أنقذوا الإنتاج!!
نكاد نجزم، وبلا مقدمات، أن تدهور القوة الشرائية للفرد السوري بات يهدد خروج العديد من القطاعات الإنتاجية من الخدمة، ولعل تناولنا لمسألة “عزوف السّواد الأعظم من مربي الدّواجن عن الإنتاج” خير مثال نستشهد به على الأخطار المحدقة بالاقتصاد السوري.
ففي الوقت الذي لا ننكر الممارسات المشبوهة لبعض التجار الموردين لمستلزمات إنتاج هذا القطاع وانعكاساتها على ارتفاع أسعار تكاليف الإنتاج، نشير إلى أن هناك ارتفاعا فعليا بأسعار مستلزمات إنتاج الدواجن على المستوى العالمي في البورصات العالمية، وانعكاس ذلك سلباً على الإنتاج المحلي نتيجة انخفاض سعر صرف الليرة، ما يعني أن هناك ارتفاعاً مضاعفاً لسعر المنتج النهائي أضحى يشكل عبئاً ثقيلاً على المستهلك!
وإذا ما حاولنا سبر أسباب ومسببات ما ينتاب قطاع الدواجن – الذي اتخذناه مثالاً ينسحب، بشكل أو بآخر على بقية القطاعات الإنتاجية – فسنجد أن عزوف بعض المربين عن الإنتاج إنما يعود، في جزء منه، لصعوبة تصريف منتجاتهم بسبب ارتفاع أسعارها غير المتوافقة أبداً مع القوة الشرائية للدخل، والناجمة عن التضخم الحاصل بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج والمرتبط بانخفاض سعر صرف الليرة مقابل الدولار بشكل رئيس!
وبالتالي فإن وصول سعر طبق البيض إلى حوالى 3000 ليرة، والكغ من الفروج المذبوح إلى ما يناهز الـ 2500 ليرة، أحجم من إقبال المستهلك الذي لا يتعدى متوسط دخله الشهري الـ 60 ألف ليرة سورية، وانعكس هذا الأمر، في جانب منه، على تدني مستوى تصريف هذه المنتجات في السوق المحلية، مع الأخذ بالحسبان أن الارتفاعات “اللامنطقية” للأسعار – أو بالتعبير العام والدارج “جشع التجار” – غالباً ما كانت تسارع لامتصاص أي زيادة في الأجور أو الدخول، لتتراجع بالتالي معدلات الاستهلاك!!
عملياً، وفي ضوء المعطيات المستجدة، فإن الحكومة إن لم تتدخل وتدعم القطاعات الرئيسية للإنتاج من خلال تحمل جزء من تكاليف مستلزمات الإنتاج، شريطة انعكاس ذلك على انخفاض الأسعار بطريقة مدروسة تتواءم مع القدرة الشرائية للفرد، خاصة تلك التي تشكل الحامل الأساسي للأمن الغذائي، فأغلب الظن سيكون الاقتصاد السوري مقبلا على كارثة حقيقية تفرغه من محتواه الإنتاجي، فما حصل للدواجن قد يحصل أيضاً للخضار والفواكه التي أصبحت تباع بالحبة وليس بالكغ!
حسن النابلسي