بين أيادي الظل البيضاء وأكف الأضواء السوداء.. تبرعات أم “استعراضات فيسبوكية” في زمن كورونا!؟
تلعب مكونات المجتمع المحلي، من أفراد وشركات ومؤسسات، دورا هاما في عملية الدعم ومشاركة الحكومة في تقديم الخدمات للمواطنين وخاصة أثناء الحروب أو المحن والشدائد، حيث تشهد هذه الفترة تبرعات ومساعدات يقدمها بعض المقتدرين ورجال الأعمال والمؤسسات والجمعيات الخيرية نتيجة صعوبة تنقل المواطن كون هناك إجراءات حكومية وقائية منعا من انتشار مرض كورونا.
تبرع بصمت
ومع وجود متبرعين ترفع لهم القبعات كونهم يعملون بصمت من دون ضوضاء تحت الظل بعيدا عن الكاميرات والحملات الإعلانية على صفحات التواصل الاجتماعي، يصر البعض من رجال الأعمال المقبلين والمتحضرين لأجواء انتخابية على إذلال المواطن من خلال استحضار كاميرات التصوير وهم يقدمون مادة الخبز أو أي مادة غذائية أخرى، ما أثار حفيظة متابعين لصفحات التواصل الاجتماعي بعد نشر صور لمتبرعين وأرقام وأعداد لا يمكن التأكد من صحتها أو التشكيك بها كون الموضوع يبقى رهين “الفيس بوك”، وبعيدا عن الجهات الحكومية وتوضيح مصداقية التبرعات، وهل تصل إلى مستحقيها الأساسين أم أن هناك ما وراء الأكمة!!
تنسيق وتعاون
“البعث” تابعت مع محافظة ريف دمشق، حيث أوضح عضو المكتب التنفيذي في المحافظة عامر خلف أن المتبرعين ينسقون مع المحافظة عن طبيعة التبرع وما يريدون تقديمه وكيفية ومكان التوزيع، مشيرا إلى أن الموضوع يتم عن طريق الوحدات الإدارية كونها الأعلم بمناطقها والمحتاجين فيها.
وأكد خلف رفض المحافظة التبجح والتطبيل والتزمير بالتبرعات، وخاصة ما ينشر على صفحات التواصل الاجتماعي، لافتا إلى أهمية مشاركة المجتمع المحلي والفعاليات ضمن هذه الظروف والوقوف صفا واحدا مع الحكومة ولكن من دون أذية مشاعر المواطن.
ولم يخف متابعون عدم وصول تلك التبرعات لمستحقيها في بعض الأماكن، حيث أن هناك تضخيما كبيرا على صفحات التواصل للأرقام وحجم التبرعات، في حين اعتبر متبرعون آخرون أنهم يعتمدون في تخصيص تبرعاتهم على رؤساء الوحدات الإدارية والجهات المعنية في كل منطقة من أجل التعاون في التوزيع وإيصال المساعدات لأصحابها الفعليين.
مراقبة وإشراف
ولم تقتصر التبرعات والمساعدات على رجال الأعمال والفعاليات بل ساهمت الجمعيات الخيرية بتوزيع إعانات ومواد غذائية وتنظيف، إضافة إلى قيام المؤسسات الخيرية بمشاركة المؤسسات الحكومية بعمليات التعقيم والتنظيف وتوزيع الكمامات والمواد المعقمة، وفق ما أوضحت مديرة الشؤون الاجتماعية والعمل في ريف دمشق فاطمة رشيد التي بينت وجود 150 جمعية خيرية على مستوى المحافظة تقوم بعملها تحت إشراف ومتابعة المديرية وفي حال تبين هناك خلل أو مخالفة من إحدى الجمعيات سيتم إغلاقها.
ولفتت رشيد إلى دور الجمعيات الخيرية في تقديم المساعدات للعائلات المحتاجة حسب قوائم وبيانات نظامية مقدمة، مشيرة إلى أن التركيز قائم خلال هذه الفترة على مواد التنظيف والتعقيم والمساعدات الغذائية من أجل المحافظة على سلامة المواطنين ومنعا من انتشار فيروس كورونا مع تطبيق الإرشادات الصحية اللازمة.
وشددت رشيد على ضرورة تعاون المواطنين مع المديرية وتقديم الشكوى في حال وجود تقصير أو خلل بعمل أي جمعية.
واعتبرت رشيد أن التصوير يتم من أجل توثيق عمل الجمعيات ولكن من دون صور للمستحقين أو مسؤولي الجمعيات التي تقدم المعونات، ولاسيما أن من أساسيات عمل الجمعيات الخيرية عدم نشر صور أثناء التوزيع.
تحكيم الضمير
ومع تحفظ مراقبين على عمل بعض شعب الهلال الأحمر وطريقة التوزيع غير العادلة وتحكم شخصيات في اختيار المستحقين ومزاجية الانتقاء حسب المصالح الشخصية والعلاقات المشتركة، يبقى أمل المواطن بأن يكون الضمير الحي هو أساس العمل فمن يريد أن يتبرع أو يقدم مساعدة يجب أن يراعي مشاعر المواطن المحتاج وأن يبتعد عن “البروظة” والتبجح، لاسيما أنه يجب “ألا تعلم يده اليسرى ما قدمته اليمنى”.
علي حسون