آن الأوان لفك “عقدة النقص” عند خريجي المعاهد الفنية والتقانية!
على مدار العقود الماضية كان وما زال التعليم الفني والمهني ينظر إليه من قبل الطالب وذويه، بل وحتى المعنيين بالأمر بأنه تعليم من الدرجة الثالثة، ولا يذهب إليه إلا الفاشلون دراسياً!.
هذه النظرة الدونية رسخت عقدة نقص عند طلبة هذا التعليم والخريجين فيه، وباتت المعاهد التقانية مستودعاً لتخزين العاطلين عن العمل، وسط غياب الإجراءات التي تعزز حضورها في المشهد التنموي، علماً أن التعليم الفني والمهني هو عماد النهضة في بلدان أوروبا، فكيف هم نجحوا في استثمار طاقات الخريجين ونحن فشلنا؟!!.
لم يتم الأخذ بها!
منذ أكثر من عقدين كانت نيّة وزارة التعليم في إطار سعيها لإصلاح المنظومة التعليمية العمل على إنصاف التعليم الفني والمهني، وذلك من خلال قلب الهرم في القبول الجامعي بحيث يتم قبول 60% وأكثر من الناجحين في الثانوية العامة في المعاهد التقانية والباقي (40%) في الجامعات، لكن للأسف لم يتم الأخذ بذلك حتى ضاقت الكليات الجامعية بطلابها وأصبح هناك عشرات آلاف الخريجين بلا عمل!.
طبعاً المسؤولية لا تتحملها وزارة التعليم العالي لوحدها، بل هناك مسؤولية على وزارة التربية، وخاصة لجهة المناهج وتطويرها وربطها بسوق العمل، أيضاً هناك مسؤولية تقع على قطاع الأعمال، الذي ما زال يتهرب من تبني المشاريع رغم نوعيتها وجودتها!.
إلى متى الانتظار؟
لدى سؤالنا لعدد من طلبة المعاهد عن رأيهم بالإجراءات التي اتخذت مؤخراً للاهتمام بالتعليم المهني والتقني، أبدوا عدم رضاهم وكان القاسم المشترك لإجابتهم “نريد أفعالاً على الأرض” في إشارة منهم لعدم تطبيق الإجراءات بالشكل الأمثل، خصوصاً لجهة توظيف الأوائل وتحويل المعاهد التقانية إلى مراكز إنتاجية تعود بالنفع المادي وصقل الخبرة المهنية للخريج من خلال تطوير مهاراته الاحترافية.
وسأل أحد الطلبة: أين قطاعات الأعمال السورية من خريجي المعاهد التقانية؟
هناك عشرات بل مئات المشاريع والأفكار التي يمكن تبنيها واعتمادها، خاصة أننا مقدمون على مرحلة إعادة الإعمار التي نحتاج فيها لخريجي المعاهد أكثر من خريجي الكليات الجامعية!.
ورشات عمل!!
المعنيون في وزارتي التعليم العالي والتربية عقدوا خلال العام الماضي أكثر من ورشة عمل واجتماع حول واقع التعليم المهني والتقاني وضرورة تطويره والاهتمام بخريجيه، فبحسب وزارة التربية “تم اتخاذ عدة إجراءات إصلاحية كإيجاد مهن واختصاصات جديدة تتناسب والتطور العلمي والتقني في العالم، وفرز الطلاب وفق الآلية المعتمدة في وزارة التعليم العالي كنظام شرائح، بالإضافة إلى ربط سوق العمل بحاجة المجتمع”.
أما وزارة التعليم العالي فعادت لتكرر إسطوانة “ضرورة التنسيق والتشاركية بين وزارة التربية والتعليم العالي، والعمل وفق آليات وخطط وقوانين محددة لربط مخرجات التعليم بسوق العمل، وضرورة تأمين فرص عمل مناسبة للخريجين، وإيجاد آليات مختلفة لتحفيز الطلاب للالتحاق بالتعليم المهني والتقاني”.
بالمختصر، آن الأوان أن تتخذ اللجنة الوزارية لتطوير واقع التعليم الفني والمهني، إجراءات عملية تنصف خريجي المعاهد وتعيد الاعتبار للتعليم المهني والتقني وتجعله مرغوباً من الطلبة وليس منبوذاً وكأنه الجحيم!!.
غسان فطوم