واشنطن تسعى لتخريب منظمة عالمية أخرى !
ترجمة: علاء العطار
عن موقع “تشاينا ديلي” 20/4/2020
أعلن ترامب أن سيقطع التمويل عن منظمة الصحة العالمية، مدعياً أن هذه الهيئة العالمية “فشلت” في واجبها في توجيه العالم في حربه على جائحة فيروس كورونا المستجد، وأنها كانت “واثقة جداً بالصين”، لكن هذه ليست سوى خدعة سياسية رخيصة لإلهاء الجمهور عن استجابة إدارته الكارثية للجائحة، وهي تحول تام عن مدح بكين قبل بضعة أسابيع لشفافيتها.
تعد هذه الخطوة الأمريكية جزءاً من عقيدة الرئيس الأمريكي في السياسة الخارجية الانعزالية المتمثلة بـ “أمريكا أولاً”، التي تسعى إلى الانسحاب من المؤسسات المتعددة الأطراف وتقويضها وإهمالها، فضلاً عن تعليق تمويلها وتحويل مبالغها نحو اجتذاب الناخبين، لذا على الشعب الأمريكي ألا يصدق هذا الهراء، الذي يعكس افتقار واشنطن لمهارات القيادة.
إن الديناميكية الأولى لفهم قرار الإدارة الأمريكية هي غرائزها الأحادية عندما يتعلق الأمر بالسياسة الخارجية، فقد تبنت واشنطن مقاربة عدائية تجاه المؤسسات المتعددة الأطراف، بتحريض من الصقور المتطرفين المسيطرين على السياسة الخارجية، مع تركيزهم على ديناميكيات القوة، كما أن واشنطن عدّت هذه المؤسسات عقبات أمام المصالح الوطنية الأمريكية.
وفي خضم هذه العملية، انسحب البيت الأبيض من الاتفاق النووي الإيراني، وعرقل تعيين القضاة لإعاقة منظمة التجارة العالمية، وانسحب من اتفاقية باريس للمناخ، ومن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، ومن منظمة اليونسكو، وتجاهل البيت الأبيض في كل حالة من هذه الحالات إرادة المجتمع الدولي لتحقيق أهداف تتمحور حول الولايات المتحدة.
وكانت منظمة الصحة العالمية آخر ضحايا واشنطن، وبتلويحه “بورقة الصين” ضدها، يحاول البيت الأبيض التغطية على إهماله بعد أن تصدرت الولايات المتحدة المرتبة الأولى في عدد الحالات المؤكدة وعدد الوفيات.
يلوم الرئيس الأمريكي منظمة الصحة العالمية على افتقارها للشفافية، لكن صحيفة نيويورك تايمز ذكرت أنها حذرت من احتمال حدوث جائحة قبل أسابيع، لكنه اختار ألا يفعل شيئاً خوفاً من الآثار المترتبة على الاقتصاد، حتى إنه استبعد تفشي الفيروس واعتبر الأمر “خديعة سياسية”، وعبر استهدافه منظمة الصحة العالمية، يسمح للناخبين بالتنفيس عن غضبهم على مؤسسة غير الإدارة الأمريكية، ويزعم أنه يوفر عائدات الضرائب عبر الانسحاب من منظمات لا تمثل مصالح الولايات المتحدة ولا تحميها.
بطبيعة الحال، قد تكون تبعات أفعاله كارثية، فالرئيس الأمريكي يقوض مؤسسة صحة عالمية في ذروة تفشي الفيروس لمكاسبه السياسية الضيقة، ويزرع الشك في منظمة عالمية رائدة تضم خبراء طبيين.
إن هذا خطأ جسيم، بالأخص من الناحية الأخلاقية، فادعاء أن المنظمة “تثق بالصين بإفراط” ليس صحيحاً ببساطة، لأسباب ليس أقلّها أن مساهمة الصين في المنظمة لا تقل عن مساهمة واشنطن وبعض الدول الأوروبية، والحقيقة أن الرئيس الأمريكي ومساعديه يهاجمون منظمة الصحة العالمية لتحويل انتباه الرأي العام عن فشلهم، لذا تراهم يدمرونها لأغراضهم السياسية.
وبناء عليه، إن ما يُسمى بالمظالم الأمريكية ضد منظمة الصحة العالمية ما هي إلا لعبة ملامة سياسية مدبرة بعناية تجمع بين سياسة أمريكية أحادية ومتهورة وإغواء الناخبين. في الواقع، إن حالة الإنكار التي عانى منها الرئيس الأمريكي لشهرين طويلين ليستبعد فكرة تفشٍ محتمل، إلى جانب افتقاره التام للإرادة السياسية للاستعداد لطارئ صحي، هي المسؤولة عن الدمار الذي لحق بالولايات المتحدة، وليس المدير العام للمنظمة أو أي مسؤول آخر فيها، وخلافاً لادعاء البيت الأبيض المريب، كرس مسؤولو منظمة الصحة العالمية حياتهم للرعاية الصحية العالمية وللإنسانية.