غياب القيادة الأمريكية لا يعني نهاية العالم
ترجمة عائدة أسعد
عن موقع غلوبال تايمز 6/4/ 2020
يشكل الفيروس التاجي الجديد التحدي الأكثر إلحاحاً للنظام الدولي الحالي الذي تقوده الولايات المتحدة وهي التي تعاني من أخطر أزمة للصحة العامة منذ قرن. والحقيقة أن العالم الغربي لم يفشل في كبح انتشار الفيروس فحسب، بل فشل في إظهار القيادة الدولية.
لقد ألقى الوباء بالنظام الدولي في حالة من عدم اليقين، خاصةً أن الولايات المتحدة تلعب دوراً سلبياً. وعلى الرغم من أنها البلد الأعلى في الحالات المؤكدة إلا أن إدارة ترامب تواصل تمويل مكافحة العولمة وتحاول تسييس الدمار الذي يسببه الفيروس والتهرب من مسؤوليتها الدولية.
إن إدارة ترامب تواجه ثلاث أزمات قيادية، أولها أن حكومة الولايات المتحدة غير مؤهلة للتعامل مع الأوضاع المحلية، ففي الأيام الأولى من تفشي المرض قللت من شدة المرض وأهدرت شهرين ثمينين كان يمكن أن تستغلهما في الاستعداد للمرض بدل أن يتفشى الوباء في جميع أنحاء البلاد بشكل واسع النطاق ما أدى إلى كارثة صحية عامة، وقد تكون صحيفة بوسطن غلوب محقة عندما قالت: “إن يدي ترامب ملطختان بالدماء”.
ثانياً، غضت الولايات المتحدة الطرف عن حلفائها الغربيين عندما استمر تفشي الوباء في أوروبا بالتدهور، وبدلاً من تقديم المساعدة علقت إدارة ترامب الرحلات الجوية وتبادل الأفراد، وهذا السلوك يتعارض مع التزام أمريكا تجاه حلفائها ويقوض قيادتها.
وثالثًا، لم تقدم الولايات المتحدة أي مساهمة تذكر في المعركة العالمية ضد الفيروس، مع العلم أن التعاون العالمي هو السبيل الوحيد للتغلب على الصعوبات الحالية، حيث لا تزال الولايات المتحدة تسعى إلى الأحادية والحمائية بدليل أنها لطخت سمعة الصين التي قدمت المساعدات للدول الأخرى وذلك لأغراض سياسية بحتة.
إن أداء إدارة ترامب في مواجهة الوباء يظهر مرة أخرى الفلسفة الدبلوماسية لـ “أمريكا أولاً” والتي تضع الشؤون الداخلية كأولوية عليا للبلاد، بحيث تجند جميع الإجراءات بشكل أساسي في خدمة الهدف السياسي المتمثل في إعادة الانتخاب، حيث يأمل ترامب في الحصول على أكبر قدر ممكن من الفوائد السياسية خلال عام الانتخابات، لهذا نراه يلقي باللوم على الحزب الديمقراطي ووسائل الإعلام كما يتجاهل طلبات المساعدة من الولايات الزرقاء مثل نيويورك وكاليفورنيا.
“أمريكا أولاً” تعني أنه لا يُسمح لأي بلد أن يتحدى قيادة أمريكا، وحتى خلال تفشي الوباء أظهرت الولايات المتحدة القليل من الاهتمام بالتعاون الدولي، وهذا لا يعني أن الولايات المتحدة لم تفعل شيئاً، بل إنها تفعل كل شيء لمنع أي دولة أخرى من أن تصبح رائدة في الحرب العالمية ضد COVID-19. والأخطر من ذلك تحاول إدارة ترامب تحويل المعركة ضد الفيروس إلى منافسة جيوسياسية وعقائدية فقد وصف ترامب الفيروس التاجي بأنه الفيروس الصيني، وشن حرب الرأي العام ضد الصين مستخدماً انفجار الوضع كإستراتيجية لتقويض صورة الصين.
لقد أدرك المجتمع الدولي أن المظهر الجديد للفردية “أمريكا أولاً” تلحق ضرراً كبيراً بالنظام الدولي، لأنه منذ تولي ترامب منصبه وضع مصالح الولايات المتحدة الخاصة فوق مصالح العالم. لكن الفيروس لا يعرف حدوداً أو أيديولوجية والتضامن والتعاون هما السبيلان الوحيدان للنجاة من المرض ولحسن الحظ بالنسبة للعالم لجأت العديد من الدول إلى الصين بدلاً من الولايات المتحدة للحصول على المساعدة ولبت الصين النداء مما يدل على مسؤوليتها كقوة كبيرة وعلى المجتمع الدولي أن يتحد لكسب هذه المعركة معاً، وغياب القيادة الأمريكية لا يعني نهاية العالم.