ثقافةصحيفة البعث

في زمن العزلة الإجبارية!!

جُمان بركات

وصل مرض الطاعون إلى مدينة حلب عام 1349، وظل يفتك بالمدينة مدة 15 عاماً، ما أسفر عن موت حوالي ألف شخص كل يوم؛ وكما يقال فـ “الإبداع يولد من رحم المعاناة” إذ كتب ابن الوردي – الذي عاش في حلب ودمشق وبلاد الشام – واصفاً الطاعون بالموت الأسود، وحاله في أبيات كتبها قبل يومين من وفاته:

ولستُ أخافُ طاعـوناً كغيــري فمـا هوَ غيرُ إحـدى الحسنـييـنِ

فإنْ متُّ استرحتُ من الأعادي وإنْ عشتُ اشتفتْ أذني وعيني

وعندما قرر نيوتن الانعزال في مكان في الريف يبعد مسيرة ساعة عن جامعة كامبريدج التي كان يدرس فيها، وبقي فيه مدة 18 شهراً، توصل إلى نظرية الجاذبية. والواقع، كما هو معروف أن لكل أديب طقسه الخاص في الكتابة أو ما يسمى بالعزلة الإبداعية، ونحن اليوم في عزلة إجبارية يعيشها الكتاب والشعراء محاولين التأقلم مع شروطها، فقد أضيف إلى طقوسهم ظرف جديد هو عزلة الحجر المنزلي بسبب كورونا، فكيف يعيش الأديب هذه العزلة وما تأثيرها على المزاج الإبداعي؟ وماذا سينتج عنها من إبداعات أدبية؟.. أسئلة توجهنا بها إلى بعض الأدباء:

سهر الورد

الدكتور نضال الصالح غير معني بأمر كورونا، والحجر المنزلي لم يمنعه من وضع عنوان لروايته الجديدة، وقد عبر عن حالته قائلاً: في وقت مبكّر من حياتي اخترت قضاء معظم يومي في البيت، منذ بدأت لوثة المعرفة تفعل فعلها الرجيم في علاقتي بالعالم حولي، ولذلك كنت بتعبيرنا نحن في حلب بيتوتياً، فباستثناء أوقات دوامي الوظيفي، معلماً فمدرساً فأستاذاً جامعياً، وبجلسات قصيرة في مقهى القصر، فالسياحي، وسواهما من المقاهي المعروفة بملتقيات المثقفين والكتاب والفنانين في حلب، ولمّا أزل، أقضي معظم نهاري، كما معظم ليلي، وراء طاولتي في غرفتي في البيت أقرأ أو أكتب وأشرب عشرات كؤوس الشاي وفناجين القهوة وأدخّن بشراهة. لم يكن للحجر المنزلي بتعبيرك أيّ تأثير في نظام حياتي اليومي، وإنْ كان من تأثير فقد كان إيجابياً، إذ زاد عدد ساعات انصرافي إلى عالَمي الذي أعشق، كما زاد عدد المشروعات الكتابية التي أطمح إلى إنجازها، ومنها رواية جديدة اخترت عنواناً لها “سهر الورد” محارفة لفظية للشخصية التراثية التي تستلهمها، السهروردي الفارسي مولداً الحلبيّ موطناً، الذي كان شهيد المعرفة في مدينتي حلب. ربّما كانت العزلة فضاء سالباً لسواي، ولكنها بالنسبة إليّ كانت فضاء خالباً لتثمير معرفتي من خلال المزيد من القراءة، والمزيد من المشروعات، أمّا كورونا فلا يعنيني من أمره شيء لأنه صورة جديدة من صور التوحش الذي يفترس كوكبنا المسكين من الجائحات، جائحات القوى الكبرى التي تزداد توحشاً وتغولاً في امتهان الإنسان، والحروب التي تتقنع بشعارات زائفة، وخراب القيم الذي يتورم أكثر فأكثر، فهذه وسواها وكورونا سواء، لأنّها تستهدف أنبل ما في الوجود، إنسانية الإنسان.

