انكسار جديد لآل سعود في اليمن
سنان حسن
ربما وجد نظام آل سعود في دعوة الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار في اليمن لمواجهة وباء كورونا فرصة مواتية للنزول عن الشجرة العالية التي تسلّقها منذ بدء العدوان على اليمن السعيد، ووضع حد لمغامرته المجنونة، فالعدوان المستمر منذ خمس سنوات لم يحقق أيا من الأهداف التي أعلنها عادل الجبير من واشنطن، بل على العكس كشف ضعف مملكة الرمال وعدم قدرتها على تحقيق ولو تقدّم بسيط في جبهات المعارك، حيث أصبحت المدن والمنشآت السعودية مكشوفة أمام مقاومين تمسّكوا بوطنهم ودافعوا عنه وتحدّوا أعتى أنواع الأسلحة وأفظع المجرمين، فهل يكون هذا القرار نهائياً ولا رجعة عنه، أم أنه مجرد مناورة لإظهار أن الرياض تتلقف الدعوات الإنسانية وتسعى لحماية المدنيين!!، وماذا عن الحكومة الشرعية في صنعاء فهل تقبل بالأمر الواقع أم لا؟.
لأول مرة منذ بدء العدوان السعودي على اليمن، تعلن الرياض عن وقف لإطلاق النار، ففي كل المحاولات السابقة كانت ترفض وتتذرع وتضع العصي في العجلات لعدم تنفيذ وقف إطلاق النار، حتى مع وجود دعوة من الأمم المتحدة، كما يحصل اليوم، وما جرى عقب التوقيع على اتفاق استوكهولم دليل واضح على ذلك، ولكن في هذه المرة تبدو الأمور مختلفة تماماً، ميدانياً وسياسياً واقتصادياً، فالميدان يشهد يومياً انكسارات متتالية للقوات السعودية والمرتزقة الذين يقاتلون معها، والتي كان آخرها استعادة الجيش واللجان الشعبية محافظتي مأرب والجوف الاستراتيجيتين، ما أسقط نهائياً فكرة السيطرة على صنعاء، أما في الاقتصاد فحدث ولا حرج، فالإغلاق الشامل الذي فرضه وباء كورونا المستجد على العالم، يعني أن موسم الحج لهذا العام مهدد بالإلغاء، إذا لم يكن صدر قرار بإلغائه، أضف إلى ذلك الانهيار الكبير في أسعار النفط، والتي كانت الرياض السبب الرئيس فيه، دون أن ننسى الميزانية الضخمة التي تنفقها الرياض على التسليح لاستمرار الحرب، ما يعني أن الميزانية ستعاني أكثر وأكثر، حيث تشير الإحصاءات الدولية أن السعودية ستحقق عجزاً قياسياً في الميزانية غير مسبوق في تاريخها يصل إلى 80 مليار دولار، في حين كان موقع “أويل برايس” الأمريكي أكثر وضوحاً عند قال أن السعودية ستفلس بسبب تهاوي أسعار النفط، أما سياسياً فجميع حلفاء السعودية بدؤوا يتنصلون من الدعم المعلن لها في حربها هي، وإن كانت المواقف غير علنية في بعض منها، ولكن يكفي أن ترى أن مجلس العموم البريطاني أو الكونغرس الأمريكي يناقشان العدوان السعودي، لمعرفة الموقف الحقيقي.
وعليه فإن إعلان وقف إطلاق النار من جانب واحد يؤكّد أن الرياض في لحظة انكسار تاريخية، والادعاء أنه لفسح المجال لمواجهة وباء كورونا ما هو إلا لذر الرماد في العيون، فالجرائم التي ارتكبتها بحق أطفال وأبناء اليمن ونسائه وحجره لا يمكن حصرها، وبالتالي فإنه يتوجب عليها أن تستجيب لدعوات السلام المطروحة الآن، والتي كان آخرها ما قدمته حكومة صنعاء، والمرتكزة على وحدة اليمن واستقلاله ورفض أي وجود أجنبي على أراضيه، وإلا فإن كل هذه البروباغندا التي تحاول تسويقها اليوم بإعلانها وقف إطلاق النار بدوافع إنسانية، ما هي إلا نوع من هروب إلى الأمام لن يصمد أمام إرادة وعزم مقاومين شرفاء مصممين على إعادة البسمة لشعب لطالما عرف بالسعيد.