المواد الطبية، فيما أهابت وزارة الداخلية بالمواطنين عدم التستر على الأشخاص الذين يدخلون سورية بطريقة غير شرعية، والمبادرة للإبلاغ عنهم، حرصاً على الصحة العامة.
يأتي ذلك تمّ عزل بلدة منين بريف دمشق بعد وفاة امرأة من البلدة مصابة بـ “كوفيد 19″، وهي إحدى حالتي الوفاة التي أعلنت عنهما الوزارة سابقاً ضمن الحالات العشر المصابة بالفيروس المسجلة في سورية، في وقت أكد ممثل منظمة الصحة العالمية في سورية بالإنابة أن واقع الإصابات بالفيروس في بداية المنحنى التصاعدي، وأن ارتفاع عدد الإصابات أو انخفاضه يعتمد على صرامة التزام المواطنين بالإجراءات التي اتخذتها الحكومة للتصدي للفيروس.
بالتوازي، أكد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة الدكتور بشار الجعفري أن التصريحات الأمريكية الصادرة عن جيمس جيفري الموظّف في وزارة الخارجية الأمريكية حول سورية، يوم الاثنين الماضي، غير مسؤولة وتضليلية ومجرد محاولة للتغطية على جرائم وانتهاكات الولايات المتحدة الأمريكية ضد سيادة واستقلال وسلامة الأراضي السورية وأمن وسلام واستقرار وازدهار الشعب السوري، وقال: إن سورية تطالب حكومة الولايات المتحدة بالرفع الفوري وغير المشروط لجميع الإجراءات الاقتصادية القسرية أحادية الجانب المفروضة عليها.
وفي رسالة موجّهة إلى كلٍ من الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن الدولي، شدّد الجعفري على أن تصريحات جيفري تعكس استمرار سياسة الإنكار والمكابرة من حكومةٍ لا يمكن التعويل على أي دورٍ إنساني وعالمي لها في محاربة انتشار وباء فيروس كورونا، وأضاف: إن حكومة الولايات المتحدة الأمريكية تفرض منذ العام 1979 وحتى اليوم سلسلةً واسعة من الإجراءات الاقتصادية القسرية أحادية الجانب على سورية وقد تعاظم حجم وتأثير هذه الإجراءات غير الشرعية بحق الشعب السوري منذ تسع سنواتٍ إلى اليوم نتيجة إصدار الإدارتين الأمريكيتين السابقة والحالية ثمانية أوامر تنفيذية تقضي بتشديد الحصار الاقتصادي على الشعب السوري وفرض إجراءات عقابية جديدة غير مسبوقة على قطاعات المصارف والطاقة والاستثمار والاستيراد والتصدير والاتصالات والنقل الجوي والبحري والبري وذلك بغرض حرمان السوريين من حقوقهم الأساسية في الحياة.
وعرض الجعفري أهم الآثار السلبية المباشرة وغير المباشرة لتلك الإجراءات وهي انخفاض ترتيب سورية في دليل التنمية البشرية إلى قائمة أقل البلدان نمواً “تقرير التنمية البشرية 2016″، بالإضافة إلى أنها خلفت آثاراً سلبية خطيرة حتى على عملية إيصال المساعدات الإنسانية، فضلاً عن تقويض قدرة الشعب السوري على تلبية احتياجاته الأساسية وإلحاق الضرر بقدرة الحكومة السورية على توفير الخدمات الأساسية لمواطنيها ولا سيما في قطاع الطاقة، وتابع: وفي ظل الجائحة الصحية العالمية التي يتعرض لها عالمنا اليوم بسبب انتشار فيروس كورونا “كوفيد 19” تتعرض سورية لضغط إضافي وتحدياتٍ من نوعٍ مختلف في مواجهة هذه الجائحة الخطيرة التي تفرض على الحكومة السورية ضرورة توفير البنية التحتية الأساسية والمقومات الضرورية للقطاعات الصحية من أجل توفير الوقاية والفحوصات والعلاج للجميع دون استثناء وتوفير المواد الطبية والغذائية والخدمية الأساسية للجميع دون استثناء وتعزيز قوة الاقتصاد بشكلٍ يمنح الحكومة والقطاعات العامة والخاصة القدرة على دعم وتمويل الخطط والإجراءات اللازمة لضمان عدم وصول هذا الفيروس أو منع اتساع رقعة انتشاره وانتقاله بالعدوى ولا سيما إجراءات التعقيم والعزل وإغلاق الأماكن والمرافق العامة والخاصة أو حتى الطلب من المواطنين التزام منازلهم وعدم الخروج لفترةٍ زمنية معقولة.
