ماذا يريد الفنانون من الإعلانات؟!
لطالما كان الإعلان فناً قائماً بذاته وعلماً له أسسه وقواعده، وكذلك له مدارسه واتجاهاته الخاصة به والتي يختلف تطبيقها من معلن إلى آخر، لذلك تختلف طريقة تقديم الإعلان حسب الجهة المسؤولة عنه، ورغم هذا كلّه لم يأخذ الشارع السوري بالعموم يوماً الإعلانات على محمل الجد، بل على العكس كانت النظرة السائدة تجاهها هي اعتبارها “تعباية وقت” لا أكثر، وعبئاً ثقيلاً نتمنى انتهاءه بأسرع وقت وبأقل الخسائر من الملل والضجر والسأم، وربما ساعدت في هذه النظرة رداءة الإعلانات التي كانت تقدّم للجمهور وعدم الاهتمام بصورتها وطريقة إخراجها، ما رسخها في عقل المشاهد بصورة نمطية غير جدية بالطبع، عدا بعض الاستثناءات القليلة من الإعلانات المدروسة والجميلة والتي لم تسئ على الأقل إلى عالم الإعلانات.
وإن كانت الإعلانات في بعض الأحيان تستعين – من بين وسائل عديدة – بشخصيات مشهورة ومعروفة كطريقة في الجذب والترويج لمنتجاتها، وهو أمر مشروع ومبرّر لها، ولكنه في المقابل لا يبرر لتلك الشخصيات المشهورة ألا تشعر بالقلق عندما تزجّ باسمها وتاريخها العريق في إعلان يحمل في طياته الكثير من المغامرة والمقامرة. وما يدفعنا لقول هذا توجّه عدد من النجوم السوريين خلال الموسم الرمضاني لدخول عالم الإعلانات، ويبدو الأمر لافتاً بشكل كبير في هذا العام حيث يشارك ثلاثة فنانين سوريين دفعة واحدة في إعلان واحد!! بينما ينفرد فنان سوري آخر بإعلان ثانٍ!!
فماذا يريد الفنان السوري من الإعلانات؟ وما الذي ستحققه له؟ وهل يعتبر المردود المادي دافعاً مقنعاً وكافياً؟ ولماذا حطّ الممثلون السوريون رحالهم في رحاب “الإعلانات” هذه المرة؟ هل استطاعت شركات الإنتاج “غير السورية” أن تحقق غاياتها وتنتزع مكان الممثلين السوريين من الدراما فلم يجدوا مكاناً لهم سوى النشاطات الأخرى؟ وبغض النظر عن الصورة البصرية العالية لتلك الإعلانات وتقديمها كأنها “سكيتش” تمثيلي، إلا أنها في الحقيقة لم تنجح في كسر الصورة النمطية للإعلانات ولم تضف أي شيء للمشاركين بها، بل أثارت موجة من التساؤلات التي لم تعرف سبباً ومبرراً لمشاركة هذه الأسماء الكبيرة فيها، ولذلك يمكننا القول بكل ثقة بأنه لاتزال – إلى حدّ الآن – تجربة النجم أيمن زيدان العام الفائت في الإعلانات السورية هي التجربة الوحيدة اللائقة وما سواها من تجارب يحتاج إلى إعادة التفكير والنظر وربما الندم أيضاً.
لوردا فوزي