رب ضارة نافعة

كان الأمر مباغتاً وغير متوقع عند د. نزار بني مرجة حيث قال: تقتضي مواجهة جائحة الكورونا تغييراً غير مألوف في الدوام الرسمي والعمل اليومي، مع التأكيد أن العزل الذاتي في المنزل يشكل أحد الإجراءات الهامة للوقاية من هذا الوباء الخطير الذي اجتاح كوكب الأرض بأسره خلال أيام وأسابيع قليلة، ولا شك أن هذه العزلة الوقائية الذاتية منحت كلاً منا فائضاً من الوقت لم يكن متاحاً في الظروف العادية، وأنا شخصياً رأيت أن خير مايمكنني القيام به هو فتح ملفات الأعمال التي كتبتها سابقاً، وبعضها غير مكتمل ويحتاج لرتوش ولمسات أخيرة كثيرة، وفي ذلك دون شك ترجمة للحكمة الشهيرة القائلة “رب ضارة نافعة”، هذا على صعيد أوراق ومشاريع نصوص سابقة، أما بالنسبة للقصيدة فطقسها مختلف بالتأكيد حيث لايمكن توظيف إجازة قسرية لكتابة قصيدة، وفي الوقت ذاته فربما تشكل العزلة الذاتية فسحة ومناسبة للتأمل أكثر فيما يحيط بنا اليوم من مشاهد وحالات غريبة لم يكن في الحسبان أن نعيشها.

الهدوء

رغم توفر المزيد من الوقت إلا أن الكاتب المسرحي جوان جان لا يرَ أن الظرف مناسباً للكتابة، فقال: ثمة عوامل أساسية ينبغي توفرها كي يتمكن المبدع من القيام بواجباته تجاه أدبه ومجتمعه وجمهوره، ربما كان أهمها وجود ظرف نفسي مناسب ومستقر، فالتوتر والقلق عاملان لا يستقيمان ورغبة المبدع في التفرغ لعمله الإبداعي، فهما يؤثران سلباً على عملية التركيز وتجميع الأفكار وحصرها في زاوية النقاش والمعالجة، كما ينبغي أيضاً توفّر ظرف اجتماعي وأسريّ مساعِد على إنجاز العملية الإبداعية بأيسر السبل وأبهى النتائج، فالمبدع المنتمي لأسرة مضطربة ومتفككة لا ينجز عمله بنفس السرعة والجودة التي ينجز بهما عمله المبدع المنتمي لأسرة متماسكة ومتحابّة، كما أن الاستقرار المادي يلعب دوراً إيجابياً في هذا الإطار.

وأضاف جان: ثمة كتّاب عديدون وعلى نطاق واسع لا يمكن أن يبدعوا وينجزوا أعمالهم إلا بتوفر أجواء خاصة أشبه بالطقوس، أجواء لها علاقة بدرجة معينة من الإضاءة وبنوع محدد من الموسيقا الهادئة وبفنجان من القهوة إلى جانب لفافة تبغ لا تنطفئ وغير ذلك من أمور اعتاد عليها كتّاب كثيرون. هذه الطقوس لم أعتد عليها ولم تعنيني يوماً أثناء ممارستي لعملية الكتابة.. المهم بالنسبة لي أن يكون الهدوء شاملاً ووسائل الإعلام من تلفزيون ومذياع صامتة لأنني فاشل جداً في عملية الفصل بين ما أسمع وما أنا بصدد التركيز في كتابته.

أما فيما يتعلق بالوضع الحالي الطارئ المتعلق بالعزلة المفروضة بسبب تفشّي المرض فلا أعتقد أنه جوّ مثالي للكتابة برغم توفر المزيد من الوقت الذي يتيحه التواجد في المنزل، إذ أن عامل الاستقرار النفسي يكاد يكون معدوماً، وحسب الإنسان في هذا الظرف أن يفكر بموضوع المرض والعدوى، وأيضاً بوضعه ووضع عائلته الاقتصادي بالدرجة الأولى فيما إذا طالت فترة العزلة التي تؤثر سلباً على الوضع الاقتصادي للأسر والأفراد في ظل تراجع موارد العائلات والازدياد الجنوني في الأسعار.

