تقاذف المسؤوليات حول سوء الواقع الخدمي في الزبداني!!
الزبداني التي عاد إليها أكثر من أربعة آلاف عائلة بعد تحريرها، تعيش واقعاً خدمياً مزرياً، وقد تفاقم هذا الوضع الخدمي في السنوات الأخيرة من عمر الأزمة السورية، وأصبح واقعاً ملموساً يتطلب تضافر الجهود، ورفع وتيرة العمل لإيجاد حلول ناجعة لتلك المشكلات التي انعكست سلباً على حياة العائدين إلى المدينة، وزادت من أعبائهم الحياتية واليومية، فأكوام القمامة تتناثر وتتكوم على جانبي الطرقات في البلدة والأحياء التابعة لها، وباتت مشهداً مألوفاً، إضافة إلى مستنقعات الصرف الصحي.
وتتبادل الجهات المعنية والمواطنون الاتهامات حول من يتحمل المسؤولية، فبلدية الزبداني تشكو من بعض الظروف الصعبة والمعوقات التي تعترض تأمين المزيد من الخدمات، والمواطنون يتهمون البلدية بالتقصير في تأمين خدماتهم. ولم يخف مواطنو حي العامرة مخاوفهم من الانعكاسات السلبية التي تخلّفها مشكلة تراكم الأنقاض في الطرقات والأحياء السكنية وأمام منازلهم التي تحتاج لترميم للعودة إليها والخلاص من إيجارات البيوت، وكان لازدياد عدد العائدين، خلال الأشهر الأخيرة، وفي ظل الظروف الحالية، انعكاسه على الواقع الخدمي وضغطه على الخدمات الموجودة كشبكة الطرقات.. يقول السكان في حي عين الحمة إن هناك حفراً كبيرة في الطرقات المؤدية إلى المدارس ووسط البلدة، وفي فصل الشتاء يصعب الوصول إلى المدارس بسبب امتلاء تلك الحفر بمياه الأمطار، والوضع يتفاقم، ونأمل أن يكون هذا العام عام الإصلاحات، كما وعدت البلدية!! وفي أطراف المدينة، ناشد العديد من العائلات المحافظة لتوسيع شبكة الطرق وتعبيدها ولو بالإسفلت الأسمنتي كي يتمكن الطلاب من الذهاب إلى مدارسهم دون عناء.
مشاريع لم تر النور
مع العودة السريعة للأهالي إلى منازلهم، وسط مساع حكومية لإعمار المدينة، تتجدد الآمال ببدء الأعمال الإنشائية والعمرانية وإعادة البنية التحتية، حيث إلى الآن لم تحظ المدينة بخدمات تفي باحتياجات المقيمين – كما يصرح بعض المعنيين – وهناك الكثير من القضايا الأساسية لم تبصر النور, علما أن المطالبات قائمة والوعود مستمرة، لتسود الشبكات المؤقتة للكهرباء والتقنين الظالم للكهرباء والمياه، ولا وجود لشبكات هاتف، إذ لم تصل إلا للدوائر الرسمية، وهناك بطء كبير في تنفيذ الأعمال.
ويشير المواطنون إلى أن هناك تخوفا وإشارات استفهام حول وضع مدينتهم، وإلى ما ستؤول الأحوال فيها، وهناك بيع أراضي وعقارات لتجار ومشاركات ومخطط تنظيمي جديد.
يقول المهندس عيد برهوم، خبير استشاري وعقاري في نقابة المهندسين بريف دمشق وعضو مكتب تنفيذي سابق: الوضع المعيشي القاسي فاق كل التوقعات.. ودون مبالغة، هناك أسر تدهورت أحوالها بسبب الغلاء الفاحش وارتفاع الأسعار والإيجارات ودمار منازلها.. ما نتمناه أن يكون الوضع أفضل وأن يتم الاقتراب من المواطن وتحسين وضعه وضبط ومحاسبة كل من يتلاعب بقوته. وطالب برهوم بمعالجة أوضاع منازل المواطنين المهدمة، وإيجاد بديل سكني للأهالي مؤقتا بالتنسيق مع الجهات المعنية، وأشار إلى أن كمية الأنقاض في الزبداني كبيرة جدا، ويحتاج الوضع لمزيد من الآليات، ويفضل دخول شركات كبيرة لإزالة الأنقاض المتراكمة، وقال إن هناك الكثير من الأقاويل والهواجس من جراء تراجع العمل الخدمي، ويتساءل الأهالي حول خطط الدولة وبرامجها في إعادة الوضع التنظيمي في المدينة والحفاظ على هوية الزبداني، ونحن كمهندسين مختصين في إعادة الأعمار نقترح إعادة المنطقة المهدمة إلى طبيعتها السابقة دون وجود مخالفات مع إزالة المخالفات القائمة سابقا من طرق مغلقة وغيرها وإعادة رسم البنية التنظيمية دون التعرض لهوية المدينة والمحافظة على وضع الملكيات العقارية والحدود المساحية قدر الإمكان.
نقاط مهمة
استدعت شكاوى وملاحظات السكان العائدين إلى الزبداني أن يطلعنا عضو المكتب التنفيذي المختص لقطاع البلديات والخدمات في المحافظة المهندس محمد مضاوية على نقاط مهمة حول ما يجري، لافتاً إلى أنه تم الانتهاء من إزالة الأبنية الآيلة للسقوط والواقعة على الطريق العام الواصل بين الزبداني باتجاه منطقة التكية، والعمل جارٍ على إزالة الأبنية الآيلة للسقوط ضمن المدينة أيضاً، وستتم إقامة أبنية جديدة بدلاً منها وفق المخطط التنظيمي المعمول به، مشيراً إلى أن هناك دراسة لتقييم المخطط التنظيمي للأحياء المتضررة بشكل كبير، وتم تقسيمها إلى قطاعات، مثل أحياء البلدة والعامرة، وأغلبها أحياء قديمة، مؤكداً أنه سيتم الحفاظ على الطابع التراثي القديم أثناء عمليات التأهيل وخاصة للبلدة القديمة، علماً أن أصحاب بعض المنازل حصلوا على التراخيص اللازمة من البلدية للبدء في عمليات التأهيل.
وبين مضاوية أن عمليات تأهيل الأبنية القابلة للتأهيل والسكن لاتزال مستمرة من قبل الأهالي، وحسب إحصائية بلدية الزبداني فقد بلغ عدد المنازل التي تم تأهيلها 600 شقة، علماً أن إجمالي عدد العائلات التي عادت إلى منازلها وباشرت العمل في أراضيها وصل إلى أكثر من 4000 عائلة. وكشف مضاوية أن هناك مشروعات ستنطلق بالمدينة أول الصيف القادم, وقد تم رصد مليار و200 مليون ليرة لمشاريع الكهرباء، وتم التنفيذ بناءً على هذه الميزانية، فالخط المتوسط جاهز، والمنخفض منجز منه 30%، مضيفاً إنه، منذ عام ونصف العام، لم تمد البلدة بمراكز تحويل أو معدات خاصة للكهرباء، نظرا لعدم توفر التجهيزات اللازمة, أما المياه فيتم إتمام تركيب عدادات للمياه ووصلات لكل منزل, ونتابع مع مجلس مدينة الزبداني، الاحتياجات من خدمات وتموين، وخاصة في ظل الظروف الحالية لانتشار وباء كورونا ومستلزمات التعقيم وغيرها من الاحتياجات الخاصة للتصدي للفايروس.
عبد الرحمن جاويش