ترامب المتخبط يوقف الهجرة مؤقتاً ..
إعداد: هناء شروف
ضخّ الرئيس الأمريكي ترامب مزيداً من الشك حول الاقتصاد الأمريكي بعد أن غرّد بأنه سيعلق الهجرة القانونية مؤقتاً إلى الولايات المتحدة، الأمر الذي فاجأ مسؤولي الإدارة الأمريكية، وحتى الآن لم يتمّ نشر الشروط والأسباب القانونية للأمر التنفيذي مما جعل تغريدته ونواياه غير واضحين. وبدلاً من أن يوضح الأسباب التي دفعته لمثل هذا القرار، لجأ في مؤتمر صحفي للتأكيد على أن خطته لن تؤثر على العمال المؤقتين، وأنها ستظل سارية لمدة 60 يوماً ويمكن تمديدها بعد 60 يوماً “بناءً على الظروف الاقتصادية في ذلك الوقت”.
وعلى الفور تمّ انتقاد هذا النظام المقترح بشدة من اليسار واليمين، بسبب عدم منطقيته وعدم فعاليته وافتقاره إلى الشرعية الديمقراطية، خاصةً وأن سلطة الرئيس في اتخاذ مثل هذه القرارات تكون فقط في مسائل تتعلق بالعلاقات الخارجية والأمن القومي، وليس عند مناقشة ظروف سوق العمل. ويقول المحللون الأمريكيون: صحيح أن التأثير الاقتصادي لـ Covid-19 على الولايات المتحدة من المحتمل أن يشكل “حالة طوارئ” من حيث خطورته، ولكن أن يتخلّى الكونغرس عن مسؤولياته في وضع القوانين عندما تواجه الأمة أزمة هو أمر أشد خطورة، لذلك يجب أن تؤخذ القرارات الصعبة من قبل هيئة تمثيلية وليس من شخص واحد، بحسب هؤلاء المحللين.
تتضمّن سياسة الهجرة أسئلة تجريبية معقدة ومفاضلات صعبة، ففي الدرجة الأولى تأخذ مناقشات الهجرة حيزاً كبيراً على هوية وقيم الأمة الأمريكية. أما مهمة الكونغرس فتتركز على إيجاد أفضل السياسات والحلول السياسية من خلال استشارة الخبراء، وعقد جلسات استماع علنية، والانفتاح على التدقيق الإعلامي، والاستماع إلى الناخبين، والتوصل إلى حلول وسط. وإذا كانت هناك حاجة إلى إجراء فوري، كون البلد في وضع أزمة كاملة أثناء الوباء، فيمكن للسلطة التنفيذية تعليق السفر مؤقتاً عندما لا تتعارض مع القانون الدولي. وحتى هذه الإجراءات هي ليست من صلاحيات الرئيس الفردية، وهي ليست حالة يدّعي فيها الرئيس سلطة الطوارئ لإغلاق الحدود ولو كان مؤقتاً.
في مقابل ذلك، يتمتع الكونغرس بحرية إنشاء قيود جديدة للهجرة بناءً على الرغبة في حماية العمال الأمريكيين أو الحفاظ على موارد الرعاية الصحية للمقيمين الحاليين، لكن واقع الحال أن الهيكل التمثيلي لصياغة القانون في الولايات المتحدة –أي مشروع القانون يجب أن يمر على كل من مجلس النواب ومجلس الشيوخ، ثم البقاء بعد استخدام حق النقض الرئاسي- يضع ضوابط على أكثر الاتجاهات تطرفاً.
علاوة على ذلك، فإن الصعوبة البالغة في تغيير القانون، بسبب الفوضى والمفاوضات السياسية التي تنطوي عليها عملية صنع القرار الديمقراطي، هي جزء مما يميّز الولايات المتحدة عن الأنظمة الأخرى، وإذا وضعت الحكومة الأمريكية الشركات والمهاجرين المحتملين تحت الشبهات من أجل تدمير خططهم واستثماراتهم أو تأجيلها إلى أجل غير مسمّى بجرة قلم رجل واحد، عندئذ سيقرّر العديد منهم الهجرة إلى كندا أو أوروبا أو دول ومناطق أخرى ذات حكومات يمكن التنبؤ بسياساتها.
على أية حال، يواصل المهاجرون ذوو المهارات العالية تحمّل صعوبة نظام الهجرة لدى الولايات المتحدة، لأن الفوائد المقابلة للهجرة إلى الولايات المتحدة كبيرة للغاية، ولكن يجب ألا يؤخذ استحسان الولايات المتحدة كأمر مسلّم به، لأن إصدار أنظمة تعسفية غير فعّالة وغير احترافية سيجبرهم على الذهاب إلى مكان آخر.