كلّما اتسعت عزلتي ارتفعت

بعيداً عن الواقع الراهن، حيث الأرض ومن عليها في شكٍ وتساؤل، عجز العلم لحد الساعة عن إدراكه! ماهي غاية العلم في الكشف عن أمراض خطيرة، وماهي غاية الدين في تفسير ظواهرَ وقف العلم في حيرة منها، لنصل إلى حقيقة واحدة قد نعزي بها أنفسنا ونـتأمل بها هذا الكون العجيب الذي نُفكرُ ونحتارُ في طريقةِ نشأته وتكوينه إذا لجأنا إلى مفهوم العلم، ونقتنعُ ونستريح من التفكير إذا أحلنا هذا التفكير إلى الفهم الديني، بأن الله خالق السموات والأرض وكل من عليها. من هنا نشعر بالطمأنينة التي تحمينا من عواقب التفكير الأول وهو إحالة الخَلق وتفسيره للدّين وليس للعلم .

شهور من البحث العلمي حول مستجدات كورونا عبر الأرض إذ لم تترك مكاناً إلا وتركت أثراً لها. عدوٌ غير مرئي يحاربهُ الجميع على مستوى العالم، ولا من طريق لمواجهته إلا العزلة والنظافة. هذا الفايروس اللعين أحالنا إلى التفكير بمصطلحات معقدة وملفته للانتباه. في زمن ما كان الأنبياء يعتزلون بانتظار الوحي !

العزلةُ لغةً، تعني الانقطاع عن الناس وعدم التواصل معهم وهذه العزلة، قد تكون لأسباب مرضيّة وقد تكون لاختيارات شخصية، كعزلة المتصوفة والرهبان وهناك أيضاً مذهباً له أصحابه يطلق عليهم المعتزلة، يبدو أننا في زمن الكورونا سنستعيد أمجاد العزلة والوحدانية والنظر إلى الذات وما يدور حول هذه الذات وتقحمنا في أسئلة صعبه لا جواب لها .!

انقطاع الأبناء عن زيارة الأهل، عدم التواصل الاجتماعي، النظافة والتأكيد عليها بشكل خاص .

يبدو إّن الطبيعة تنتقمُ لذاتها في زمن طغى فيه الإنسان عليها وقلّل من احترامها كما حدث في تراكم النفايات التي عمت الدول العربية ومنها على سبيل المثال لبنان والأزمات تراكمت حولها، أو تلوث العواصم العربية وأهمها بغداد التي لم تعد إلى عصرها الذهبي ابدأ بعد هارون الرشيد .

يبدو إنّها عمليه انتقام شرسة تطالبنا فيها الطبيعة بالنظافة أولاً والتباعد الاجتماعي ثانياً، وهذان العنصران بحدّ ذاتهما طغيان على البيئة بسبب ما يتركه الإنسان على سطح الأرض من مخلفات ونفايات لم تعد تتحملها، ولذلك انفجرت كما تنفجر الشعوب المظلومة في وجه حكامها، ولكن يبدو أن الطبيعة هي أكثرُ عناداً في المواجهة ولها شروطها الخاصة جداً، العزلة والنظافة. في طاقة الجسد أن يتحمل العزلة .

كان الفيلسوف السويدي كيركجارد يقول: إّن الألم يزيدُ من ارتفاع الإنسان الروحي والمعنوي وأنا أقول أن هذه العزلة زادتني ارتفاعاً بعلاقتي بمكتبتي حيث أذهب إلى أصدقائي، أمسح وجهوهم من غبار الزمن والأيام، وتراني كلّما قرأتُ كتاباً ارتفعتُ.

