.. لأجلها يرخص كل عزيز ونفيس
هو السادس من أيار يمشي مختالاً بين كل التواريخ منتشياً بالفخر والعزة والعنفوان، يزهو على غيره من الأيام وتزين دقائقه لحظات الإيثار والشموخ ويوشم المجد على جبينه فتسمو به التضحية والشهامة إلى أعلى شعور، وتصبح الكرامة رفيقةً لكل التفاصيل، كيف لا؟ وهو التاريخ الذي يُحتفى فيه كل عام بعيد أعظم من في الدنيا وأنبل بني البشر الذين قدموا الدماء والأرواح على مذبح الحرية والوطن، فكانوا الأبطال والقدوة والمثال، بهم تعلو الهمم وتأخذ الأوطان مكانتها الحقيقية وتمتلك حرية القرار والكلمة وتعرف الشعوب بأمثالهم معاني المجد فجاء عيدهم ليحتفل بتضحياتهم وذكراهم تمجيداً وتخليداً لهم.
ورغم أن أوطانهم خلدتهم في الأذهان لكنها لم تستطع أن ترد لهم الجميل الذي صنعوه وأقدموا عليه كرمى لبلادهم، فوحده عطاءهم هو العطاء الحقيقي لأنه لا ينتظر أي مقابل ويرحل في لحظة التضحية، مكتفياً بشرف ومجد الشهادة غير آبه بثمن مافعله وقدمه وهذا مايولي تضحيته صفاءً ونقاءً ومرتبةً عالية لايماثلها سواها، فما يقدمه الشهيد أكبر من أي كلام ومن أي امتنان وتخجل أمامه جميع الأساطير وروايات الشجاعة والإيثار، فالشهيد يفتدي شعبه بالروح والجسد ويموت هو ليحيا وطنه، وهذه أعظم تضحية يقدمها الإنسان لغال ينتمي له، وسورية هي ذاك “الغالي” لكل سوري شريف، ويرخص لأجلها كل عزيز ونفيس، فهي الحضن والأمان والملاذ الأول والأخير، ولطالما كان أولادها أبناء بارين ومن خصالهم الوفاء والشهامة ومع أنهم شعب محب للحياة إلا أن سوريتهم كانت أقوى من حبهم للحياة فساروا للموت طواعية وعلانيةً بلا خوف أو وجل.
لوردا فوزي