هيثم الطفيلي: القلم أصابع القلب التي تكتب ما تريد!!
اعتاد الكاتب هيثم الطفيلي أن يشعل شموع السلام في البقع المظلمة في الحياة من خلال الحالة الجدلية العميقة التي خلقها في كتاباته سواء في عمله المسرحي “تفل قهوة” الذي زار أغلب عواصم العالم العربي أو في مقالاته الأدبية في موقع قناة الميادين التي لامست أغلب قضايا مجتمعنا بأسلوب خرج عن المعتاد بحوارية آدم وحواء، أو في عمله الروائي الأول “نور شام.. ذاكرة مدينة” الذي كان وثيقة تاريخية غير رسمية لتاريخ دمشق، دون أن ننسى أعماله المعلقة التي مازالت تنتظر التنفيذ مثل مسرحية بيان رقم واحد ومسلسل سلام من فيروز، ولأن من الصعب عليه التوقف عن الإبداع ينشغل حالياً بالتحضير لعمله الأدبي الجديد، فإلى أين ستأخذنا حروفه؟ وماذا ستحمل لنا من فرادة هذه المرة؟.
قمر وزحل
يرفض هيثم أن يسمّي ما يمر به حالياً بمرحلة صيام أدبي بقدر ما هو صداع الفكرة، لذلك يؤكد أنه في صدد كتابة عمل جديد، وكما كل مرة يعتبر هيثم كل عمل له بمثابة طفل له، فيقول: الجنين الجديد الذي تحمله أوراقي هو رواية “قمح في جوار زحل” وأنا لا أنكر أنه عنوان غريب كالعادة فإلى أين ستأخذنا هذه الرواية هذا ما ستعرفونه عندما أنتهي منها، مشيراً إلى أنه لا يحبذ تصنيف أعماله وربما لا يجيد ذلك، فأنا لا أقود قلمي بل أترك له الحرية في القيادة لأن القلم هو أصابع القلب التي تكتب ما تريد لا ما نقرر، ثم إنني أرى أن رغيف الحب مجبول بدقيق السياسة بينما السياسة تتأرجح على أوتار العاطفة، ولأن دمشق تسكن تفاصيله فقد عانقت حروفه العاصمة الدمشقية، فهل سنجد دمشق في روايته الحالية؟ يبين هيثم قائلاً: لم تخرج دمشق يوماً مني، كل هواء غير هوائها في رئتي ماء، وكذلك هو قلمي مع دمشق التي ستكون حاضرة ولو بخجل في عملي الجديد، مؤكداً بأن روايته الجديدة لا تشبه السابقة بأي شكل من الأشكال فأنا لن أكرر شيئاً من أعمالي وإن فعلت سأكسر قلمي، ثم إن عملي الجديد لن يعيش كثيراً في أرضنا قبل أن ينتقل إلى جوار زحل، فروايتي الأولى “نور شام” عاشت في دمشق على أكتاف سكانها بينما عملي الجديد يعيش حرباً افتراضية بين الشرق والغرب ثم في بيت آدم وحواء وزوارهم الجدد في قمر زحل، وبعكس كل أعمالي ركزت في “قمح في جوار زحل” على عبث البشرية الذي سيفنيها في النهاية دون أن يشعر الكون ولو حتى بوخزة إبرة حين تختفي منه، فقد حان الوقت لتعرف البشرية أنها أقل من ذرة ملح في بحر هذا الكون وآن لها أن تحسن سلوكها وتغني لمرة واحدة أغنية سلام لتحافظ على نفسها، لأن لا شيء في هذا الكون يشعر بوجودها باستثناء كوكبنا سيئ الحظ.
خصم مؤقت
ويؤكد هيثم أن روايته ستبصر النور وتطبع ورقياً في الصيف القادم، ولكنني لن أكرر تعاوني مع دار النشر التي قامت بطباعة روايتي السابقة لأسباب كثيرة، فللأسف أغلب دور النشر في بلادنا تعامل الكتب كأنها أكياس ملونة، وفيما يخص التسويق وأهميته في دعم الأعمال الأدبية يرى هيثم بأن الكتب سلع تخص الروح ولكنها مع ذلك تحتاج التسويق حتما أسوة بالسلع الأخرى، وأنصح ببيعها بالإضافة إلى المكتبات في المستشفيات والمحاكم والأزقة المهجورة والصيدليات أيضاً، فقد حان الوقت ليكون الأدب دواءً لكل متعب ونصيحة لكل طاغية وطريقاً لكل تائه، كما أعتبر وسائل التواصل الاجتماعي خصم مؤقت للأدب والعلم فهي حالياً منبر يؤمن بالمساواة أكثر من العدل لذا نرى الجاهل يملك ذات الأحقية والمساحة التي يملكها العالم أو المثقف، لكنني أملك من التفاؤل لأقول إن هذه الخصومة غير دائمة وأنها ستكون معززاً للكتاب يوماً ما، كما لا يجد هيثم الذي دخل في عالم المسرح والدراما والأدب فعل الكتابة أمراً مرهقاً إذ يقول: لو أن الكتابة كانت مصدر رزقي لصارت قسراً فالكتابة لا تكون مجهدة إلا إذا كان أجرها لقمة الكاتب الوحيدة، ولطالما تأثر الكاتب وحروفه بواقع الحياة والظروف وأثرت الحالة العامة على الرواية رغم محاولاته التجرد من كل ما يحيط به، يلفت هيثم أنه لن يستطيع أي كاتب أن يهرب من الواقع وإن حاول واستعمل مفردات جديدة لا تشبه واقعه سيجد في خلفية كتاباته أغنية تهمس الحزن المحيط به وهذا شيء طبيعي جداً، لذا أسأله: إذاً لربما سيكون فيروس كورونا حاضراً في روايتك؟ فيجيب: فيروس كورونا خطير لكنه طارئ ولن يدوم، ثم إن كل وسائل الإعلام تسلط الضوء عليه، أما واجب الأدب فهو إضاءة البقع التي يسكن فيها الظلام، لذا سأركز على أمراض مختلفة لازالت تصيب البشرية كل يوم وتقتل منها أكثر مما تقتل الأمراض وهنا أقصد الحروب والفقر، ثم إن البشرية يجب أن تعترف ولو متأخرة أنها حالياً وبظلمها لنفسها وللكوكب الذي نعيش فيه هي الفيروس الأخطر والأشد ظلماً وفتكاً.
لوردا فوزي