دراساتصحيفة البعث

مرتزقة أردوغان .. من سورية إلى تونس وليبيا

إعداد: سمر سامي السمارة

 

يشكل انتشار الإرهابيين الذين فروا من إدلب إلى كافة أنحاء إفريقيا تهديداً أمنياً لمنطقة شمال أفريقيا برمتها، وبشكل خاص في ليبيا وتونس بسبب ارتفاع أعدادهم، ويرى محللون أن تركيا التي لا ترغب بالتضحية بأفرادها العسكريين لحماية مصالحها الجيوسياسية، أظهرت استعدادها لتحويل ليبيا وتونس إلى مرتع للإرهاب من خلال توجيه المرتزقة بصورة مباشرة إلى هذين البلدين وذلك عبر تقديم مساعدة عسكرية لحكومة الوفاق الوطني التي يرأسها فايز السراج.

يعود سبب اختيار أنقرة لتونس كوجهة لمرتزقتها في سورية، لفوز حزب النهضة في الانتخابات البرلمانية التونسية في تشرين الأول لعام 2019، حيث بدأ الإسلاميون بتعزيز موقعهم هناك. فإيديولوجية النهضة كانت تسترشد بالكثير من النواحي بجماعة “الإخوان المسلمين” التي تدعمها تركيا وقطر بشكل كبير. ومن الجدير بالذكر أن القيادات التركية تضم بشكل كبير لاعبين أساسيين من جماعة “الإخوان المسلمين”، وبالتالي فإن الوحدات المسلحة التي تدعم حكومة فايز السراج وقادة تركيا تشتركان في أيديولوجية واحدة إلى حد كبير.عانت تونس من بعض المصاعب منذ الإطاحة بالرئيس زين العابدين بن علي قبل 9 سنوات. إذ واجهت الدولة التي ركزت على تطوير قطاع الصناعة السياحية من خلال بناء مئات الفنادق عالية الجودة على ساحلها، من تحديات خطيرة بسبب الهجمات الإرهابية التي كان لها تأثير سلبي على قطاع السياحة في تونس وخلّف العديد من التونسيين بدون عمل. وبالتالي، ليس من قبيل المصادفة أن ينضم أكثر من 6000 تونسي إلى “داعش” على أمل تحقيق الاستقرار المالي من خلال القتال في سورية والعراق. بينما تستمر جماعة “الإخوان المسلمين” في تلقي الدعم من تركيا وقطر و تتلقى حكومة فايز السراج الدعم من الغرب، كان مقاتلو “داعش” يصلون بشكل كبير إلى تونس من سورية ودول شرق أوسطية أخرى من أجل كسب المال من خلال الهجوم ضد المدنيين. وفي الوقت الحاضر، يتم تسهيل هذه العملية عبر إنشاء اقتصاد الظل وخطط مختلفة تهدف إلى تمويل الشبكات الإرهابية مثل إقامة معسكرات تدريب وتجنيد أعضاء جدد في بلدان شمال أفريقيا.يقوم المرتزقة القادمون من سورية  بعد الانضمام إلى ميليشيات حكومة الوفاق الوطني ، بشن هجمات على القوات المسلحة الليبية  وعلى المدنيين بشكل منتظم. وقد ذكرت بعض وسائل الإعلام أن هناك بالفعل أكثر من 4000 من المرتزقة متواجدين في ليبيا، وأن تركيا تدرب المزيد من المقاتلين في مخيمات خاصة تقع في المناطق الشمالية الشرقية من سورية. وبحسب إرهابي سابق اعتقل في تونس، فإن المجندين الأوائل يخضعون لتدريب عسكري أولي ثم يُرسلون على الفور إلى ليبيا. تواصل تركيا نقل المقاتلين من سورية إلى ليبيا من أجل تقديم الدعم لحكومة الوفاق الوطني باستخدام تونس كنقطة عبور، ويتم تسليم الأسلحة والذخيرة إلى المرتزقة في ليبيا عن طريق الجو والبحر. واستناداً إلى البيانات المقدمة من خدمة تتبع الرحلات رادار الطيران 24، غادرت طائرة بوينغ 747-412 تابعة لشركة طيران مولدوفا اسطنبول في 25 كانون الأول لعام 2019 وهبطت في مطار مصراتة الليبي. وفي وقت سابق، كانت أنقرة قد زودت المسلحين المرتبطين بـ “داعش والقاعدة والإخوان”، وكافة المنظمات الإرهابية المحظورة، ودعمت حكومة الوفاق الوطني في ليبيا بالذخيرة والمعدات العسكرية والمدربين. ويرى مراقبون أن أول كمية كبيرة من المعدات العسكرية والأسلحة والذخيرة  وصلت من تركيا في 18 أيار في العام 2019، كما أكدت المنظمات الدولية أن تركيا زودت بشكل غير قانوني حكومة الوفاق الوطني بالأسلحة. ورغم الدعم الخارجي، يعاني المرتزقة من خسائر فادحة في ليبيا. في 18 آذار الماضي، هاجمت قوات حكومة الوفاق الوطني بالإضافة إلى المرتزقة القادمين من سورية مواقع يسيطر عليها الجيش الوطني الليبي في عين زارة، لكن الجيش الوطني الليبي استطاع القضاء على 36 إرهابياً، من بينهم 6 قادة، وأصاب 200 آخرين. وكان من بينهم زياد بلعم  وهو أبرز رموز الإرهاب في ليبيا، إذ كان عضواً في تنظيم “القاعدة” وأحد قادة مجلس شورى بنغازي الثوريين.نتيجة للعمليات العسكرية الناجحة التي قام بها الجيش الوطني الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر، عاد المرتزقة الذين يدعمون حكومة الوفاق الوطني العام إلى نقطة عبورهم تونس في الأسابيع الأخيرة. وقد أصدرت وزارة الداخلية التونسية بياناً قالت فيه أنه تم اعتقال 19 شخصاً آخرين لمحاولتهم دخول تونس بشكل غير قانوني على مسافة ليست بعيدة عن حدود البلاد مع ليبيا. من الواضح الآن أن أنقرة تمنح مرتزقتها جوازات سفر تركية لـ “إنجازاتهم” ليس فقط في ليبيا ولكن أيضاً في سورية. في الواقع يقاتل المرتزقة القادمون من سورية حالياً إلى جانب حكومة الوفاق في ليبيا للحصول على فرصة ليصبحوا مواطنين أتراكا. في نهاية كانون الثاني الماضي، قال الممثل الدائم لتونس لدى الأمم المتحدة إن بلاده تشعر بقلق بالغ إزاء وصول المرتزقة من سورية إلى ليبيا، وأشار إلى أن تركيا قامت بتجنيدهم. ومن المحتمل أن عدد المرتزقة السوريين الذين توجهوا للقتال في ليبيا وصل بالفعل إلى 4400 تم إرسال حوالي 2600 منهم من الوحدات العسكرية إلى طرابلس بالفعل، في حين لا يزال 1800 شخصاً يتلقون التدريب في المخيمات التركية لمساعدة حكومة الوفاق.