تغريدة خارج السرب!
حسن النابلسي
ربما نغرد خارج السرب إذا ما بثينا ما يجول بخاطرنا من أن ثمة فرصة قد لا تتكرر أمام الاقتصاد الوطني لتعزيز الإنتاج، في ظل توالي الأخبار العالمية المتعلقة بالمؤشرات السلبية عن تدهور الاقتصاد العالمي خلال المرحلة المقبلة، سواء لجهة تباطؤ النمو، أو لجهة الانكماش والركود والكساد.. إلخ.
يستند طرحنا هذا إلى معطيات عدة، يتصدرها ما يتمتع به الاقتصاد السوري من تنوع فسيفسائي من زراعة، وصناعة، وتجارة، وسياحة، وبعض حوامل الطاقة، واستخدمنا كلمة “بعض” كي لا نقع في مطب المقارنة مع الدول النفطية، إضافة إلى الكادر البشري المؤهل واليد العاملة، إلى جانب الموقع الاستراتيجي الذي لا يجادل به أحد.
ولعل الأهم من هذا وذاك ما أصاب الاقتصاد من أزمة خانقة لانزال نعيش تداعياتها، يفترض أنها أكسبته مناعة من نوع خاص، وجعلته أكثر مرونة تجاه تعاطيه مع تحديات كانت تظهر بين الفينة والأخرى، من تدمير للبنية التحتية، وتدهور للمنظومة الكهربائية، وتقطع أوصال الطرق بين المحافظات، ما أثر على حركة نقل البضائع والأفراد، ناهيكم عن العقوبات وأثرها على الاستيراد والتصدير والتحويلات المالية، فرغم ذلك لم تنقطع السلع من الأسواق، واستمر الإنتاج الصناعي والزراعي ولو بنسب متدنية.
لعل المواطن السوري الآن ومع موجة كورونا لم يتأثر كثيراً أسوة بنظرائه من دول العالم، كونه تلقى الصدمة قبل غيره بحوالي تسع سنوات، وهذه قد تعتبر ميزة لأصحاب القرار الاقتصادي تعطيهم مزيداً من الوقت لاستغلال فرصة الاشتغال على تعزيز الإنتاج خاصة الزراعي منه.!
وسبق لنا أن تناولنا في هذه الزاوية التعويل على حاجة أسواق دول الجوار للصادرات السورية بعدما أحجمت- أو تحفظت – هذه الأسواق عن استقبال الواردات الصينية نتيجة تفشي كورونا في الصين.!
ويبقى التحدي الأكبر والتعويل الأهم على مدى جدية الفريق الاقتصادي والحكومة ككل على استثمار ما ذكرناه من المقومات الكفيلة بتوطيد أركان الاقتصاد الوطني والشد من أزره، فلعل دول المنطقة قادمة على مرحلة شح قد تكون غير مسبوقة، وأغلب الظن أنها ستوجه بوصلتها إلى نظيراتها المنتجة بغض النظر عن مدى مستوى علاقاتها السياسية معها، ونعتقد أن المنتج الزراعي سيتصدر المشهد لجهة التزاحم على تأمينه بأية وسيلة كانت، فهل سيتقن الفريق الاقتصادي استثمار هذا الظرف العالمي العصيب، ويطوعه لصالح الإنتاج بحيث يحقق أولاً الاكتفاء الذاتي زراعياً وغذائياً، وتصدير الفائض منه ثانياً؟
hasanla@yahoo.com