أوروبا تحاصر التحرّكات الأردوغانية في المتوسط
بعد أسابيع من التأخير تبدأ العملية البحرية الأوروبية، التي أطلق عليها اسم “إيريني”، في مهمة مراقبة الحظر على الأسلحة إلى ليبيا خلال الأيام القادمة مع وصول أولى السفن.
وأعلن بيتر ستانو، المتحدث باسم وزير الخارجية بالاتحاد الأوروبي أن “إيريني” تملك الوسائط اللازمة لبدء مهمتها”، مشيرا إلى أنه تمّ التوصل إلى اتفاق الاثنين بين الدول الأعضاء لتوفير أولى السفن والطائرات والأقمار الصناعية اللازمة لبدء العملية، ولفت إلى اكتمال المرحلة الأولى من العملية وأنه سيتم تنفيذ الخطوات الرامية لتقديم المزيد من الدعم لها، مشيراً إلى أن الدول الأعضاء تعهّدت بتقديم 3 مركبات جوية و3 مائية للعملية.
وأوضح مصدر دبلوماسي أوروبي أن سفينة إيطالية ستتجه إلى منطقة العملية خلال الأيام القادمة.
وستنشر “إيريني” وسائطها في شرق المتوسط وستراقب جميع السفن التي يشتبه بأنها تحمل أسلحة وإرهابيين إلى ليبيا التي ينهشها النزاع.
وأشار المصدر إلى أن السفينة الإيطالية ستساندها، إذا لزم الأمر، في البداية سفن الدول الأعضاء الموجودة في هذه المنطقة إلى أن تصل السفن الأوروبية الأخرى المخصصة لعملية “إيريني”.
وعملية إيريني (تعني باللغة اليونانية “السلام”) المجهزة بوسائل جوية وفضائية، انطلقت في أواخر آذار حيث “كانت استغرق الأمر أربعة أسابيع ليتوافق الجميع بشأن الوسائل”، بحسب الدبلوماسي.
والأحد، تمّت تجربة أول طلعة جوية انطلقت من إيطاليا نحو السواحل الليبية.
وكشف موقع المراقبة الجوية الإيطالي “إيتاميل رادار” تفاصيل عن المهمة الأولى لعملية “إيريني” لمراقبة تنفيذ حظر الأسلحة الذي فرضه مجلس الأمن الدولي على ليبيا، وقال الموقع “اليوم (الأحد 26 نيسلن) قمنا بتتبع أول مهمة من عملية إيريني الجديدة، حيث غادرت طائرة تابعة للبحرية الإيطالية قاعدة سيقونيلا، حوالى الساعة السادسة صباحاً، وقامت بمهمة لمدة ست ساعات قبالة شواطئ شرق ليبيا، قبل أن تعود أدراجها إلى جزيرة صقلية الإيطالية، في الساعة الثانية عشر والنصف مساءً بتوقيت أوروبا”.
ورفض رئيس ما يسمّى حكومة الوفاق فائز السراج في 23 أبريل عملية إيريني. وأكد في رسالة إلى مجلس الأمن أنه “لم يجر التشاور مع حكومة الوفاق بشأن العملية العسكرية”.
ويفسر مراقبون سبب الرفض بأنه يعود بالأساس إلى التخوّف من منع شحنات الأسلحة التركية من الوصول إلى حكومة الوفاق والميليشيات التابعة لها، حيث ساهم النظام التركي، منذ تدخله العسكري المباشر في ليبيا، في صمود الحكومة في طرابلس عبر شحنات الأسلحة والذخائر التي أرسلها عبر السفن البحرية والمرتزقة من الفصائل الإرهابية، الذين أمنت تركيا سفرهم عن طريق مطاراتها.
ويواصل أردوغان دعم حكومة السراج، التي يسيطر عليها الإخوان وميليشياتها في طرابلس، عبر تهريب الأسلحة لها برّاً وبحراً وجوّاً، لإطالة أمد الحرب، بما يتناسب مع أجنداته الجيوسياسية وتعزيز الوجود التركي في المنطقة.
وتحدثت عدة تقارير دولية في السابق عن انتهاك النظام التركي المتكرر للقرارات الأممية بتهريبه للسلاح عبر السفن التجارية التي تبحر في المتوسط، حيث يعتمد أساليب تمويهية للوصول إلى سواحل ليبيا، ثم يسلّمها لميليشيات حكومة الوفاق خلسة.
وسبق أن انتقد أردوغان الاتحاد الأوروبي على خلفية قراره إطلاق مهمة الرقابة، زاعماً: “الاتحاد الأوروبي لا يملك أي صلاحية لاتخاذ قرار بشأن ليبيا”، مؤكداً أن بلاده ستواصل دعم حكومة طرابلس لتبسط سيطرتها على كامل ليبيا.
وتحل العملية الجديدة لإيرني محل عملية صوفيا التي بدأت في 2015 للتصدي لمهربي البشر والأسلحة في ليبيا.
وتظل قيادة العملية في إيطاليا، لكن تقع على كاهل اليونان أيضاً مسؤوليات. فقد وافقت أثينا على استقبال الناجين الذين تنقذهم السفن العسكرية التابعة للاتحاد الأوروبي، وفقاً لمصادر دبلوماسية. فيما رفضت إيطاليا السماح لهم بالنزول على أراضيها.
وسيكون للعملية الجديدة مهمة مختلفة عن صوفيا. وستقتصر على مراقبة الحظر الدولي على الأسلحة وستتدخل وسائلها البحرية والجوية في مناطق بعيدة عن الممرات التي تبحر فيها زوارق المهاجرين انطلاقاً من ليبيا للوصول إلى إيطاليا أو مالطا.
وذكرت مصادر دبلوماسية أن مدة العملية ستكون لسنة واحدة قابلة للتجديد، وسيدرس الوزراء كل أربعة أشهر ما إذا كانت هذه العملية العسكرية ستؤثر على نشاط المهربين وما إذا يجب إعادة تموضع السفن التي تنشرها الدول الأعضاء.