وأكد الجعفري أنه لا يمكن تقييم السياسات العدائية التي تنتهجها حكومة الولايات المتحدة الأمريكية ضد الشعب السوري إلا على أنها خرق مباشر وفاضح للميثاق ولمبادئ القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني ولقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالحالة في سورية وأما استمرار الحكومة الأمريكية اليوم في فرض الإجراءات الاقتصادية القسرية أحادية الجانب ضد الشعب السوري على الرغم من التهديدات الخطيرة التي يفرضها انتشار هذا الوباء العالمي على الإنسانية جمعاء، فهو دليلٌ جديد على أن هذه الحكومة لا تقيم وزناً للاعتبارات الإنسانية ولا تلتفت للنداءات العالمية الصادرة عن قيادات الأمم المتحدة ومنظماتها، وعن زعماء العالم والرأي العام العالمي، بهدف تحقيق التضامن العالمي في مواجهة هذا الوباء.
وأضاف الجعفري: إن سورية تطالب حكومة الولايات المتحدة الأمريكية بالعمل فوراً على الرفع الفوري وغير المشروط لجميع الإجراءات الاقتصادية القسرية أحادية الجانب التي تفرضها عليها ولا سيما على قطاعات المصارف والنقل الجوي والبحري والاتصالات والطاقة والنفط، وبما يسمح بالتدفق الحر للمواد والمعدات الطبية بشكلٍ خاص ويعزز قدرة سورية على مواجهة هذا الوباء ومنع انتشاره دون أي قيود، وأردف: إن سورية تطالب أيضاً بخروج القوات العسكرية الأمريكية المحتلة من جميع الأراضي السورية ولا سيما من حقول النفط والغاز، والسماح للدولة السورية بإعادة بسط سيطرتها على مختلف هذه المناطق وبإعادة إعمار وصيانة محطات النفط والغاز وتوجيه مواردها لصالح الشعب السوري حصراً وإغلاق كل المعسكرات والمخيمات غير الشرعية التي تقيمها الولايات المتحدة والميليشيات الانفصالية غير الشرعية التابعة لها على الأراضي السورية وبما يضمن إخراج جميع المقاتلين الإرهابيين الأجانب وأفراد عائلاتهم من سورية وإعادتهم إلى بلدانهم الأصلية و لا سيما إرهابيي تنظيم “داعش” ووقف تلك المسرحيات الخطيرة وغير المسؤولة التي تهدف إلى إطلاق سراح وتهريب المقاتلين الإرهابيين الأجانب من أماكن الاعتقال التي تشرف عليها جماعات “قسد” الانفصالية في سجون مدينة الحسكة وغيرها من حينٍ لآخر.
وشدد الجعفري على أن الحكومة السورية تحتفظ بحقها في تحميل الحكومة الأمريكية وشركائها في إطار ما يسمى “التحالف الدولي” المسؤوليات القانونية والأخلاقية والمالية عن تدمير مدن الرقة ودير الزور وعين العرب وهجين ومناطق أخرى في سورية وكذلك المسؤوليات عن استهداف العمليات العسكرية غير الشرعية التي قام بها هذا التحالف للبنى التحتية السورية والتي أدت إلى تدميرها بشكل كلي أو جزئي وبما يشمل الطرقات والجسور ومحطات الطاقة الكهربائية وآبار النفط والغاز وطرق الإمداد.
وقال الجعفري في ختام الرسالة: تؤكد حكومة الجمهورية العربية السورية على أنها قامت بتعبئة كامل مواردها البشرية والطبية والغذائية المتوفرة لخدمة السوريين جميعاً وأينما كانوا في مواجهة هذا الوباء العالمي كما تقدر عالياً المواقف والتصريحات التي صدرت عن الأمين العام للأمم المتحدة مؤخراً والتي دعا فيها إلى وضع حدٍ للإجراءات القسرية أحادية الجانب المفروضة على العديد من شعوب العالم ومن بينهم الشعب السوري وتؤكد الحكومة السورية على أن أي جهدٍ جماعي وعالمي لمكافحة اتساع رقعة انتشار هذا الفيروس الخطير والقضاء عليه، لا يمكن أن تستوي في ظل استمرار سياسة فرض الحصار الاقتصادي من قبل بعض الحكومات وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية على أكثر من ملياري إنسان في عالمنا هذا.