مبادرة “أسامة”

لم تكن شروط الشاعر قحطان بيرقدار قبل الحجر المنزلي معقدة بل تتطلب الهدوء فقط، وعن هذه الفترة قال: في الأحوالِ العادية، وقبلَ مجيءِ ظرفِ الحجرِ المنزليّ بسببِ فيروس كورونا، لم يكن طقسي الإبداعيّ عموماً صعباً أو مُتزمّتاً، بمعنى أنّ شروطي في هذا السياقِ بسيطةٌ جدّاً، فإذا ما توافرَ شرطُ “الهدوء” بنوعيه: الخارجيّ والداخليّ استطعتُ على نحوٍ ما أن أكونَ مُستعدّاً لأكتبَ الشِّعر سواء للكبار أم للأطفال. أمّا الآن فإنّ فترةَ الحجر المنزليّ التي نعيشُها تُرخي بظلالِها على نفوسِنا وأمزجتِنا وطُقوسنا الداخليّة شئنا ذلكَ أم أبَيْنا، ولا ريبَ في أنّ ثمّةَ قلقاً ما يعتري كلّاً منّا في هذه الفترة، ومعَ ذلك أستطيعُ أن أقولَ إنني لستُ في عزلةٍ بالمعنى السّلبيّ على الإطلاق، ولستُ قلقاً إلى الدَّرجة التي تَعُوقُني عن متابعةِ أعمالي كافّة، الإبداعيّة منها وغيرها، بل على العكس، لديّ جُرعاتٌ كبيرةٌ من الأمل والتفاؤل بأنّنا سنتجاوزُ هذه المرحلة، وسننتصرُ على الوباء، وأنَّ القادمَ أجمل للجميع، وها أنا أغتنمُ هذه الفترةَ بما أتاحَتْهُ من مساحاتٍ في الوقتِ عريضةٍ بالقراءة الواعية والمُتأمّلة في الدَّرجة الأولى، وبكتابة بعض المقاطع الشِّعرية… ولعلَّ أهـمَّ ما أقوم به حالياً هو أنني أُسخِّرُ شطراً كبيراً من وقتي لمُتابعة مشروعي الإبداعيّ الذي يتّصلُ بمجلة أسامة الطفلية، فقد أطلقنا مبادرةً لخلقِ حالةٍ من التفاعل مع الأطفال الأحبّة بدأتُها بأنشودةٍ كتبتُها تتضمّنُ توعيةً حول داء كورونا وحَضّاً على التفاؤل والأمل، ولا نزالُ نتابعُ التفاعلَ مع الأطفال عبرَ صفحة مجلّة أسامة على (الفيسبوك)، وقد لاحظتُ إقبالاً كبيراً من الأطفال وأهاليهم على إرسال المزيد من المشاركات الإبداعية التي يُنجِزُها الأطفالُ، ونَنْشُرُها بدورنا على صفحة المجلة، إضافةً إلى ذلك كانَ لديّ تراكماتٌ عدّة في أعمالٍ ثقافية مُتنوّعة أقومُ الآن بإنجازها مُغتنِماً الأوقات المُتاحة، وعُموماً يستطيعُ الإنسانُ الواعي أن يتكيّفَ مع أيِّ ظرفٍ جديدٍ بسُرعةٍ، وأن يخلقَ في نفسِهِ وحولَهُ فضاءاتِ فرحٍ وأملٍ يستطيعُ عبرَها تجاوزَ الظَّرفِ الراهن بأقلّ الخسائر على المستويات كافّة، بل بمزيدٍ من الإنجازاتِ المُثمرة على المستوياتِ كافّة أيضاً.

فائدة العزلة

وتجد الشاعرة طهران صارم في الحجر الصحي فرصة لتعزيز القراءة، فتقول: أظن أن مسألة طقس الأديب في الكتابة وما يحاول بعض المبدعين تصويره على أنه أجواء خالصة من العزلة والنقاء والتأمل هو أمر مبالغ فيه، فالكاتب ابن بيئته وقد تولد الفكرة لديه وهو في قمة انشغاله وزحمة المحيطين به ولكن ما يسمى الآن بعزلة الحجر الصحي فهي فرصة لمزيد من الوقت كي يعزز الكاتب قراءاته التي هي الرافد الأول للإبداع ومن ثم الوقت الكافي ليخط ما يجول في ذهنه من أفكار على أي مستوى إبداعي، وإتاحة الفرصة له لمراجعتها وإعادة تصويبها وإعطائها حقها وبالتالي هنا تكمن الفائدة من هذه العزلة إذ يستطيع الكاتب أن يكتب بغزارة وبمهارة مستخدماً كل أدواته لملء الفراغ والوقت الطويل .

