التشدد في إجراءات السلامة وتطهير منصرفات المشافي وأماكن الحجر الصحي
دمشق – فداء شاهين
مع استنفار جميع الجهات الحكومية والصحية والأهلية في مجال تحصين وتعقيم الأماكن التي هي على تماس مع المواطن، تبقى هناك استفسارات حول عملية التخلص من فيروس كورونا إلى قنوات محطات معالجة مياه الصرف الصحي، وفي البيئة المائية، وحول بقائه فيها، في وقت تنتشر ظاهرة سرقة أغطية قنوات الصرف الصحي في الشوارع، لبيعها إلى معامل صهر الحديد مع ما لذلك من مخاطر جراء تطاير رذاذ المياه واحتمال وصولها إلى الإنسان.
وبين الدكتور حسين علي جنيدي من المعهد العالي لبحوث البيئة في جامعة تشرين لـ “البعث” أن SARS- CoV-2 فيروس جديد، وبالتالي لا يوجد حتى هذه الساعة تقييم دقيق لمدى فعالية عمليات تنقية مياه الشرب ومعالجة مياه الصرف الصحي بالتخلص من هذا الفيروس، وذلك بسبب التباين الموجود في تصميم منظومات التنقية والمعالجة، حيث أن الفيروسات التاجية – وفقاً لدراسة أجرتها جامعة أريزونا عام 2008 – لا تختلف بمقاومتها لظروف وحيثيات المعالجة عن تلك الكائنات الدقيقة المعروفة والموجودة في مياه الصرف الصحي (عصيات الايشيريشيا البرازية, فيروس شلل الأطفال.. إلخ)، والتي في العادة تُستخدم كمؤشرات على كفاءة المعالجة، علماً أن نتائج الدراسات التي تجرى على نطاق واسع إلى أن بقاء الفيروسات التاجية يعتمد بالدرجة الأولى على درجة الحرارة، فهي تبقى أكبر فترة زمنية في درجات الحرارة المنخفضة.
وبالنسبة لاحتكاك عمال محطات المعالجة مع منصرفات الصرف الصحي، أوضح جنيدي أنه لا توجد خطورة في حال تم إتباع وتطبيق إجراءات السلامة المعروفة من قبل الكوادر العاملة في محطات المعالجة، ولاسيما أنهم على دراية تامة بأنهم يعملون في بيئة تكتنز في داخلها كافة عوامل الخطورة، وبالتالي فإن تصرفاتهم تتناسب مع مستويات الخطورة القائمة. وفي ظروف الجوائح المرضية – كما هو عليه الحال اليوم – ستتلقى منظومات الصرف الصحي تراكيز مرتفعة من الممرضات التي تصرف من المشافي، وأماكن الحجر الصحي ما يشكل خطورة على عمال محطات المعالجة ويضعهم أمام تحديات من المفروض أن تواجه من خلال التشدد في تطبيق إجراءات السلامة المعروفة ضمن المحطة من جهة، وأن يصار إلى تطهير المياه الخارجة من المشافي التي تعالج مرضى الفيروس التاجي من جهة أخرى؛ كما أن هناك حاجة ماسة لدعم عمال هذا القطاع الهام مثله في ذلك مثل القطاع الصحي، حيث يتمثل الدعم في إيلاء الاهتمام لهذا القطاع الهام وتأمين الوجبة الغذائية الداعمة للمناعة واللباس المناسب وكافة معدات السلامة المهنية والتأكيد على ارتدائها في هذه الظروف الصعبة.
وأشار جنيدي إلى أن المخاطر التي تشكلها الأحواض المكشوفة في محطة المعالجة بالأبخرة والرذاذ المتطاير جراء عملية المعالجة (الضخ، التهوية، نزع الرطوبة من الحمأة، معالجة الحمأة.. ). وهنا يجب الإبلاغ عن المخاطر ووضع اللافتات التحذيرية وارتداء واستعمال وسائل الوقاية الفردية والتشدد في تطبق إجراءات الحماية المعروفة ضمن المحطة، إضافة إلى الخطر أثناء عمليات تطهير مياه الصرف الصحي بوجود فيروسات الكورونا في مياه الصرف المعالجة. وهنا يجب التأكد من تلامس المادة المطهرة مع المياه المعالجة بحيث يكون التطهير تاماً، وكذلك الخطر بوجود فيروسات الكورونا في مياه الشرب إذا كان هناك احتمال أن تتلوث بمياه الصرف الصحي، ويجب المراقبة الدائمة لعمليات تطهير مياه الشرب والتأكد من كفاءة منظومة التطهير في محطات تنقية مياه الشرب في الحالة التي يتحمل فيها تأثير المصدر المائي بمياه الصرف الصحي (النهر أو السد على سبيل المثال)، قبل وأثناء وبعد الجائحة.
وتابع جنيدي: إن محطات تنقية مياه الشرب الحديثة مصممة للتعامل مع هكذا عوامل ممرضة من خلال عمليات الترشيح والتطهير، وهذا ينسحب أيضاً على منظومات معالجة مياه الصرف الصحي التي هي الأخرى تؤمن عملية التخلص من الممرضات (فيروسات، بكتيريا، أوالي، طفيليات)، ولكن، ومع تفشي هذا الفيروس، كان لابد من إيلاء موضوع تطهير مياه الصرف الصحي الاهتمام المطلوب؛ و كخطوة استباقية ومن الممارسات الجيدة والوقائية أن يصار إلى تعقيم مياه الصرف الصحي الناجمة عن المشافي قبل دخولها إلى شبكة الصرف الصحي العامة، لما فيه كسر دائرة العدوى والقضاء عليها في مهدها وخصوصاً في المسشفيات التي يعالج فيها مرضى الكورونا، أو في أماكن الحجر الصحي للمشتبه بوجود الفيروس لديهم، ومراقبة المصبات البحرية ومنع الصيد بجانبها، ومن الممكن أن تعيش الفيروسات في الرواسب وتنتقل إلى المحار وتتكاثر.
ولفت جنيدي إلى أن تاريخ اكتشاف الفيروسات التاجية يعود لأول مرة إلى منتصف الستينيات، ومن المعروف حالياً أن سبعة فيروسات تاجية تصيب الناس وتسبب لهم المرض، وقد ظهرت ثلاثة منها (MERS-CoV، و SARS-CoV، و COVID-19) في العشرين عامًا الماضية، وهي أمثلة على كيفية تطور بعض الفيروسات التاجية التي تصيب الحيوانات كعائل أساسي لتنتقل لاحقاً إلى البشر.