الحروب الصامتة على إيران
ترجمة وإعداد: علاء العطار
تُخاض بعض الحروب بالقنابل والرصاص، كالحرب على سورية والعراق وأفغانستان واليمن، وهناك حروب أكثر هدوءاً، تقتل هذه الحروب شعوباً، وتحقق أهدافها دون استثارة احتجاجات وإدانات جماهيرية.
الحرب الطبيّة
يعد هذا النوع الأهدأ من بين الحروب، فهو هادئ لدرجة أنه يكاد لا يُسمع خارج حدود الدولة التي يحدث فيها، وها هي الولايات المتحدة تشن حرباً طبية على إيران، وهو ما وصفه وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، بالإرهاب الطبي.
تحاول الإدارة الأمريكية سحق إيران بفيروس كوفيد 19، وتزيد عبء الجائحة لتكثيف العقوبات الأمريكية التي تمنع إيران من اختبار الفيروس ومعالجته ومنع انتشاره، كما أن العقوبات على البنوك الإيرانية تسد الطريق أمام الأدوية والمعدات الطبية اللازمة، وتستمر واشنطن بأفعالها الدنيئة بالرغم من مناشدات الأمين العالم للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، والمفوضة السامية لحقوق الإنسان، ميشال باشليت، والمجتمع الدولي بوقف العقوبات مؤقتاً.
الحرب الاقتصادية
وهي شكل آخر من أشكال الحروب الهادئة، وتعد نسخة حديثة عن فكرة الحصار في العصور الوسطى. كانت الولايات المتحدة ملزمة بالإيفاء بالتزاماتها بموجب الاتفاق النووي، بما في ذلك إنهاء العقوبات، طالما أن إيران تفي بجميع التزاماتها، وبما أن إيران التزمت ببنود الاتفاق بشكل مثبت، خرقت الولايات المتحدة القانون بانسحابها من المعاهدة وإعادة فرض عقوبات أحادية غير مسبوقة، وهو ما يمثل عدواناً محظوراً دولياً، ولم يتوقف مسلسل العقوبات على إيران وحدها، بل تجاوزها ليطال دولاً أخرى.
وبينما يخنق الحصار الاقتصادي الأمريكي الاقتصاد الإيراني، يحاول الشعب الإيراني جاهداً التقاط أنفاسه، في ظل تراجع الناتج المحلي الإجمالي، وانخفاض إنتاج النفط .
الحرب الإلكترونية
اعترفت الولايات المتحدة بمسؤوليتها المباشرة عن وابل من الهجمات الإلكترونية على إيران، وكشفت صحيفة “نيويورك تايمز” أن الولايات المتحدة أمرت بشن هجمات معقدة على الحواسيب التي تدير منشآت التخصيب النووي الإيرانية، فهاجم فيروس يُسمى “فليم” الحواسيب الإيرانية، وغرض هذا الفيروس مراقبة نظام الحواسب الإيراني وإرسال معلومات استخباراتية لتستخدم في التحضير لحملات الحرب الإلكترونية على إيران، وأكد مسؤولون أن “فليم” جزء من مشروع مشترك بين وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية ووكالة الأمن القومي والوحدة العسكرية السرية الإسرائيلية “8200”.
و تبعاً للباحث ستيفن كوهين المختص بالشؤون الروسية، بعد أن اتهمت الولايات المتحدة روسيا بقرصنة أجهزة الكمبيوتر، أصدر حلف الناتو بياناً مفاده : “إن قرصنة أنظمة الكمبيوتر لإحدى الدول الأعضاء يمكن اعتباره حرباً على التحالف العسكري بأكمله، وهذا يستدعي انتقاماً عسكرياً”. وهذا يعني أن الهجمات الإلكترونية عملٌ حربي، ولا يبرر الإنتقام العسكري فحسب، بل هو أمر واجب.
لم تٌلق الولايات المتحدة أي قنبلة على إيران، ولم يسمع دوي أي انفجار، لكن هدوء الحرب لا ينفي أنها حرب بتاتاً، لا تتوقف الحروب عن كونها حروباً بإضافة كلمات مثل “طبي” أو “اقتصادي” أو “إلكتروني” بعد كلمة حرب.