“الخبز الذكي” بطعم الدعم ومستحقيه.. في زمن التشكيك!!
ريف دمشق – علي حسون
ما إن ألمحت الحكومة عن نيتها في توزيع مادة الخبز عبر البطاقة الذكية، حتى راحت أغلب صفحات التواصل الاجتماعي وبعض المواقع تشكك بالمشروع حتى قبل أن يبصر النور. وعندما باشرت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بالمرحلة التجريبية انشغلت المواقع والصفحات بالتحليل وطرح أسئلة كثيرة وملاحظات عدة جزء منها يستحق الوقوف عنده، كونه يأتي على لسان خبراء مختصين ومواطنين يدركون أهمية أي عملية تطوير وكل تجربة جديدة تلقى انتقادات وخاصة في حال تطبيقها ضمن ظروف استثنائية “التصدي لمرض كورونا”.
توقيت خاطئ !
واعتبر خبراء أن القرار صائب في التوقيت غير المناسب، فالمواطن اليوم بحاجة لقرارات على مستوى عال تؤمن حقوقه، لا أن تلاحقه على ربطة الخبز في الوقت الذي يصعب على الوزارات المعنية اتخاذ قرارات حاسمة بحق كبار المتاجرين بلقمة المواطن والتجار المحتكرين ومهربي الدقيق.
ومع هذه “المعمعة” الجدلية بين مؤيد ورافض للفكرة والنقاشات البناءة التي تصب في مصلحة تصويب القرار، ينسل أصحاب النفوس الضعيفة ومن لم ترق لهم الفكرة كونها تقطع الطريق عليهم، ليبدأوا بالصيد في الماء العكر والعزف على وتر مصلحة المواطن، في حين يتناسون أنهم سبب في الأزمات.
أسئلة محقة
وقد تكون عدم تقبل فكرة إدراج الخبز ضمن قائمة البطاقة الذكية غير مقبولة عند الكثيرين نتيجة ما عانوه في التجارب السابقة في توزيع مادة الغاز والمازوت وصولاً إلى المواد التموينية، ليتساءل المواطن: كيف ستنجح تجربة توزيع الخبز ومازالت أزمة المواد الأخرى مستمرة؟
ومع هذا السؤال الذي يأتي على لسان كل مواطن يخشى على لقمة “الخبز”، يأتي تأكيد الحكومة على أن رغيف الخبز سيبقى خطاً أحمراً، حيث اعتبر معاون وزير التجارة الداخلية وحماية رفعت سليمان أن الغاية من تنفيذ توزيع الخبز عبر البطاقة “الذكية” هي “إيصال الدعم لمستحقيه”، والتأكد من وصوله بالشكل الصحيح، وإيقاف حالات التلاعب والغش والازدحام، وخاصة في هذا التوقيت كما سيساهم هذا الإجراء في معرفة المدخلات والمخرجات ضمن هذه العملية”.
معتمدون مخالفون
“البعث” جالت على بعض مخابز في ريف دمشق وتابعت عن كثب عمليات تسليم المعتمدين للكميات المخصصة لهم من الخبز، حيث كان لكل جهة معاناتها كون التجربة جديدة واجتهادات من هنا وهناك في عملية التنفيذ، ولاسيما مع تعدد الجهات المشرفة والمتداخلة في تنفيذ القرار، حيث لم يخف مستثمر أحد المخابز تكديس مادة الخبز، وخاصة في الليل نظراً لعدم حضور بعض المعتمدين لاستلام مخصصاتهم، مما سيؤثر على جودة الخبز كونه سيبقى لليوم التالي والمواطن لن يتقبل فكرة “الخبز البائت”، إضافة إلى كثرة المعتمدين الفرعيين واصطدامهم مع المعتمدين الأساسين الذين بحوزتهم أجهزة البطاقة، وذلك بسبب خلافات على سعر المبيع للمواطن، حيث كل منهم يبحث عن مصلحته – حسب كلام متابعين لعمليات التوزيع.
ومن خلال متابعتنا لعمل أغلب المعتمدين، هناك البعض منهم لا يملك نقطة بيع أو محلا تجاريا حسب تعليمات الوزارة من أجل بيع الخبز بطريقة صحيحة للمواطن.
ويطرح مواطنون شكواهم ومعاناتهم من معتمدين يضعون الخبز بطريقة عشوائية في سيارتهم من دون صناديق بلاستكية حسب تأكيدات وزير “حماية المستهلك”عبر وسائل الإعلام، إضافة إلى تقاضي مبلغ زائد عما تم تحديده أصولاً، حيث تباع الربطة عند معتمدين بسعر 100 ليرة سورية، علماً أن الوزارة حددتها بـ 60 ليرة فقط، ليؤكد متابعون أن تصريحات المعنيين لا تتطابق مع الواقع ما يفقد الثقة بين المواطن والمسؤول.
