بين قوسين “ما بينفع”!
كثرت الملفات الاجتماعية والحياتية الضاغطة بشدة سواء على المؤسسات التنفيذية المعنية “وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل”، أو على تلك الموجودة داخل المجتمع تحت عنوان أهلية أو خيرية ،وبشكل ينبئ باهتزاز المنظومة المجتمعية التي أضحت في مواجهة مباشرة مع أعباء وتحديات كثيرة لا يمكن تجاوزها أو التغلب عليها، إلا من خلال منظومة عمل جماعية تقوم على تكاتف جهود كل الفعاليات الشعبية والأهلية والرسمية المدعمة بمبادرات خلاقة للسيطرة على التداعيات المعيشية ولجم تقلباتها ومخاطرها المتنوعة على المجتمع السوري الذي عليه، في الوقت ذاته، أن يتغلب على كسله واعتماده على مؤسسات الدولة التي أنهكت بفعل الحرب والحصار.
وطبعاً لن تكون مساهمة المجتمع الأهلي إيجابية إلا إذا كان هناك تعاون حقيقي بين الجميع، ومعالجة بعض السلبيات، خاصة من ناحية الانحراف أثناء التنفيذ عن تحقيق الأهداف والغايات نتيجة التدخلات الحاصلة في إدارة هذه المؤسسات الإغاثية والخيرية من قبل جهات عديدة، إضافة إلى عدم الالتزام بطبيعة عملها ومسؤولياتها وحقيقة دورها في المجتمع.
والغريب أن الكثير من الجهات التي تعتقد أنها قطعت شوطا كبيراً في العمل الأهلي المجتمعي عالقة في شبكات المصالح الشخصية أو مايعرف بـ “الأنا المجتمعية”، حيث يبحث الناس في أجندة أعمالها اليومية عن أهدافها وحقيقة وجودها في حياتهم، فكل المؤسسات المنضوية تحت مظلة المجتمع الأهلي بمختلف أنواعها وتوجهاتها لا يخلو النقاش عنها من توجيه أصابع الاتهام لمجالس إداراتها التي يضعها الناس في موقع الشبهة، حيث يشككون في عملها وتتهم بمحاولتها اقتناص الفرص والمكاسب على حساب المصلحة العامة.
أيضا هناك الكثير من القضايا المتعلقة بعمل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل والتي لم تستطع الوزارة حتى الآن تفعيلها والانطلاق بها بشكل حقيقي، وهناك العديد من الشواهد والدلائل المستنبطة من الواقع ، فقد عجزت عن تفعيل نظام البطالة والتقدم الاجتماعي الذي تحاول إسقاطه اليوم على “بدل التعطل عن العمل” نتيجة وباء كورونا والإجراءات الاحترازية، وهذا ما يؤكد تقصيرها وتأخرها في تطبيق هذا النظام الهام الذي يأتي الآن من خلال نافذة التعطل عن العمل متناسباً مع المثل الشعبي القائل “العليق عند الغارة مابينفع”!
ومن المؤلم، بعد هذه السنوات الطويلة من الحرب، أن الوزارة لم تستطع الخروج برؤية أو بآلية ناجحة لاستثمار رأس المال الاجتماعي بشكل فعال، بمعنى أنها لم تصل بعد إلى مستوى التخطيط لتقديم معونات حقيقية للمحتاجين لا تقف عند حدود الدعم المادي، بل يندرج ضمنها تأمين فرص عمل عبر بوابات حقيقة وفعلية للعاطلين عن العمل، وبشكل يسهم بخفض العبء الاجتماعي والاقتصادي داخل المجتمع بدلاً من استمرار عملية استنزاف العمل الإنساني والانشغال في دوامة المستحق من غير المستحق، وتشجيع الاتكالية والاتكاء على المساعدات خاصة مع وجود الجمعيات التي تلهث وراء البرستيج والدعم المادي فقط، دون أن يكون لها حضور فعلي في ميدان العمل الأهلي.
بالمختصر.. طرح هذه القضايا لا يندرج تحت الإساءة للجهود المبذولة أو التقليل من شأن أحد، بل للتأكيد على أن إدارة الملفات الاجتماعية، أو تلك المتعلقة بالعمل، تحتاج إلى أداء أكثر فاعلية وتواجداً في الحياة العامة ، وبذلك يمكن أن تكون الوزارة قاطرة للوحدة الاجتماعية ورافعة قوية للجهود المبذولة في مسارات العمل الخيري الإغاثي وتقديم يد العون والمساعدة بمختلف أشكالها للمواطن السوري!!
بشير فرزان