حكومة دياب تقرّ خطة إنقاذ اقتصادية: إعادة هيكلة المصارف
بعد جلسات متتالية، استمرت ثلاثة أيام، لمناقشة خطة إنقاذ اقتصادية طال انتظارها، وافقت الحكومة اللبنانية، أمس الخميس، على الخطة، وأسقطت بند تحرير سعر صرف العملة ليُصبح 3500 ليرة في الـ 2020، وتأمل على أساسها إقناع المجتمع الدولي بمساعدة لبنان على الخروج من دوامة انهيار مالي فاقمته تدابير وقاية مشددة لمواجهة وباء كوفيد19.
وأورد حساب الرئاسة، في تغريدة مقتضبة عبر حسابه على تويتر، أن “مجلس الوزراء وافق بالإجماع على الخطة الاقتصادية بعد إدخال تعديلات طفيفة على الصيغة المقترحة”، فيما عقد رئيس مجلس الوزراء، حسان دياب، مؤتمراً صحافياً أعلن فيه أبرز ما تهدف إليه الخطة، “مبشراً” بأنّ الحكومة ستنطلق بمفاوضات رسمية مع صندوق النقد الدولي، لتأمين ما يفوق الـ 10 مليارات دولار من الدعم الخارجي، بالإضافة إلى ما سيدفعه المشاركون في مؤتمر باريس 4 “سيدر”.
ورغم أن شروط صندوق النقد لإقراض لبنان، هي نفسها الشروط التي يفرضها على كلّ الدول التي يتدخل فيها، كتقليص حجم القطاع العام وخفض الرواتب وخصخصة ممتلكات الدولة والمزيد من الضرائب والتقشّف، إلا أن دياب قدمها كخطوة إيجابية، مشيراً إلى أبرز نقاط الخطة، وهي إعادة هيكلة القطاع المصرفي ومصرف لبنان “ليعود إلى لعب دوره”، ودعا جميع اللبنانيين إلى اعتبار هذا اليوم، الذي أقرت فيه الخطة الاقتصادية، نقطة تحوّل لمستقبل لبنان، مؤكداً أن “قضية استعادة الأموال المنهوبة سوف تحظى بحيّز أساسي من عمل الحكومة”.
وبحسب دياب تهدف الخطة إلى حماية أموال المودعين وتقوية المصارف وإعادة هيكلتها لتقوم بواجباتها، مشيراً إلى أن الخطة تقوم على أن يعيد البنك المركزي التركيز على مهمته الأساسية بحفظ الاستقرار المالي للبنان، وأضاف: تهدف الخطة لـ “إعادة هيكلة القطاعين المصرفي والمالي وبُنيَت على أسس تسمح لنا بالحصول على التمويل الدولي”، مشيراً إلى أن من كسب أموالاً من الفوائد الخيالية والهندسات المالية عليه أن يُساهم اليوم في الخسارة التي يمرّ بها البلد.
كما أكّد رئيس الحكومة اللبنانية: “نحن اليوم أمام مفترق هام وتاريخي، والوطن الذي ننتمي إليه يحتاج إلينا جميعاً”، كذلك لفت إلى أنه “لا يمكن لعاقل أيضاً أن يقبل بتدمير الممتلكات، والاقتناع أن هذا الشغب عفوي ولا يحمل أهدافاً سياسية”، مضيفاً: “عندما انتفض اللبنانيون ضد الفساد بدا واضحاً أن هذا الفساد هو دولة داخل الدولة ومتجذّر فيها”.
وشدّد دياب على أنه “بإقرار الخطة الاقتصادية نكون قد وضعنا القطار على السكة، وقد أشبعناها درساً لأنها ستحدّد مسار الدولة لإصلاح الواقع”، واعتبر أن أهميتها أنها “عمليّة وتتضمن رؤية اقتصادية لمستقبل لبنان”، بينما قال رئيس الجمهورية: “اليوم هو يوم تاريخي للبنان لأنه للمرة الأولى تُقر خطة اقتصادية مالية”.
ونُقل عن دياب، بعد جلسة مجلس الوزراء، انتقاده لحديث حاكم المصرف المركزي عن عدم علاقته بتقلبات سعر صرف الليرة، إذ تساءل: “إذا كان هو الذي ثبّت سعر الليرة سابقاً، كيف لا علاقة له بالموضوع الآن؟”، رافضاً التعليق على ما ورد في المؤتمر الصحافي للأخير.
أما عن الخطة، فقال دياب: “لا تحتاج إلى أن يُقرّها مجلس النواب، لكنّها ستُعرض على اللجان النيابية وسنجلس مع جهات مختلفة لحسن سيرها. هدف الخطة إعادة هيكلة الدين العام السيادي، وهذا الأمر يحتاج من 6 إلى 9 أشهر، مؤكّداً أن أحداً من الوزراء لم يعترض على الشروط المطروحة من قبل صندوق النقد.
في غضون ذلك، أعلنت مصادر وزارية أن بعض الوزراء اعترضوا على طرح تخفيض قيمة الليرة اللبنانية أمام الدولار، وأصرّوا على السعر الرسمي الحالي، ما دفع الحكومة إلى تأجيل النقاش في تحرير سعر الصرف.
وجاء إقرار الخطة بعد ثلاثة أيام متتالية نزل خلالها مئات المتظاهرين إلى الشوارع احتجاجاً على غلاء المعيشة وفقدانهم مصادر رزقهم وغياب أي أفق حل للأزمة الاقتصادية، رافعين الصوت عالياً ضد “الجوع”، وحصلت مواجهات بينهم وبين وحدات من الجيش، خصوصاً في مدينة طرابلس شمالاً.
ويعدّ لبنان من أكثر الدول مديونية في العالم، وتبلغ قيمة ديونه 92 مليار دولار، أي ما يعادل أكثر من 170 في المئة من ناتجه المحلّي، فيما بات 45 في المئة من اللبنانيين، بحسب تقديرات رسمية، يرزحون حالياً تحت خط الفقر، بعدما خسر عشرات الآلاف مورد رزقهم أو جزءاً من رواتبهم خلال الأشهر الستة الماضية، تزامناً مع ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية بنسبة 55 في المئة.