من واقع الحياة.. الظروف الاقتصادية والصحية زادت من نسب العنف ضد المرأة
ليس غريباً أن نرى في مجتمعنا الذي يوصف بالذكوري حالات مختلفة في مجال تنمر المرأة، وهضم حقوقها، والحد من نشاطها وعملها تحت حجج واهية، سواء أخلاقية، أو تعصبية، أو اجتماعية، فالجميع يطالب بمساواة المرأة ونهضتها، دون أن يتم التحرك بشكل صحيح، حيث تسجل المراكز الاجتماعية مثل جمعية تنظيم الأسرة حالات عنف مورست على المرأة، ونسمع يومياً أيضاً عن اضطهاد وإجحاف يمارس بحقها في ظل الظرف الاقتصادي والصحي الذي نمر به، كما سمعنا عن تزايد حالات الطلاق، وتفكك الأسر السورية نتيجة العادات المفروضة بقوة المجتمع، إلى جانب الكثير من القوانين التي ترجح الكفة لصالح الرجل، فهل هناك من بنود قانونية يجب تعديلها أو حذفها كبداية لهذه المساواة، أم أن ظلم المرأة مازال سائداً، وهي بحاجة للإنصاف من كل النواحي؟.
بين مندد ومطالب
سلام أسعد أكدت أنها تعرضت للظلم من زوجها، وبعد أن استحالت حياتهما معاً اضطرت للتنازل له عن كل حقوقها المالية، والقانونية، والحضانة، وبالتالي فإن القانون وإن كان لصالحها كنص، لكنه قد لا ينصفها في خضم الواقع العملي، في حين رأت نهلة سلطان أن المرأة ذاتها هي من تساهم في إضعاف كيان المرأة عندما تربي ابنتها على القمع مثلاً، وتربي ابنها على التحكم بشقيقته، وزوجته.
لا تمييز في القانون
المحامي عادل دواي، نقابة المحامين، فرع اللاذقية، نفى وجود أي تمييز في القانون بين الرجل، والمرأة، فالحقوق والميزات الممنوحة للمرأة تتعلق بشكل حتمي بوجود المرأة، ولا يمكن الاستغناء عنها بحال من الأحوال، كما أن الرجل في معظم المجتمعات هو العنصر المليء مادياً، والمطالب أكثر بالانفاق على المرأة، والأسرة ككل حتى لو تم الطلاق، ولا يمكننا التذرع بأن هذه الميزات قد تلغي فكرة المساواة بين الرجل والمرأة، حتى إن قوانين الدول الغربية التي نعتبرها مثالاً يحتذى به في مجال المساواة بين المرأة والرجل أعطت للمرأة تلك الحقوق مع مؤيدات زجرية قوية لا تهاون فيها.
أما المحامي نور الدين برنبو، نقابة المحامين، فرع دمشق، فقد رأى أن القانون السوري ساوى بدرجة كبيرة بين الرجل والمرأة، وأعطاها حقوقها كاملةً، سواء كأم أو كعاملة تعيل أسرة فيها زوج عامل أو زوج غير قادر على العمل، أو كوارثة رغم حقها الشرعي بنصف ما للذكر فقط، ولم يعد يسعني القول نهائياً بأن الرجل يتفوق على الأنثى في أي مجال كان، فهناك المرأة القاضية، والمحامية، والمهندسة، والضابط، ومن شغلن مناصبهن حتى في مجلس الشعب، في حين هناك بلدان مجاورة تحتفل بأنها سمحت للمرأة بالحصول على إجازة في السياقة، أما من يدعون أن النفقة تمثّل تمييزاً للمرأة، فقد عارض وجهة نظرهم، ورأى أنه يتوجب على المشرع زيادة هذه النفقات بغض النظر عن يسار الزوج كونها ليست منصفة أو مرجحة لحقوق المرأة تجاه الرجل نهائياً، وغير كافية لإعالة المرأة والأولاد في ظل الأوضاع الاقتصادية السيئة التي نعيشها.
من جهة أخرى رأت المحامية دولت إبراهيم أنه لا يمكننا المساواة أبداً بين المرأة والرجل، فهناك فوارق واضحة وكثيرة بين كل منهما على كافة المستويات، وفوق كل هذا فإن الله ميّز بينهما على حد تعبيرها، وهذا التمييز يعتبر قانوناً طبيعياً وحتمياً لا يمكن التغيير فيه مهما طال الجدال، وخص المرأة بسورة النساء ليبيّن ما لها من حقوق، وماعليها من واجبات، بحيث لا يجرؤ أحد على حرمانها من حقوقها، والقانون السوري راعى تلك الخصوصية في كل أحكامه، وحول وجود أفكار متعصبة دينياً ضد المرأة رأت إبراهيم أننا نحن من يعطي الأشياء والأشخاص قيمتها، سواء غيّر بعض الفقهاء، أو علماء اللغة، أو التاريخ حقائق وشروحات للمساس بمكانة المرأة، فرغم ذلك لا يمكن تشويه الفكرة العظيمة التي بداخلنا، فالمرأة هي الأم، والمربية، والمدرسة، والأخت الحنونة، والزوجة، والأفكار الخاطئة علينا استبعادها فوراً مهما انتشرت لكي لا نقع في الشك والخطأ، وتعتبر إبراهيم أن المستوى الذي وصلت إليه المرأة حالياً هو تكريم لها، واحترام لكيانها بالكامل، وأن الكلام بهذا الموضوع لا ينتهي ولا تختصره كتب، أو مقالات، وبالرغم من ذلك كله فلكل قاعدة شواذ، فهناك نساء لم يتم منحهن ذلك التكريم، والاحترام، وبقيت المرأة في مركز متأخر لا يمكنها النهوض دون دعم من المجتمع الذي يمثّله الرجل.
أما الباحث الاجتماعي شفيق محمد فرأى أن المرأة تعرضت للتهميش عبر تاريخنا العربي والإسلامي، فكلمة نساء تعني جمع نسيء وهو الشيء أو حتى الإنسان المتأخر أو الحديث، والرجل هو الإنسان المتقدم، والرجال القوامون على النساء ليسوا بالضرورة ذكوراً، فإذا كان الزوج مريضاً، أو يتعاطى المسكرات طوال اليوم، ولا يعمل، ألا تكون قوامة البيت للمرأة إن أرادت إنقاذ أسرتها من الضياع.
بشار محي الدين المحمد