في علياء المجد
سأكتب بدمي شهادة ميلادي.. هكذا قال الشهيد وهو ذاهب إلى منازلة الموت.. يعرف أنه ذاهب ليخلّد وطنه في سفر المجد لذلك هو حي في وجداننا ينثر على أرواحنا ياسمين الحياة وكان القنديل الذي أنار ظلمة أيامنا، فاستشهاده إلا روح عطرة فاضت إلى جنة الخلود وتركت وراءها نسيم عطر نسعد برائحته. الشهداء هم أنشودة الخلود التي ينشدها أبناء سورية في كل خطوة من خطواتهم.. والآن شهداؤنا الأطهار نقف جميعاً في محراب عظمتكم نقلب الذكريات والصفحات لنقتبس من نوركم الساطع الذي أضاء سماء الوطن.. ذلك النور الذي جدد عزائمنا وغرس فينا حب التضحية والفداء فأنتم الأكرم والأنبل.. كتبتم بدمكم ملامح شخصيتكم لتعيش من بعدكم الأجيال، فما أجمل الكلام عنكم واستذكار بطولاتكم، وما أروع ارتقاؤكم وأنتم تسيرون في زفاف يرسم معالم النصر الأكيد!! أنتم عشاق الوطن قررتم رفع مرساتكم في اتجاه شاطئ آخر، رحلتم كما السنونو يعود إلى فضاءاته.. شهداؤنا لو تدرون كم نحن فخورين بكم، وبتضحياتكم الغالية التي ستبقى ماثلة في وجداننا، فأنتم تقدمون أرواحكم وتستشهدون من أجل أن يعيش أبناء الوطن سعداء آمنين.
اليوم ونحن نرتب أولويات أيامنا نكتب إليكم علّ كلماتنا تصلكم مجبولة بصدق عهد قطعناه لكم: أن نكون أوفياء لرسالتكم، وأن نسافر إلى الأبعد، إلى المدى المفتوح على الغد المشرق ننفض عنا غبار الموت الذي يحاول أعداؤنا كل لحظة نثر رماده على أرواحنا وأمام رحابة هذه اللحظة المفصلية التي نعيشها الآن نحتفي بكم بكلماتنا المكتوبة بفرح القلب وألق الذاكرة لأن أعناقنا مطوقة بياسمين طهارتكم نغزل منها وشاحاً جديداً للحياة، ننهض من أحزاننا وآلامنا نرسم لقلوبنا فضاءات تليق بنقاء بياضكم، ونفتح في الحياة نوافذ تطل على أمل رسمتوه بدمائكم.. لقد تحررنا من فصول الصمت والانكسار التي تعاقبت علينا لسنوات تسع ليزهر ربيع حياتنا المشرق ببريق نظراتكم الأخيرة على وطن خُلدت أسماؤكم نجوماً في علياء مجده.. أنتم ستبقون أنشودة الخلود، بدمائكم الزكية وأياديكم الفتية صُنعت الحضارة، وبمجدكم رفعتم لواء الأمة فكانت قوتكم أمام ضعف الأعداء وشجاعتكم أمام جبنهم. نعرف أن الموكب طويل جداً، وقافلة الشهداء ينضم إليها كل يوم علم جديد.. آلاف من الشهداء ومن كل الأعمار يرتقون كل يوم وهم يرفعون الرايات المعطرة بدمائهم الزكية الطاهرة ليرسموا معالم وطن أدركوا بيقين الحقيقة التي اصطفاهم الله لأجلها كم يستحق من تضحيات وعطاءات.. أكتب اسمك على رايات الوطن، أستنجد بالله أن يكون دمك ودم شهداء سورية جميعاً المداد الذي سيخطّ نصر وطن خالد بأبنائه البررة، وهذا عزاؤنا، وستبقى وجوهكم فرحاً يهطل على ذاكرتنا فيغسل قلوبنا وأرواحنا من أحزانها. فوردة بيضاء لأرواحكم وتهنئة من القلب أن يحمل لكم وسام الشهادة المجد والخلود.
المحررة الثقافية