حاكم نيويورك يعلن العصيان: لن ألتزم بأوامر ترامب!
مع تحوّل الولايات المتحدة إلى البؤرة الأولى لجائحة كورونا عالمياً، رفض حاكم ولاية نيويورك، آندرو كامو، حديث دونالد ترامب عن امتلاكه “سلطة كاملة” على الولايات فيما يتعلّق بإجراءات مواجهة كورونا، مؤكّداً أنه لن يلتزم بأي أمر يصدره الرئيس الأمريكي فيما يتعلق بإنهاء إجراءات العزل العام في الولاية بطريقة غير آمنة.
وقال كومو، في مقابلة مع شبكة سي. إن. إن الأمريكية، “إذا أمرني ترامب بإعادة فتح نيويورك بطريقة تعرّض الصحة العامة لأفراد ولايتي للخطر فلن أفعل ذلك”، مؤكداً أن أي أمر من هذا القبيل سيشكّل تحدياً دستورياً بين الولايات والحكومة الاتحادية وسيرفع إلى القضاء للبت فيه، وأضاف: إن أسوأ ما يمكن أن يفعله ترامب في هذه اللحظة هو أن يتصرّف بـ “طريقة ديكتاتورية ومثيرة للانقسام”، داعياً إلى إبعاد السياسة عن هذا الأمر، وذلك في إشارة إلى سعي ترامب لإعادة انتخابه في تشرين الثاني المقبل.
يذكر أن الفوز بانتخابات الرئاسة الأمريكية لعام 2020 وجذب الناخبين ما زال، برأي واشنطن بوست، الهدف الرئيس الذي يضعه ترامب نصب عينيه، وهذا ما دفعه إلى استغلال جميع المناسبات الإعلامية وتحويل الإحاطات اليومية، التي من المفترض أن تركّز على مواجهة إدارته أزمة كورونا، إلى استعراض يروج لحملته الانتخابية ويهاجم فيها خصومه السياسيين ووسائل الإعلام التي تخالفه في وجهات النظر.
وكان ترامب قال خلال مؤتمره الصحفي حول آخر مستجدات كورونا: إنه يعتقد أن لديه “سلطة كاملة” على الولايات فيما يتعلّق بإجراءات مواجهة الفيروس، وهو موقف لا يدعمه الدستور الأميركي، حيث رفضه على الفور خبراء قانونيون وبعض حكام الولايات.
وأكد ترامب في مؤتمر صحفي رداً على سؤال عمّا إذا كان هو أم الولايات من سيعيد فتح الاقتصاد “أنها (الولايات) لا تستطيع فعل أي شيء بدون موافقة رئيس الولايات المتحدة. رئيس الولايات المتحدة هو من يصدر القرار”.
وسارع كومو للردّ على تعليقات ترامب، قائلاً: “لدينا دستور، وليس لدينا ملك”.
وتفرض السلطات منذ أسابيع قيوداً واسعة ألزمت الناس في مناطق كثيرة من الولايات المتحدة بالبقاء في بيوتهم لكبح انتشار الفيروس، مما سبب أضراراً اقتصادية فادحة. وبدأ المسؤولون والمشرعون يناقشون متى قد يتمّ البدء في إعادة فتح بعض القطاعات، في وقت يسعى فيه ترامب للتسريع بتنفيذ ذلك.
وليس من الواضح أي سلطة يتمتع بها ترامب ليأمر الولايات بإعادة فتح أعمالها غير الأساسية، والسماح للأشخاص بإعادة التجمع في الأماكن العامة مجدداً.
يشار إلى أن 23 ألفاً و649 شخصاً لقوا حتفهم في الولايات المتحدة جراء مضاعفات فيروس كورونا، حسب إحصاء جامعة جونز هوبكنز، فيما وصل عدد الإصابات إلى 582590 إصابة. وكان أكبر عدد من الوفيات في ولاية نيويورك التي سجلت أكثر من عشرة آلاف حالة وفاة.
يأتي ذلك فيما وصفت صحيفة “نيويورك تايمز”، في افتتاحيتها، حجم الضرر الاقتصادي الذي لحق بالولايات المتحدة الأميركية خلال الأسابيع الأخيرة جراء تفشي وباء كورونا بأنه “مذهل”، مشيرة إلى أن موجة البطالة التي شهدتها البلاد خلال الأسابيع القليلة الماضية لم يسبق لها مثيل في تاريخ أميركا الحديث.
وأوضحت الصحيفة أن آخر الاستطلاعات تشير إلى أن ما يزيد على نصف المواطنين الأميركيين تحت سن الـ45 عاماً فقدوا وظائفهم أو تقلصت ساعات عملهم خلال الأسابيع الثلاثة الماضية.
وانتقدت الصحيفة تأخر الحكومة الفدرالية في التعاطي مع تفشي الوباء في الولايات المتحدة، قائلةً: إن المسؤولين المحليين أصدروا أوامر بإغلاق الشركات والمحلات التجارية قبل أسابيع من تحرّك الكونغرس لتقديم دعم مالي لإنقاذ تلك الشركات، وهي خطوة كانت كفيلة بإنقاذ ملايين الوظائف لو اتخذت في الوقت المناسب.
وأشارت إلى أن المبلغ الذي أقره الكونغرس في نهاية آذار الماضي، لدعم الشركات الصغيرة، يعكس عدم إدراكه حجم الأزمة، حيث لم يتجاوز 349 مليار دولار على الرغم من تحذيرات الخبراء بأن على الحكومة تقديم ثلاثة أضعاف ذلك المبلغ للحد من فقدان الوظائف.
وفي السياق، قالت الصحيفة: إن الكونغرس ما زال باستطاعته تبني مقاربة مختلفة للحد من الأضرار التي لحقت بالاقتصاد، وإن دولاً أوروبية عديدة -من بينها فرنسا وألمانيا وبريطانيا- تحارب البطالة الجماعية من خلال تقديم الدعم المالي للشركات، لتتمكن من دفع رواتب موظفيها والاحتفاظ بهم خلال الإغلاق.
وأشارت إلى أن السيناتور الجمهوري جوش هاولي قدّم مقترحاً مشابهاً لمقاربة تلك الدول، تدفع الحكومة بموجبه ما يصل إلى 80% من الراتب الإجمالي لكل موظف، بما يعادل متوسط الأجر الذي حددته إدارة الضمان الإجتماعي سنة 2018.
كما تقترح خطة هاولي مكافأة للشركات التي تعيد توظيف العمال المسرحين من العمل منذ بداية الأزمة.
وتعكس خطة السيناتور هاولي إدراكه ضخامة الأزمة، وكان قد قال في تصريح سابق لصحيفة “واشنطن بوست”: إن ما يحدث “يشبه (قولنا) “يا للهول، إننا نسقط.. نسقط، نسقط.. نسقط ولا أحد يستطيع رؤية القاع، أنا شخصياً لست مهتماً بمعرفة أين قد يكون القاع”.