“كورونا” يعصف بالهيمنة الأمريكية
محمد كنايسي
أن تبلغ العنصرية بالرئيس الأمريكي ترامب حد وصف كورونا بالفيروس الصيني، فذلك يكشف أن الرجل يقامر حتى بالأمن الاجتماعي الأمريكي في سبيل وصوله إلى سدة الرئاسة مرة ثانية.
بقصد واضح يكرر ترامب في كل مناسبة هذه التسمية لإثارة غضب الأمريكيين على الصين، مع أنه يعرف أن ترجمة ذلك لن تكون الهجوم على التنين الصيني البعيد، بل على الأقليات الآسيوية الأمريكية التي أصبحت هدفاً للاعتداء من قبل من أصابهم فيروس العنصرية الترامبية..
وبدلاً من أن يتحمل الرئيس الأمريكي مسؤوليته السياسية والأخلاقية، ويقوم بما يمليه عليه واجب التصدي للجائحة التي تهدد بلاده والعالم، نراه يفضل التملص من المسؤولية عن سوء إدارة مواجهة الجائحة، والتأخير في التصدي لها، بإلقاء اللوم على الصين عبر خطاب بغيض، أقل ما يوصف به هو أنه خطاب عنصرية وكراهيةٍ ممعن في الشعبوية الرثة والإفلاس الأخلاقي والإنساني..
ومن المؤكد أن هذا سيزيد من تعميق الانقسام في المجتمع الأمريكي مع احتدام الصراع بين الديمقراطيين والجمهوريين على الوصول إلى الرئاسة. وإذا صدقت الأنباء عن تقدم جو بايدن في بعض استطلاعات الرأي، فهذ يعني أن ترامب قد بدأ يحصد نتيجة أخطائه السياسية الفادحة، ولاسيما فيما يخص التعامل مع جائحة كورونا..
هذا على صعيد الداخل الأمريكي، أما على صعيد الخارج، فإن استمرار ترامب في ممارسة الإرهاب الاقتصادي بحق الدول الرافضة للهيمنة الأمريكية، ومنعها من الحصول على ما تحتاجه من لوازم طبية لمواجهة الجائحة، قد أسقط آخر أقنعة حقوق الإنسان التي تتشدق بها أمريكا، كما أثبت عجزها الفادح عن لعب الدور القيادي في مواجهة الوباء الذي يُفترض أن يوحّد جهود المجتمع الدولي في مواجهة خطره المشترك، لا أن يفاقم التناقضات والصراعات الدولية..
لكن يبدو أن العدوانية الأمريكية، وهي جوهر سياسة الولايات المتحدة الدولية، تتناقض تاريخياً وبنيوياً مع أي نظام عالمي يعمل من أجل خير البشرية ونمائها.
فهل سيكون هذا الانهيار الأخلاقي والإنساني الأمريكي، الذي تشكل الترامبية أنموذجه الأكثر شراسةً ووضوحاً، مؤشراً على نهاية الهيمنة الأمريكية الدولية التي عصفت بها رياح كورونا..؟!