لأول مرة منذ رحيله.. تأجيل إحياء ذكرى رحيل العندليب الأسمر
في سابقة تحدث لأول مرة منذ رحيله عام 1977 تم تأجيل إحياء الذكرى الـ43 لرحيل العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ والذي كان من المقرر إقامته في 30 آذار بسبب الإجراءات الاحترازية لمواجهة فيروس كورونا في مصر، ومن المعروف أن أسرة العندليب اعتادت طوال السنوات الماضية التوجه في ذكرى رحيله إلى مقبرته لقراءة الفاتحة وتوزيع الصدقات على روحه بصحبة عدد كبير من محبيه، ثم العودة إلى منزله في حي الزمالك بناء على وصيته.
أحد عمالقة الغناء
يُعد عبد الحليم حافظ من أهم الفنانين في مصر والوطن العربي، ويُعتبر أحد عمالقة الغناء العربي ومن أهم المطربين الرومانسيين العاطفيين، في رصيده أكثر من ثلاثمئة أغنية، إضافةً لأدائه دور البطولة في ستة عشر فيلماً، فجمع بين الغناء والتمثيل، تاركاً وراءه إرثاً فنياً كبيراً وهو الذي ولد عام 1929 ورحل في عمر الـ47 بعد رحلة طويلة مع اليتم والمرض، حيث توفيت والدته بعد ولادته بأيام، ومن ثم وبعد فترة توفي والده، وظهر حبه للموسيقا بعد دخوله المدرسة في العام 1935 وكان رئيساً لفريق الأناشيد في مدرسته، وبعد سنوات وفي العام 1943 التحق بمعهد الموسيقا العربية قسم التلحين وفيه التقى بالفنان كمال الطويل الذي كان طالباً في قسم الغناء والأصوات، حيث درسا معاً في المعهد حتى تخرجهما في العام 1948 حيث تم ترشيح اسمه للسفر في بعثة حكومية إلى الخارج، لكنه ألغى سفره وعمل أربع سنوات مدرّساً للموسيقا بمدارس طنطا والزقازيق والقاهرة، ثم قدم استقالته من التدريس والتحق بفرقة الإذاعة عام 1950 بعد أن قدّم قصيدة “لقاء” كلمات صلاح عبد الصبور لحن كمال الطويل، وكان الإعلامي حافظ عبد الوهاب قد سمح له باستخدام اسمه “حافظ” كنسبة له بدل نسبته “شبانة” عندما سمعه يغني في بيت مدير الإذاعة المصرية عام 1951.
كراسة الحب والوطنية
بدأ عبد الحليم حافظ بغناء أغانيه الخاصة منذ العام 1951 مع أغنية “لقاء” و”صافيني مرة” عام 1953 كلمات سمير محجوب ألحان محمد الموجي والتي تعرضت لانتقاد كبير لأسلوبها المختلف عما كان متداولاً، وفي العام الذي تلاه أعادها مرة أخرى في حفل أقيم بمناسبة يوم إعلان الجمهورية وحققت نجاحا كبيراً، وفي العام 1955 حاز على لقب العندليب الأسمر بعد نجاحه الكبير في فيلم “لحن الوفاء”. كما غنى أمام 8 آلاف شخص في لندن لصالح المجهود الحربي بعد حرب العام 1967 وغنى في فترة الستينيات عدداً كبيراً من الأغاني الوطنية.
تعاون عبد الحليم حافظ خلال مسيرته الغنائية مع كبار الملحنين: محمد الموجي، كمال الطويل، محمد عبد الوهاب، بليغ حمدي، وغنى قصائد “حبيبها” و”لا تكذبي” كلمات كامل الشناوي ألحان محمد عبد الوهاب و”لست أدرى” لإيليا أبو ماضي ألحان محمد عبد الوهاب و”رسالة من تحت الماء” كلمات نزار قباني ألحان محمد الموجي و”قارئة الفنجان” وكانت آخر ما غناه عام 1976 من كلمات نزار قباني وألحان محمد الموجي، في حين لم يمهله القدر لغناء “من غير ليه” إلا عبر بروفة سُربت للإعلام وهي من كلمات مرسي جميل عزيز وألحان محمد عبد الوهاب, ويُذكر أن مجدي العمروسي صديق عبد الحليم حافظ قام بجمع أغانيه في كتاب أطلق عليه اسم “كراسة الحب والوطنية”.
أفلامه
شهدت السينما المصرية 16 فيلماً لعبد الحليم حافظ وتنوعت الأدوار التي قدمها فيها ووصِف العام 1955 بعامه الذهبي سينمائياً حيث شهد عرض أربعة أفلام له هي: “لحن الوفاء” مع شادية و”أيامنا الحلوة” مع فاتن حمامة و”ليالي الحب” مع آمال فريد و”أيام وليالي” مع إيمان ليكون فيلم “أبي فوق الشجرة” عام 1969مع نادية لطفي وميرفت أمين آخر أفلامه.
أما في الإذاعة فقد شارك عبد الحليم حافظ في مسلسل وحيد هو “أرجوك لا تفهمني بسرعة” عام 1973 إلى جانب نجلاء فتحي وعادل إمام إخراج محمود علوان.
أُنتِج فيلم سينمائي بعنوان “حليم”عن حياته إخراج شريف عرفة بطولة أحمد زكى الذي توفي خلال تصوير الفيلم ليكمل من بعده ولده هيثم أحمد زكي، كما تم إنتاج مسلسل “العندليب حكاية شعب” الذي يروي سيرة عبد الحليم حافظ، إضافة إلى الأحداث التي مرت بها مصر خلال فترة وجوده منها قيام الثورة المصرية والحرب مع إسرائيل، وتذكر المصادر أن عبد الحليم حافظ كان يحلم بتقديم قصة “لا” للكاتب مصطفى أمين على شاشة السينما ورشح نجلاء فتحي لبطولتها، ولكن القدر لم يمهله، حيث توفي يوم الأربعاء 30 آذار 1977 في لندن عن عمر يناهز الثمانية والأربعين عاماً بعد صراع طويل مع المرض، وقد حزن الجمهور حزناً شديداً عليه، حتى أن فتيات كثيرات انتحرن بعد معرفتهن بخبر وفاته، وقد شُيع جثمانه في جنازة مهيبة لم تعرف مصر مثلها إلا في وفاة جمال عبد الناصر وأم كلثوم حيث حضر جنازته أكثر من مليوني شخص.
عُرف عبد الحليم حافظ بأعماله الخيرية حيث كان يقدم المساعدة للعديد من دور الأيتام والمستشفيات في جميع بلدان الوطن العربي من خلال التبرع بالمال وتعليم الموسيقا ومساعدة المحتاجين، وفي العام 1969 بنى مستشفى في قرية الحلوات بمصر واشتهر بمعاملة الناس الفقراء والأغنياء على قدم المساواة، وما يزال المستشفى مستمراً في عمله حتى اليوم.
أمينة عباس