ارتفاع أسعار البطاطا المستوردة والمنتجة محليا.. ملف يثير الشبهات!!
طالعنا وزير الزراعة المهندس أحمد القادري، قبل أمس، بتصريح – برأينا – يعكس أمنيات وتوقعات، خلافا لما خبرناه وجربناه سابقا من وقائع تحكم الإنتاج ومعادلات السوق والتسويق والأسعار، وحقيقة العلاقة فيما بينها، والتي لا تزال خفية وعصية على المنطق الاقتصادي والإنتاجي والسعري!
سر “الحلقة”
قال مبشرا بإنتاج زراعي وفير يخفض الأسعار: “نحن مقبلون على إنتاج زراعي بكميات وافرة ومتنوعة خلال الأيام القادمة، نتيجة الإجراءات التي اتخذتها الدولة السورية خلال سنوات الحرب، بالحفاظ على قطاع الزراعة، وأن الوفرة بعرض المنتجات الزراعية ستؤدي إلى خفض أسعارها في السوق، وتبقى الخطوات الهامة الواجب اتخاذها وهي كسر حلقة الوساطة بين الفلاح والمستهلك، حتى لا ترتفع الأسعار”.
إشارات استفهام
ما أدلى به الوزير قوبل بتساؤلات محقة تدعمها وقائع ومحصلات السوق والصندوق، والقوى المتحكمة والمؤثرة بهما؛ ولا ندري صراحة إن كان لديه ردودا عليها، وتستند إلى الواقعي العملي، وليس النظري، في حسابات الاقتصاد الزراعي.
على سبيل المثال، لا الحصر، سأل أحد الاقتصاديين: متى كانت الأسعار في سورية يحددها قانون العرض والطلب!؟
وهل الاقتصاد السوري بكل مكوناته وعناصره يخضع لقوانين وسياسات اقتصادية واضحة!؟
وأضاف مخاطبا الوزير: إن تنشيط الاقتصاد وحركة الشراء والبيع (السلعي والخدمي والإنتاجي) مرتبطان بالقدرة الشرائية للمواطن، وأنتم أدرى بضعف وانعدام هذه القدرة، مؤكدا خطأ الاعتقاد بأن ضعف القدرة الشرائية للناس يخفض الطلب!
كما أكد أن سعر أية سلعة (في أسواقنا فقط)، بما فيها السلع الزراعية من إنتاجنا، تحددها حلقة “الوسطاء” أولا وأخيرا، وهذه الحلقة لا ينطبق عليها أي قانون!
أنموذج
ولعل خير مثال، على ما نطرحه ونتدارسه، منتج البطاطا الذي لو أردنا متابعة إنتاجه وأسعاره، لتهنا في تلمس حقائق ما يحدث على صعيد هذا المنتج الغذائي الرئيس للمستهلك، الأمر الذي يشي أن هناك تخبطا واضحا في إدارة ملف هذا المحصول، سواء المستورد، أم المنتج محليا في مواسمه وأسعاره!
مفارقات!
البارحة مثلا، تم نشر أسعار بعض الخضار في سوق هال طرطوس. ووفقا لاتحاد الفلاحين نفسه كان سعر البطاطا 250 – 350 ليرة، بينما – وبحسب الاتحاد نفسه، وفي اليوم نفسه أيضا – قام الاتحاد، وضمن مبادرته لدعم المواطنين في ظل انعكاسات أزمة كورنا، باستجرار كمية من محصول البطاطا في سهل عكار (من المنتج للمستهلك مباشرة)، بسعر 450 ليرة للكغ الواحد!
توقعات مبشرة
وأكد مصدر اقتصادي لـ “البعث”، وبعد جولة له في منطقة القلمون، أن كثيرا من الفلاحين هناك يزرعون حاليا بذار بطاطا، بشكل كبير، وخصوصاً في سهل يبرود وعسال الورد وعدد من البلدات الجبلية في المنطقة، والتوقعات أن يكون سعر كيلو البطاطا اليبرودية أقل من 400 ليرة، حسب الفلاحين..
المصدر لفت إلى أن ذلك يعني أن أي كيلو بطاطا فخم، مستورد، يجب أن يباع بأقل من 400 ليرة، لأن البطاطا اليبرودية هي الأفخم، علما – وعلى ذمة مصدرنا – أن أفخم بطاطا مصرية للتصدير تباع بـ 1 دولار لكل 13 كيلو بطاطا، واصلة على متن الباخرة / ميناء مصري /، بينما بطاطا عكار والبقاع / لبنان /، وهي أفخم من المصرية، تباع بسعر تصدير 1 دولار لكل 10 كيلو بطاطا، وبتكلفة نقل أقل وأسرع من المصرية! وهذا مؤشر مهم جدا وغائب!؟
فتح اعتماد
ويقترح المصدر على الحكومة فتح اعتماد بكمية 50 ألف طن فقط، ما يخفف على المواطن أعباء شراء هذا المنتج، لاسيما وأن مصر ولبنان يقبلان تبادلا سلعيا بدون استهلاك قطع أجنبي؛ فالـ 50 ألف طن – تعني 50 مليون كيلو – تربح الدولة 5 مليون دولار، إضافة لتخفيض سعر المفرق السوري إلى 350 ليرة للكغ الواحد، وهذا قرار إستراتيجي. وإذا وصلت البطاطا أواخر نيسان، فسوف تكفي سورية لشهر على الأقل، وعندها تكون مواسمنا الزراعية بدأت بالورود إلى الأسواق!
بيضة القبان
بيصة القبان هي الفارق السعري الكبير بين البطاطا المصرية واللبنانية، وبين سعر المفرق السوري، وهو فارق يجب أن يكون حافزا للحكومة لكي تستوردها وتطرحها بالأسواق المحلية!
ونختم بسؤال: لماذا نستورد من مصر ولا نستورد من لبنان، على الرغم مما سيتحقق من فوائد وعوائد في عدد من النواحي التي لا تحتاج لشطارة ومهارة!؟
قسيم دحدل