أردوغان يحوّل “مؤسسات الدولة” أداة لقمع المعارضين والمنتقدين
أثار النظام التركي من خلال إمعانه في سياسة تكميم الأفواه سخط حلفاء سابقين من رجب طيب أردوغان، فقد وجّه رئيس حزب الديمقراطية والتقدّم علي باباجان انتقادات حادة للعقوبات التي قام المجلس الأعلى للإذاعة والتلفزيون، التابع لأردوغان، بفرضها على قناة فوكس نيوز إضافة إلى قنوات إعلامية أخرى.
وقال باباجان، الذي كان حليفاً لأردوغان وأحد رموز ومؤسسي حزب العدالة والتنمية قبل انشقاقه عنه وتأسيس حزبه في آذار الماضي، في تغريدة على تويتر “إنّه لا يمكن استخدام المؤسسات التنظيمية كعصا للسلطة السياسية وكوسيلة للمعاقبة والانضباط والتأديب”.
واتهم باباجان القائمين على العقوبات بمحاولة إلغاء الضمان الدستوري للحريات الإعلامية والعامة، وأنّها غير مقبولة مضيفاً: “إن حرية التعبير وحرية الصحافة من بين المبادئ الأساسية للديمقراطيات. وإن وجود هذه الحريات أمر حيوي للكشف عن الظلم والتمييز والفساد وجميع أوجه عدم الشرعية الأخرى وملاحقة الضمير العام”.
وأكد وزير الاقتصاد الأسبق أن النظام مجبور بحماية التنوع وعدم ترويع حرية التعبير في وسائل الإعلام بالمزيد من العقوبات كلّ مرة، مضيفاً: “الدولة مطالبة بتأمين الحريات وتوسيعها والمحافظة عليها، وأنّه لا يمكن استخدام المؤسسات التنظيمية كعصا بيد السلطة السياسية لضرب المعارضين والمنتقدين.
وكان المجلس الأعلى للإذاعة والتلفزيون، ذراع أردوغان في ملاحقة الإعلاميين، أصدر عقوبة ضد قناة فوكس نيوز، وأوقف برنامجاً فيها ثلاث مرات حتى الآن على خلفية تصريحات مقدم البرنامج فاتح بورتاكال، التي زعم أنها تحرّض الناس على “الكراهية والعداء”.
وكان بروتكال انتقد الإجراءات التي اتخذها أردوغان في مواجهة وباء كورونا، ما دفع رأس النظام التركي إلى تقديم شكوى جنائية إلى الادعاء العام في إسطنبول، ذراع أردوغان القضائية، ضد المذيع الشهير بتهمة “إهانة الرئيس”، وهي تهمة يصل السجن فيها إلى خمس سنوات.
وكان بروتكال انتقد مراراً حملة التبرعات الحكومية لدعم جهود مكافحة كورونا، حيث شبه القرار بأوامر الضرائب الوطنية خلال حرب استقلال تركيا أوائل عشرينات القرن الماضي. وقادت تلك الأوامر إلى مصادرة بعض السلع والممتلكات العامة.
وفي تغريدة على تويتر مساء الخميس كتب بروتكال “أتساءل عما إذا كانوا سيطلبون أيضاً أموالاً من أصحاب الودائع أو المدخرات؟!. لسوء الحظ، لا يمكن أن أقول إن هذا لن يحدث”.
بدورها تقدمت الهيئة المسؤولة عن تنظيم عمل البنوك في تركيا بشكوى ضد بورتاكال، واتهمته بـ “الإضرار بسمعة” البنوك.
ووجه باباجان انتقادات لطريقة مواجهة نظام العدالة والتنمية لكورونا وتداعياته، حيث قال لقناة فوكس: إن تركيا كانت ضعيفة في مواجهة هذه الأزمة بسبب “تقلص الحيز المالي”، وتقليص احتياطي النقد الأجنبي في البنك المركزي، وضعف الميزانيات العمومية للبنك، واستنفاد الأموال الاحتياطية، وتراجع الثقة في المؤسسات الحكومية، وأضاف: “إن حزمة التحفيز التي قدمتها الحكومة التركية للتخفيف من الأثر الاقتصادي لوباء فيروس كورونا فشلت، وأنّها لم تشكل ملايين الأشخاص من غير العاملين في القطاع الحكومي”.
واستغرب باباجان من سياسة النظام التركي ومحاولته إقناع الشعب، متسائلاً: “كيف يمكننا أن نطالب الناس الذين لا يستطيعون حتى شراء الخبز بالبقاء في المنزل؟”.
وفي حديثه عن الصعوبات التي يمر بها الشعب التركي في خضم الأزمة، قال باباجان: “مليون شخص في تركيا يكسبون دخلًا من الحكومة لأنهم موظفون مدنيون متقاعدون أو ما زالوا يعملون. لكن 55 مليون شخص ليس لديهم دخل من الدولة. يجب اتخاذ الاحتياطات أولاً وقبل كل شيء لهؤلاء الـ 55 مليون شخص”.
وتحدث باباجان عن الموارد التي يمكن لنظام أردوغان استغلالها في الأزمة بما في ذلك تعليق الضرائب والمدفوعات الأخرى أو جعل القروض أو مدفوعات الإعانات متاحة للمواطنين.
وطالب علي باباجان حكومة أردوغان بالتحرك قبل تعمّق الأزمة، مضيفاً: “يجب أن يستخدموا كل قطعة ذخيرة لديهم. حتى التأخير لمدة يوم واحد سيسبب الكثير من الضرر في المستقبل”.