في الأثناء، أعلن وزير الصحة الدكتور نزار يازجي أنه تم الطلب من السلطات المعنية تطبيق عزل بلدة منين بريف دمشق بعد وفاة امرأة من البلدة مصابة بـ”كورونا”، وهي إحدى حالتي الوفاة التي أعلنت عنهما الوزارة سابقاً ضمن الحالات العشر المصابة بالفيروس المسجلة في سورية.
وأوضح يازجي أن قرار العزل جاء حفاظاً على صحة المواطنين ومنعاً لانتشار الفيروس لأن المتوفاة لديها زوج وأولاد ولديهم محل تجاري ولم يلتزموا بالحجر الصحي وواصلوا البيع في محلهم والاحتكاك بالمواطنين وهذا خطر على الأهالي الموجودين في المنطقة، إضافة إلى وجود عدد ليس بالقليل من القادمين من لبنان بشكل غير شرعي ويمكن أن يكون بينهم مصابون لذلك تم الطلب من السلطات المعنية أن يكون التشدد في عملية الدخول والخروج أي العزل لهذه المنطقة للاطمئنان على صحة المواطنين بشكل كامل.
وبين يازجي أنه تم أخذ عينات من زوج السيدة المتوفاة وابنها وأقاربها كما سيتم أخذ عينات عشوائية لعدد من المواطنين في المنطقة وعند صدور نتائجها سيتم الإعلان عنها.
إلى ذلك، أعلنت وزارة الصحة أن فرق منظومة الإسعاف والطوارئ في الوزارة نقلت اليوم حالتين إلى الهيئة العامة لمشفى دمشق (المجتهد) من منطقة الزاهرة الأولى لرجل فارق الحياة نتيجة جلطة قلبية والثانية لمتسولة لديها شكوى سعال.
وأوضحت الوزارة في بيان أن الرجل الذي فارق الحياة كان برفقة زوجته وابنه اللذين أكدا أن لديه مشكلة في القلب والضغط وتعرض لأزمة قلبية وطلبا على إثرها الإسعاف مشيرة إلى أنه سيتم أخذ مسحة للمتوفي لنفي أو إثبات إصابته بفيروس كورونا المستجد.
وذكرت الوزارة أن الحالة الثانية فهي لمتسولة تم إسعافها إلى مشفى دمشق وهي بحالة صحية جيدة لكنها تعاني من السعال وسيتم إجراء الاستقصاءات الطبية اللازمة لتشخيص حالتها.
وفي السياق نفسه، أعرب ممثل منظمة الصحة العالمية في سورية بالإنابة، الدكتور نعمة سعيد عبد، عن تفاؤله بقدرة سورية على الاستجابة للتصدي للفيروس ومنع انتشاره رغم صعوبة الظروف التي تمر بها بسبب الحرب المستمرة منذ عشر سنوات لافتا إلى أن منظمة الصحة العالمية تعمل باتجاه رفع الإجراءات القسرية المفروضة على سورية التي تؤثر في القطاع الصحي وتنادي بقوة من أجل ذلك.
وذكّر سعيد عبد بنجاح الكوادر السورية في التصدي لشلل الاطفال عام 2017 بزمن قياسي مبيناً في الوقت نفسه الاختلاف بين جائحة كورونا وغيرها من الأوبئة وأن التصدي له يحتاج إلى تضافر جهود جميع القطاعات الحكومية والخاصة والمجتمع الأهلي والدور المهم للمواطن في التصدي، وأضاف: “رغم كل الصعوبات التي تعرضت لها سورية إلا أن النظام الصحي فيها يقوم على أسس قوية لكن من المؤكد أنه يحتاج إلى دعم كبير لأن أقوى النظم الصحية في العالم تعاني حالياً في مواجهة هذه الجائحة التي لم يسبق لها مثيل”.
