أدب النصيحة.. أمومة الوطن!
أكرم شريم
من المعروف أن الإنسان يولد من رحم الأم إلى رحم الوطن، ويعيش طفولته بين يدي أمه الرحم الأول، ثم يبدأ بالتعرف على الحياة الخارجية حوله وحول أسرته وإلى أن يبدأ التعلم والعمل وإنشاء العلاقات الاجتماعية حوله في وطنه، ولا يعرف أحد أهمية وعظمة أمومة الوطن الذي يحتضنك مدى الحياة إلا إذا غاب عنه لسبب من الأسباب فيصير يشعر بغليان الشوق فيه إلى وطنه، بل إلى كل شيء في وطنه من الأقرباء والأصدقاء والزملاء والجيران، وهذا كله يختلف عن الحنين إلى وطنه ولكنه يزيد هذا الحنين إلى الوطن.. كل الوطن، بدءا من اسمه وكل ما فيه، وتعتمل المشاعر بقوة للعودة إلى الوطن، وإلى كل ما فيه ومن فيه، ذلك أنه يصبح هو وأمه: الرحم الأول، في رحم الوطن، هو وكل أفراد أسرته وأفراد عائلته، والشوارع المألوفة عنده أو الساحات، وبالتالي كل ما رآه ويعرفه وعاش معه وبه ومن أجله من طفولته الأولى إلى شبابه وإلى آخر مراحل العمر، وإلى ذلك يحمل هوية وطنه التي أعطاها له وطنه، ومذكور فيها من هو ذكر أم أنثى، وأين يقيم ومن هم أفراد أسرته وفي أي مكان أو مدينة أو قرية، ومع هذه الهوية الشخصية يعطيه (جواز السفر) إذا أراد السفر ولأية أسباب كانت، حتى يصير هذا الجواز مثل هويته ولكن على الصعيد العالمي، هوية هذا الإنسان في العالم كله! وأكثر من ذلك، ما هو طموحه، وماذا يحتاج في حياته حتى يحقق طموحه: التعلم والحصول على الشهادة وهي إجازة عمل دائمة طوال عمره؟!.. إذن يؤمن له وطنه ذلك!. وهل يحتاج إلى المال حتى يحقق طموحه التجاري، أو يحصل على منزل له ويريد أن يقترض، فيؤمن له من يكفله ويساعده في الحصول على ما يريد، ويمد له الوطن يد المساعدة في كل ما يريد، وما يجب أن يعمل، وخاصة من أفراد أسرته، أو عائلته، أو دوائر حكومته ومصارفها وكل الدوائر المتخصصة لمساعدته في عمله، أو سكنه، أو من أجل سفر يحتاجه، وأكثر من ذلك هناك محاكم لمحاسبة كل من يؤذيه أو يعتدي عليه، أو يحاول الاعتداء عليه، وكل ذلك من أجل حمايته وباستمرار، ومن أجل مساعدته في كل ما يريد وباستمرار، فهناك دوائر الشرطة والأجهزة الأمنية وفي كل مكان في وطنه، في كل مدينة وقرية، والأهم من كل ذلك، على الرغم من أهمية كل ذلك، هذه الحماية الدائمة والمطلقة له ولأهله وشعبه من خلال تشكيل الجيش الكبير وبكل أنواع العمل العسكري وبكل أنواع الأسلحة برا وبحرا وجوا، وهكذا تكون النصيحة اليوم من يضرب وطنه يضرب أمه.. نعم! يضرب أمه.. إنه يضرب أمه.