استثمارات ومستثمرون.. ينتظرون!
رغم كل التأكيدات الدولية والوطنية، الصادرة عن منظمات وهيئات ومراكز بحوث اقتصادية متخصّصة، وكذلك التأكيدات الصادرة عن الخبراء الاقتصاديين والماليين، إضافة للدراسات التي تُعنى بانعكاسات وتأثيرات ما أحدثته جائحة كورونا، من انقلابات غير مسبوقة في مختلف أوجه النشاط الإنساني، وما سيترتّب على هذا، استثمارياً ومالياً وتشغيلياً؛ ورغم توصل الكل إلى المسلمة التي أكدتها الوقائع، والقائلة بـ “أن ما بعد كورونا ليس كما قبلها”، وما يعنيه ذلك، ويترتب عليه، من تحولات جذرية ستفرض نفسها على الدول – شاءت أم لم تشأ – وبالتالي ستفرض تعاطياً مغايراً تماماً، لما كانت درجت عليه سابقاً، وفي مختلف النواحي التشريعية والقانونية والإدارية والمالية والاستثمارية.. رغم كل ما سلف وأهميته الفائقة، وضرورة التحسب منه، والاستعداد والتحضير له، لنكون مستعدين وجاهزين لمواجهة متطلبات المستقبل، إلا أننا لانزال نتعاطى مع تلك التأكيدات بالغريب والمستهجن من الاستسهال والاستخفاف! كأن نسمع مثلاً من رجال أعمال ومال سوريين توجسهم من الوضع الاستثماري ومتطلباته، سواء من لهم استثمارات ومشاريع صناعية قائمة أعادوا تشغيلها وإدخالها حيّز الإنتاج الجزئي من جديد، وبشكل مرحلي على أمل التشغيل الكلي وبالطاقة الكلية لاحقاً، بعد أن استطاعوا ترميم وإصلاح وتأهيل ما دمره الإرهاب، وخلفته الحرب الظالمة على سورية، أو من يرغب بفارغ الصبر المشاركة في إعادة الإعمار وبناء الاقتصاد الوطني والمساهمة في نموه ونهضته، رغم العديد من التحديات التي لاتزال قائمة دون أن يكون لها معالجات جدية، ومنها البيروقراطية، وانتظار خطوات حقيقية لتسهيل إعادة بناء المدمّر من إمكانات ومنشآت، وعدم معالجة القروض المتعثرة، وإمكانية تأمين مصادر التمويل، وقلّة اليد العاملة كماً ونوعاً، ناهيكم عن تداعيات المقاطعة والحصار وقراراته وقوانينه الجائرة، وقبل هذا وذاك تحدي توفر القرار النافذ والقادر على تأمين البنى القادرة على مواجهة متطلبات ما بعد كورونا! وما سمعناه ليس مستحيلاً، لا بل هو بسيط وسهل، ومع ذلك لغاية الآن لا تجاوب!
مطلب هؤلاء لا يتعدى في سقفه الممكن والمتاح، وهو أن يكون هناك جهة ضامنة لتنفيذ القرارات التي يمكن أن تصدر، مطلب مبرره أن أحداً لم يضع المستثمرين بالصورة والإمكانيات الحقيقية والمتوفرة للدولة، ولما هو قائم ولما هو مراد ومطلوب من قطاع الأعمال الخاص، كي يبادر الأخير لتحمّل ما هو مستعد بالأصل لتحمّله من مسؤوليات ومهام اقتصادية وطنية، وتنفيذها بعد أن يعرف – على الأقل – ما هو مطلوب منه، وما هي الاحتياجات الاستثمارية والمالية للاقتصاد الوطني، ووفق أية رؤية ونهج وتوجه اقتصادي.
ويذهب لسان حال بعض المستثمرين للقول بأن ما يريدونه من الحكومة هو مصارحتها بما تستطيع أن تقدّمه لهم بالفعل، وألا يصطدموا بواقع لا يعكس حقيقة الممكن والمتاح، مع الإشارة هنا إلى أن الاقتصاد السوري من الاقتصاديات التي يراهن عليها في التوجهات الاستثمارية الوطنية والخارجية، نظراً لتنوع قطاعاته وإمكانياته وموارده وكفاءاته.
قسيم دحدل
qassim1965@gmail.com