الجلاء في الفن التشكيلي
أكسم طلاع
استلهم التشكيليون السوريون أعمالهم من الأحداث الكبيرة التي غيرت الواقع إلى أمر جديد يتوافق وطموحات الشعب السوري ونضاله وبالأخص تلك التحولات المجيدة التي أنجزت بفضل تضحيات أبناء الوطن ودماء شهدائه الأبرار، وفي سجل سورية الخالد لابد من الوقوف عند مأثرة الجلاء الكبرى التي حققها شعبنا العظيم في نيل استقلاله وطرد المستعمر الفرنسي ورفع راية التحرر والاستقلال، فقد واكب رجالات الفكر والثقافة والإبداع هذه المنجزات وكانوا جنودا في معركة الوطن وسطروا صفحات مضيئة في سجله العريق، فكان الشعر والرواية والفن التشكيلي الذي وثق في لوحات وأعمال نحتية ملامح جلية للجلاء، ومن البدايات الفنية التشكيلية السورية لوحات لكل من سعيد تحسين وميشيل كرشة الذين صوروا بطولة رجال حامية المجلس النيابي وصوروا وحشية المستعمر، كما صوروا معركة ميسلون ومأثرة الشعب السوري بقيادة يوسف العظمة في مواجهة جيش الغزاة بدمائهم التي انتصرت على دباباتهم ومدافعهم في معركة غير متكافئة من حيث العدة، وكان لهذه المعركة النصيب الكبير في التشكيل السوري نذكر من الرسامين عاصم زكريا وممتاز البحرة وغيرهم، كما شهدت الساحات والميادين النصب التذكارية لرجالات الثورة السورية التي امتدت من جبل العرب وصولا للساحل السوري، ففي السويداء ينتصب النصب التذكاري لقائد الثورة السورية الكبرى سلطان باشا الأطرش ومثله تمثال للشيخ صالح العلي قائد الثورة في الساحل وتمثال نفذه الفنان إياد بلال في القنيطرة للمجاهد أحمد مريود، كما شيدت النصب المعمارية في الساحات تمجيدا ليوم الجلاء كما في دمشق مثل النصب التذكاري في ساحة محمد الأشمر وتمثال يوسف العظمة أيضا، وتكاد لا تخلو أي محافظة سورية من هذه المعالم الفنية التي تجسد الجلاء ومعانيه التي ستكون استمرارا في إصرار السوريين على استرجاع جولانهم الحبيب إلى أهله وطرد المحتلين الصهاينة مهما طال الزمن.