قطاع الأعمال يدعو لفتح جزئي للأسواق مقترن بشروط السلامة
“كيف أتحرك بسيارتي وكيف أعمل”.. “أيعقل أنني أبحث منذ ساعة عن محل لإصلاح إطار سيارة، ولم أفلح ؟!!”.. يقول سائق سيارة الأجرة، الذي كان يقف في منطقة البرامكة، وسط دمشق، وقد تعطل الإطار لديه، دون أن يكون لديه بديل.. مثل هذه الحالة، وغيرها الكثير، تلخص واقع الأنشطة الخدمية والتجارية، بعد أن طبق حظر التجول وإغلاق الأسواق كإجراء احترازي فرضته المخاوف من انتشار فيروس “كورونا”، بيد أنه أسهم مع الأسف في توقف الأعمال، وتضرر أطراف العملية الإنتاجية جميعا..
تعالت في الآونة الأخيرة الأصوات المطالبة بإعادة النظر في الإغلاق الكامل للفعاليات والأنشطة التجارية والخدمية، طارحة فكرة الفتح الجزئي كأحد الحلول، بحيث يتسنى لها الاستمرار في أعمالها، ورفع عبء الخسائر اليومية عن كاهلها، والتي تتحملها بمرور كل يوم لا تتحرك فيه عجلة الإنتاج، خاصة ما يتعلق بالإيجارات والالتزامات المالية تجاه الموردين والعمالة وغيرهم..
التناوب.. قطاعيا
يرى بعض رجال الأعمال وأصحاب هذه الفعاليات أنه من الممكن فتح المحال بالتناوب داخل كل قطاع على حدة، بحيث تتحقق العدالة بين الجميع، مع ضمان توفير السلع والخدمات للمستهلكين، ما يكسر حالة الاحتكار التي جاءت نتيجة ندرة المتاح من هذه السلع والخدمات، وبالتالي المبالغة في الأسعار، التي باتت محل شكوى وتذمر على نحو ملحوظ، سيما ما يتعلق بقطع الغيار وصيانة الأجهزة الكهربائية والإلكترونية، خاصة تلك الأجهزة والمعدات العاملة في المستشفيات والعيادات وشركات إنتاج الأدوية والمستلزمات الطبية..
أخف الضررين..
جاء حظر التجول للوقاية من أي انتشار محتمل للوباء، ولكن وقف الأعمال والأنشطة ضرر كبير هو الآخر، لذا فإن الفتح الجزئي للأسواق هو أخف الضررين، حتى لا نخنق أنفسنا بأيدينا.. وفقا لما يقول عضو مجلس إدارة غرفة دمشق محمد الحلاق، الذي يحذر من أن التأخر في إصدار قرار الفتح قد يلحق ضررا كبيرا بشرائح واسعة من المجتمع، فالعامل المياوم والمشاهر –مثلا- لا يستطيع البقاء في البيت بلا عمل، بالمقابل لن يتحمل أصحاب المنشآت الاستمرار في دفع رواتب العمال، في وقت يتوقف فيه الإنتاج، وتصبح العوائد صفرا، مبينا أن ضعف الطلب والقوة الشرائية سيحدان من أية تجمعات أو ازدحام على منافذ البيع..
مبادرة أهلية
لا يمانع عضو مجلس غرفة تجارة وصناعة اللاذقية محمد عنتابلي في استمرار الحظر الكامل، طالما يأتي بنتائج إيجابية، فليس مهما خسارة مزاولة النشاط التجاري لشهر أو شهرين، بل سلامة المجتمع كاملا، وهنا لا بد من التكافل الاجتماعي، بحيث تطرح مبادرات من شأنها حماية الفئات الأشد فقرا، والتي تعطلت أعمالها جراء الحظر، لذا قامت الفعاليات الأهلية في محافظة اللاذقية، وبدعم من المحافظة والغرفة بتقديم مبادرة لجمع أموال ستوزع على حوالى 4000-5000 عائلة، بعد مسح اجتماعي بمعرفة لجان الأحياء والمخاتير وغيرهم من الفعاليات الاجتماعية.
ضعف الطلب
بين عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة درعا علاء الدين حريدين أن الأسواق باتت، خلال الأسبوعين الأخيرين، أكثر ميلا للاستقرار، وقل الطلب بشكل واضح، وذلك تحت تأثير سحب كميات كبيرة من السلع –الغذائية على وجه الخصوص- خلال الفترة التي سبقت الحظر، وضعف القوة الشرائية، نتيجة فقدان شرائح كبيرة من العمال لمصادر دخلهم، داعيا إلى تنظيم ودعم مبادرات أهلية لتقديم المساعدات الممكنة للأسر الفقيرة، والتي لن تتمكن من تأمين احتياجاتها الأساسية.
بحدود ومع الوقاية
إغلاق الأسواق بشكل كامل أمر من الصعب الاستمرار فيه، لأن نتائجه صعبة وخطرة على المستويات كافة، كما يؤكد رجل الأعمال باسل المبيض، وذلك بالنظر لمخاطر تعطيل مصالح الناس، وشح السيولة في أيدي الجميع، ولكن في الوقت نفسه لا بد من إغلاق هذه الأسواق ضمن حدود معينة، مع مراعاة الحيطة والتقيد بشروط السلامة العامة، فمن الممكن أن تضع المحال فواصل تفصل بين البائع والزبائن، وألا يجتمع في المحل سوى عدد محدد من هؤلاء الزبائن، وهكذا يعتاد الناس شيئا فشيئا على الواقع الجديد، والأخذ بمتطلبات الوقاية سواء على مستوى الفرد أم المجتمع، كما أن دولا كثيرة لديها حالات إصابة أكثر من سورية، لم تغلق الأسواق بالكامل، بل طبقت شروط الوقاية بشكل صارم.
إلى ذلك..
لا يبدو خيار إغلاق الأسواق خيارا صائبا وقابلا للاستمرار، فتبعات هذا الإغلاق قد تفوق تبعات وباء “كورونا” نفسه، فهو يعني، أول ما يعني، فقدان الأسواق أمام المنتجات المحلية داخليا وخارجيا، وتكدس البضائع جراء ضعف التصريف، وبالتالي عجز المنشآت عن الوفاء بالتزاماتها تجاه الأطراف المتعاملة معها، ومن الطبيعي أن يكون عمالها هم أولى الضحايا، ما يستوجب حلا عاجلا وإسعافيا.
أحمد العمار
ournamar@yahoo.com