تأملات

بدوره وصف الأديب حسين عبد الكريم هذا الحال بالزمن اللقيط حيث قال: التأملات دروبها الجانبية سالكة الحركة في الشوارع تتوعك عافيتها بسبب الوباء وتسوء حالة الحاجات… التأملات دروبها سالكة، قلت صباحاً لزميلة تجيد الأحزان والكتابة: لا تثقِ بالتكاسل لأنه فن مريض، ولا تعطي العهود الجميلة للكآبة. يمكننا أن نثق بأفكارنا وكرامة الأماني والآمال. في أقدار الأزمات تضيق الحال على أقدارنا، نحاول التحرش بالرؤى وأمجاد الحنين لأن الجسد يصبح أجمل وأقوى حين تكبر أمجادنا الروحية. البشرية رغم تطورها التقني وعلوِّ شأنها الصناعي، تعتني أكثر ما تعتني بالعيوب الوجدانية، وتجد آلاف الفرص للتآمر على القناعات الإنسانية وتقتل فكرة التواصلات العذبة بفايروسات الهلاك ولعنات الجشع والجوع. الحجر أضعف من عافية الأمل.. الآن بدأتُ بترتيب مسرّات لغوية وأوجاع كتابية لقصائد جديدة ورواية جديدة. الحزن الموبوء كائن أزعر، وزمن رأسمالية الفايروسات وامبراطوريات القتل والفناء، زمن لقيط.. كيف نشبه بقاء الحب وثروات المعاني النبيلة التي تتموّن بها رؤانا. في ذروة القطيعة نثق بالتأملات، إن ممراتها الجانبية سالكة إلى كروم الأحلام الوطنية وإلى برّ أمان البشرية الساطعة عهود إنسانها.

الزمان والمكان

عوامل الكتابة كالهدوء والموسيقى وغيرها لا تهم الأديب مفيد أحمد، فهو يكتب في كافة الظروف، وفي زمن الحجر ضاعف ساعات الكتابة لإنهاء روايته، إذ قال: طقس الكتابة يقوم على ثنائية الزمان والمكان إضافة إلى متممات أخرى لها علاقة بشخصية الكاتب، والزمان يعني الوقت المناسب والمخصص للكتابة أما المكان فيعني الموقع الذي ألف فيه الكاتب إخراج أفكاره في كلمات. أهم ما في الحجر أنه غيّر علاقة الكاتب بالزمان والمكان، فقد تقلص فضاؤه الحيوي إلى مكان الحجر فقط وهو في الغالب مكان الكتابة، أما الزمان فقد غدا أكثر اتساعاً من الناحية الفيزيائية على الأقل، بالنسبة لي حاولت أن أستفيد من هذه السعة الزمنية في إنجاز روايتي التي أعمل عليها الآن وهي بعنوان “حوليات البرج الأبيض” فقد ضاعفت زمن الكتابة في بداية الحجر لكني لاحظت في اليومين الأخيرين أن ذلك لم يعد ممكناً، فتقلص وقت الكتابة لكنه بقي أكبر منه في الأيام العادية، ربما بفعل ضغط المكان الناجم عن حصر المجال الحيوي بالبيت فقط. وقد يكون للعامل النفسي المتعلق بطبيعة الظرف الذي نمر فيه دور أيضاً، بالنسبة للعوامل الأخرى التي اعتدنا أن تلعب دوراً في طقس الكتابة، كالهدوء والعزلة، الموسيقا والقهوة، المؤثرات الأخرى… وغيرها فهي لا تعنيني كثيراً.. فأنا معتاد على الكتابة في أحوال مختلفة، بوجودها أو عدمه، لكن الأمر مختلف في أن يكون الأمر قسرياً لا اختيارياً.