ألفا نقطة مبيع
ويوضح معاون الوزير في تصريح خاص لـ “البعث” أن الوزارة تابعت خلال أسبوع التجربة في دمشق وريفها ولاحظت ثغرات سواء لجهة تكديس الخبز في بعض المخابز أم لعدم التزام بعض المعتمدين بالمواعيد المحددة، لهذا تم تشكيل لجان وجولات ميدانية على جميع المخابز ونقاط البيع، علماً أن هناك ألفي نقطة بيع خبز حددت في دمشق وريفها عبر البطاقة الذكية، مؤكداً أن الوزارة وبالتعاون مع المحافظين تعمل على تدارك أي ملاحظة وخاصة بما يتعلق بموضوع المعتمدين، حيث ستصدر قريباً تعليمات تنفيذية ناظمة لعمل المعتمدين وشروط يتوجب تطبيقها لتحديد آلية العمل وخاصة مع ضرورة وجود محل تجاري يملكه كل معتمد مخصص لبيع الخبز .
تكليف وتخفيف
وكشف سليمان عن نية الوزارة تكليف معتمدي الخبز بتوزيع المواد التموينية وذلك تخفيفاً على منافذ السورية للتجارة ومنعاً لحدوث الازدحام، مبيناً أنه سيتم ضبط عمليات توزيع الخبز بإرسال رسائل نصية لكل مواطن يحمل بطاقة عن استلام كميات الخبز وذلك منعاً لحدوث تلاعب من المعتمدين، مشدداً على عدم إعطاء معتمد الخبز أي بطاقة وتجميعهم ومن ثم القطع في المخبز، حيث تعتبر مخالفة من قبل المعتمد ويحاسب عليها بإلغاء موافقة الاعتماد، مشيراً إلى أن المعتمد عليه إحضار الخبز إلى المواطن وقطع البطاقة وتسليمه مخصصاته.
ولم يغفل معاون الوزير موضوع جودة الخبز، حيث تم تكليف لجان مختصة في كل منطقة لمراقبة جودة الخبز والعمل على تقديم الرغيف بالشكل الأمثل، لاسيما أن المواد المتعلقة بصناعة الرغيف مؤمنة وبالجودة العالية.
انعكاسات ونتائج
ويؤكد خبراء اقتصاديين أن لكل قرار انعكاسات حتمية، وحتمية النتائج تتعلق بالدراسة المسبقة لكل المدخلات المتعلقة بالقرار من ناحية شموله الأفقي والعامودي، فدراسة الجدوى الاقتصادية والاجتماعية لأي قرار بشكل مسبق هي معيار للتطبيق. ورغم الدراسات لابد من انحرافات عبر المراقبة والمتابعة، مشيرين إلى أهمية جهوزية إصلاح الثغرات وتصويبها نحو المسار الصحيح والغاية المرجوة. وطالما حصل ذلك من خلال تنفيذ وتطبيق البطاقة الذكية بما يخص توزيع الوقود الذي حقق المراد به.
ويطالب الكثيرون بدراسات استشارية لدارسة إيجابيات وسلبيات تطبيق توزيع الخبز على البطاقة، وماذا سيوفر تطبيق البطاقة الذكية على الخبز من الطحين والوقود!!
حصر ومتابعة
في الوقت نفسه، يؤكد مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك لؤي السالم أن تطبيق البطاقة الذكية قرار صحيح كونه سينظم العمل ويحد من عمليات الهدر وتهريب الدقيق، لاسيما أن الموضوع مؤتمت بكافة جوانبه وسيحصر مسؤولية كل جهة، لافتاً إلى استنفار كامل لكوادر المديرية من أجل متابعة تنفيذ تجربة البيع على البطاقة الذكية واستدراك أي ملاحظة.
وشدد السالم على ضرورة إدخال بيانات صحيحة، ومعرفة أسماء المعتمدين، وأرقام هواتفهم، والكميات المحددة التي سيقوم كل معتمد بتوزيعها، ومعرفة احتياجات كل منطقة وحي، والعمل على وضع آلية تنفيذية صحيحة تضمن توزيع وإيصال الخبز إلى المواطنين بشكل لائق.
الأقوال والأفعال
ومع كل ما ذكر وتأكيدات المعنيين على صوابية القرار ومتابعة تنفيذه وتجاوز الثغرات يبقى أمل المواطن أن تكون المتابعة حقيقية على الأرض وتكليف لجان يكون لديها نوايا جادة في العمل وتصويب المسار ومحاسبة المخالف، وخاصة أن من خلال جولاتنا هناك أمور كثيرة وإشكاليات وتجاوزات تتطلب الوقف عندها ومعالجتها بالشكل الصحيح.
والجدير ذكره أنه بالنسبة للعازبين والحالات الخاصة سيكون لهم بطاقة خاصة، وطريقة معينة للحصول على الخبز، عن طريق مختار الحي أو رئيس البلدية وسيتم تسجيل هذه الحالات والتي تتضمن بأغلبها الأشخاص العازبين والمقيمين بشكل فردي.