أردوغان يستغل الوباء لسرقة الأتراك وتلميع صورته السياسية
أردوغان يستغل كورونا لتلميع صورته سياسياً وسرقة الأتراك
طغى ضجيج الدعاية لمواجهة فيروس كورونا في خطابات رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان على حقيقة وواقع تفشي كوفيد 19 في تركيا، معلناً قدرة بلاده على التغلب على الوباء، بينما يفتك الأخير بعشرات الأتراك، ويجتاح كل يوم بلدة أو مدينة، فيما وجّهت المعارضة التركية انتقادات حادة للحملة التي دعا إليها أردوغان الاثنين الماضي لدفع تبرعات في إطار مواجهة وباء كورونا، في إطار حديثه عن الدور الاجتماعي للدولة.
وتساءلت رئيسة فرع حزب الشعب الجمهوري المعارض بإسطنبول، جنان كفتانجي، ساخرة، موجّهة كلامه لأردوغان، “عن أي دولة اجتماعية تتحدّث يا عزيزي، أين أموال صندوق البطالة التي تجمع منذ سنوات، وضرائب المواطنين، فضلاً عن الأموال التي منحت لصناديق التضامن الاجتماعي، أهذه دولة تطلب الأموال من المواطنين بدلاً من أن تعطيهم؟!”.
وتحدّثت المعارضة عن ضرورة أن تتحمّل الدولة مسؤوليتها الاجتماعية في مواجهة الأزمة عوض البحث عن أموال المواطنين عبر التبرعات.
وطالبت سيلين سايك بوك، عضو حزب الشعب الجمهوري في البرلمان عن إزمير، النظام التركي بالقيام بواجبه ومواجهة الفيروس، وذلك من خلال إبراز دور الدولة الاجتماعي والانفاق لحماية الصحة العامة.
ويشير حزب الشعب الجمهوري المعارض إلى أن حكومة حزب العدالة والتنمية تبحث دائماً عن جيوب دافعي الضرائب، وأن نظام أردوغان يمارس السياسة عبر التبرعات، ومن خلال رفض الحملات التي أنشأتها البلديات، التي تترأسها المعارضة بعد فوزها في الانتخابات المحلية السنة الماضية.
وعبّرت المعارضة عن استغرابها من دعوة النظام التركي للتبرّع في مواجهة الوباء، في وقت يستغل فيه سياسياً إرسال الطائرات المحمّلة بالمواد الطبية إلى دول تعاني من كورونا على غرار ايطاليا واسبانيا.
وعبّر كثير من المواطنين الأتراك عن غضبهم من نظام أردوغان، الذي يدعو للتبرع متناسياً دورها الاجتماعي تجاه المتضرّرين، في وقت يستغل فيه سياسياً دعمه لدول تعاني من الأزمة.
وكان النظام التركي قد انتقد جهود البلديات، التي تسيطر عليها المعارضة، في مواجهة كورونا، حيث قال أردوغان الأربعاء: إن الحملات الخيرية التي تقوم بها البلديات التي تديرها المعارضة أثناء تفشي وباء فيروس كورونا كانت محاولة لتشكيل دولة موازية، حسب زعمه، زاعماً: “إن جميع حملات المساعدة يتمّ تنسيقها من قبل هيئات خاضعة لسيطرة الدولة، ولا يوجد سبب يدعو إلى أن تصبح البلديات الرئيسية، التي تديرها المعارضة في إسطنبول وأنقرة، دولة داخل دولة”.
وكان أردوغان أطلق الاثنين حملة تبرعات، متعهّداً بالتبرع براتب 7 أشهر، في وقت منعت فيه وزارة داخليته يوم الثلاثاء الحملات البلدية لمساعدة الأسر الفقيرة من تفشي الوباء.
وتظهر جلياً رغبة أردوغان في استغلال التبرعات لصالحه، واستغلال ذلك سياسياً، في وقت يعاني فيه الأتراك من خطر انتشار الوباء، حيث أوقف بنك يديره نظامه حساب تبرّع بلدية أنقرة، مبرّراً ذلك بأن البلديات لا يمكنها جمع المساعدات خلال الوباء دون إذن من حاكم المقاطعة، الذي عينّته الحكومة المركزية.
ولمواجهة قرارات أردوغان عمدت بلديتا انقرة واسطنبول إلى اللجوء للمحكمة لمواجهة الحظر الذي يفرضه النظام التركي.
وتتهم المعارضة حكومة العدالة والتنمية بالتسبب في انتشار الفيروس نظراً لعدم اتخاذ إجراءات مبكرة لتطويق الوباء، وتجاهل التحذيرات المتكرّرة لإعادة حوالي 15 ألف خبير في قطاع الصحة إلى وظائفهم بعد فصلهم بقرار شخصي من أردوغان.
ولا تختلف لهجة أردوغان عن تلك التي تحدث بها الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع ظهور فيروس كورونا وإعلانه قدرة أميركا على مواجهته، حتى تفاجأ الأميركيون بالفيروس يجتاحهم وبوتيرة أسرع مما توقع ترامب. وكذلك كان الحال بالنسبة لرئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، الذي اختار مقاربة مناعة القطيع فكان هو ومسؤولون في حكومته ضحية لكوفيد 19، والأمر ينطبق كذلك على عدة دول استخفت بحجم خطر كورونا.
وكان لافتاً في خطابات أردوغان منذ ظهور إصابات بالفيروس في بلاده، مسار الاستثمار السياسي لأزمة إنسانية يفترض أن يتعالى فيها على الحسابات السياسية الضيّقة لصالح المصلحة العامة وحماية الشعب التركي من جائحة تجمع كل المؤشرات على أن تداعياتها ستكون كارثية على كافة المستويات.
ومع انتشار الفيروس في تركيا يعمد النظام التركي إلى إطلاق سراح المساجين والمجرمين تاركاً معارضيه ومنتقدي سياساته في غياهب زنازينه، يفتك بها الفيروس القاتل دون أي وازع أخلاقي.
صحيفة الغارديان البريطانية التي أوردت خبر استثناء أردوغان لمعارضيه وللصحفيين وأصحاب الرأي المعارض وحقوقيين بوقت ينتشر فيه فيروس كورونا المستجد في أنحاء البلاد، حاصداً نحو 277 حالة وفاة وإصابة 15 ألف شخص، في غياب كامل لإجراءات الوقاية، أشارت إلى تفاقم حالة الغضب الشعبي والانتقادات لأردوغان بسبب تردي الأوضاع داخل السجون التركية، والتي ستصبح أكثر سوءاً بسبب تفشي الفيروس.
توقعات الصحيفة بشأن المعتقلات التركية والأوضاع المزرية فيها استندت إلى تقارير إخبارية جديدة تؤكّد أن معظم الموظفين في هذه المعتقلات لا يرتدون أقنعة واقية أو قفازات في إطار الإجراءات المتبعة للحد من تفشي كورونا.