وأضاف ممثل منظمة الصحة العالمية إن معظم الدول تمر بقمة منحنى تسجيل الإصابات بالفيروس لبضعة أسابيع بعدها يبدأ بالانحسار والنزول مشيراً إلى أن إمكانية أن يكون منحنى الإصابات أقل ارتفاعاً مرتبطة بالإجراءات الحكومية المتخذة في كل دولة والتزام المواطنين بها منوهاً بالإجراءات التي اتخذتها الحكومة السورية كتعطيل المدارس والجامعات والحد من التجمعات والحركة بين المدن.
وأشار إلى أن سورية سجلت حتى الآن عدداً قليلاً من الإصابات لكن لا يمكن فصل الوضع فيها حول فيروس كورونا عن بقية دول العالم لأن الفيروس عابر للقارات وينتشر بسرعة كبيرة حيث وصل عدد الدول التي سجلت إصابات بالفيروس إلى أكثر من 200 دولة وتجاوز العدد الكلي للإصابات في العالم 800 ألف وعدد الوفيات نحو 40 ألفا، وشدد على أن أهم إجراء للحد من تفشي الفيروس هو مدى التزام المواطن بالإجراءات المتخذة من الدولة إضافة إلى الحفاظ على مسافة المباعدة بين شخص وآخر وغسل اليدين بالماء والصابون أو الكحول بشكل متكرر والالتزام بالعادات الصحية عند السعال أو العطاس واستخدام المناديل أو الكوع.
وحول التعاون بين المنظمة ووزارة الصحة بين الدكتور سعيد عبد أن الاهتمام الأول تركز على تعزيز التشخيص المختبري للفيروس عبر تقديم المستلزمات المخبرية حيث قدمت المنظمة على دفعات عدداً من وسائل التشخيص والشواهد المعيارية “الكيتات” إلى جانب تقديم 5 أجهزة “بي سي ار” مختبرية إضافة إلى الأجهزة الموجودة في المختبر المركزي بالوزارة وتم تركيب جهازين حتى الآن وقريبا سيتم تركيب بقية الأجهزة بعد اكتمال إجراءات المعايرة الخاصة بها.
وأشار الدكتور سعيد عبد إلى أن سورية من أولى الدول التي زارتها خبيرة المنظمة وشاركت كادر المختبر المركزي في الوزارة بتجهيزه وأكدت قدرته الكاملة على إجراء مثل هذه الفحوصات المتعلقة بتشخيص فيروس كورونا المستجد موضحاً أن المنظمة تدعم جهود وزارة الصحة في إحداث مختبرين لإجراء فحص الإصابة بفيروس كورونا في كل من اللاذقية وحمص مع استعدادها لاستقدام فريق طبي متعدد الاختصاصات إلى سورية يدعم عمل فريق الوزارة في مجال التدريب وتقديم كل ما يلزم من وسائل الحماية للكوادر الطبية والأجهزة، ولفت إلى أن تركيز عمل المنظمة يشمل أيضاً تأمين أجهزة الحماية للكوادر الصحية واصفاً إياهم بالأبطال الذين يتعرضون للخطر من أجل خدمة الآخرين كما تقدم لهم المنظمة الدلائل الإرشادية للمعالجة وتدبير منع العدوى داخل المؤسسات الصحية ورفع الوعي والتنبيه بالمخاطر مشيراً إلى أن المنظمة تواجه أيضاً صعوبات وتحديات لتوفير المستلزمات نظراً لشحها على المستوى العالمي فضلا عن إغلاق الحدود حيث “طالب المدير العام للمنظمة بقوة من جميع الدول بفتح الحدود من أجل إدخال التجهيزات الصحية”.
وختم الدكتور سعيد عبد بالتشديد على أهمية تطبيق الحجر الصحي بشكل طوعي من قبل أي شخص قادم من بلد سجلت حالات إصابة بالفيروس لضمان سلامته وسلامة أسرته والمجتمع على أن يتم الحجر الصحي في مركز مختص أو في المنزل في حال تعذر ذلك.
وفي إطار الإجراءات الحكومية، تم تسيير 20 بولماناً و31 ميكروباصاً (شبه بولمان) و38 سرفيساً (فان) و8 سرافيس و3 باصات من كراج البولمان في القابون ومركز انطلاق الشمال كراج العباسيين إلى المحافظات، فيما أنهت وزارة التربية عملية تعقيم وتنظيف 9024 مدرسة في جميع المحافظات.