وصفات وخلطات خرافية تدعي دحر كورونا.. والطب غارق في البحث عن الترياق!
دمشق – حياه عيسى
لم تشأ وسائل التواصل الاجتماعي أن تمرر انشغال العالم بانتشار وتفشي فيروس كوفيد-19 دون أن تشغل الرواد والباحثين عن المعلومة، ودون نشر الأخبار المغلوطة بسرعة تفوق انتشار كورونا نفسه، حيث أخذت المبادرات المزيفة والمدعية تتوالى باكتشاف دواء شافٍ مبني على أساس النظريات الواعدة، حتى ولو كان عبارة عن مجموعة أعشاب يمكن ألا تؤدي إلى أي حل أو فائدة، وليس لها أي تأثير مثبت، حيث راحت الأقاويل تتداول عن أهمية الكمون واليانسون لعلاج الكورونا وبشكل جذري، لما له من تأثير على تقوية مناعة الجسم، على ذمة قائليها من خبراء الأعشاب، مع ظهور إشاعات للعلاج بالثوم والكينا والخروع أيضاً، آخذين بعين الاعتبار الشبه الكبير بالشكل إلى حدّ ما بين الخروع وفيروس كورونا، وهي إحدى الخزعبلات الجديدة التي انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تقول إن زيت الخروع أو بذوره لها القدرة على علاج المريض المصاب بكورونا، وهو ما يؤكد نظرية ابتعاد عالم المعالجة بالأعشاب العشوائية وغير المرخصة من قبل وزارة الصحة عن المعلومات العلمية الطبية، والذي يؤثر بشكل كبير على سلوكيات الناس، ولاسيما أننا أمام قاعدة مجتمعية مختلفة الثقافات، علماً أن ثقافة طب الأعشاب والالتزام بها منتشرة ليس فقط في منطقة الشرق الأوسط بل هي ثقافة عالمية وتؤثر إلى حدّ كبير بقاعدة جماهيرية كبيرة، وهنا يكمن الخطر، ففي الصين كان لطب الأعشاب دور كبير في الهيمنة على عقول المجتمع والتأثير به، وكذلك في تركيا اعتبر بعض المعالجين بالأعشاب أن التداوي بالأعشاب متساوٍ مع الطب الحديث، ولاسيما أنه – حسب ادعاءاتهم – لا يوجد مرض يستعصي على العلاج العشبي الطبيعي، إلا أن تلك الوصفات لم تبدِ أي أثر على تقييد انتشار الفيروس أو التقليل من نشاطه، وهي دليل كبير على عدم فعاليتها، بل وتم الإثبات علمياً تفاقم الأضرار الرئوية لمخلفات احتراق الأعشاب أو غيرها وساهمت بالإصابة بالفيروس نتيجة ضعف الرئة، كما انتقلت تلك الخرافات إلى مناطق الشرق الأوسط وتم اعتمادها والمضي بتطبيقها، ولاسيما أن الجميع بانتظار حلول علمية تخرج إلى العلن، وهذا التأخير أفسح المجال لرواج الادعاءات المغلوطة والتي ترتكز على الدجل والخرافات.
الدكتور حسام بردان رئيس الشعبة الصدرية في مشفى المواساة بين في تصريح لـ “البعث” أن كل ما يتم نشره على صفحات التواصل الاجتماعي مؤخراً لا يجب الأخذ به أو الاعتماد عليه في معالجة وباء كورونا المستجد، ولاسيما أنه لم يتم إثبات فعاليتها علمياً، بل على العكس قد يكون لها تأثير سلبي في كثير من الأحيان، علماً أن هناك العديد من الدراسات والتجارب العلمية للبحث عن العلاجات التي من الممكن أن تفي بالغرض للحدّ من الوباء، ولاسيما أن منظمة الصحة العالمية بّينت أن هناك أدوية مازالت في طور التجارب للتعرف على مدى فاعليتها في العلاج، إضافة إلى البروتوكول العلاجي الذي وضعته وزارة الصحة المتضمن استخدام الهيدروكسين والكلوركين لعلاج الحالات المصابة، إلا أنه يجب أن يستخدم من قبل مختصين وبإشراف طبي، مبيناً أن منظمة الصحة العالمية تعمل على دراسة أربعة أنواع من الأدوية والتي من الممكن أن تثبت فعاليتها ولكنها مازالت قيد الدراسة.
أما بالنسبة لوباء الكورونا فقد أوضح بردان أنه من الفيروسات التاجية التي تتماثل أو تشابه فيروس “الكريب” إلا أنها سريعة الانتشار والانتقال بين الناس، ولاسيما عند الاحتكاك أو التقارب الاجتماعي، علماً أن هناك أشخاصاً يحملون الفيروس ولا يوجد عليهم أعراض واضحة، إضافة إلى وجود أشخاص تظهر عليهم أعراض واضحة والاحتكاك بهم يعتبر عاملاً أساسياً لنقل العدوى بين الناس وبشكل كبير، لذلك لابد من تطبيق قانون “العزل” أو “الحظر الصحي المنزلي” لتفادي انتشار العدوى بشكل كبير، ولاسيما بعد أن انتشر الوباء عالمياً بين الدول الكبرى وبشكل كبير وبأعداد مخيفة وتزايد يومي، وتحديداً بين الدول الأوربية التي لوحظ انتشار الوباء بها بشكل كبير، إذا ما قورنت بقلة انتشاره بدول الشرق الأوسط والتي فسر قلة انتشاره بها نتيجة لقاح السل الـ BCG الذي له تأثير فعال، وذلك حسب الدراسات التي مازالت قيد التحري والتي أثبتت إلى حدّ ما أن اللقاح قد يكون له دور في تقييد نشاط وانتشار الفيروس في دول الشرق الأوسط التي مازالت تعتمد على اللقاح آنف الذكر في أعمار صغيرة ما ساعد على دعم المناعة في الجسم، كما أن الإجراءات الاحترازية التي تمّ اتخاذها في وقت مبكر وفي بداية ظهور حالات وباء كورونا ساعدت بشكل كبير في تقييد انتشاره إلى الحدود الدنيا وساهمت في الحماية، إضافة إلى أن الدول الأوربية تعتبر من الدول “العجوز” التي تفتقر إلى الشباب وهو عامل مساعد على انتشار الفيروس الذي يظهر تأثيره بشكل كبير على تلك الفئة المسنة والتي تعدّ من الفئات الهشة والضعيفة وسريعة التأثير.
كما أوصى بردان بضرورة اتباع سبل الوقاية الشخصية والالتزام بالتباعد الاجتماعي واستخدام الكمامات الطبية، والابتعاد قدر الإمكان عن التأثر بمواقع التواصل الاجتماعي، ولاسيما فيما يخص ما يتم نشره عن معلومات طبية غير دقيقة والالتزام بالجهات الرسمية والأشخاص ذوي الاختصاص.