“كوفيد 19” يعري الولايات المتحدة حضارياً
ترجمة: عناية ناصر
عن صحيفة بيبول داي 3/5/2020
يتخذ بعض السياسيين الأمريكيين من جائحة كوفيد 19 استعراضاً سياسياً من التسييس المتكرر للمرض، وتوجيه التهم للدول الأخرى، إلى مسرحية المطالبة بدفع التعويضات عن خسائر الاقتصاد، هذه المهزلة السياسية تثير الدهشة لدى الناس حول العالم، فحتى وسائل الإعلام الأمريكية أظهرت الحاجة إلى الجهود المشتركة للمجتمع الدولي لمكافحة الوباء، ومهمة إنقاذ الأرواح، وضرورة الاتجاه للتعاون في مكافحة الوباء، لكن الساسة الأمريكيين، وفي محاولة لصرف انتباه الناس، لم يظهروا أي وازع أخلاقي، ولذلك لن يتم التسامح معهم أبداً لتقويضهم التعاون الدولي.
لقد سبق للجانب الأمريكي أن قال من قبل وبشكل صريح بأنه يقدر بشدة جهود الصين وشفافيتها، معتبراً أن البيانات التي قدمتها الصين كانت مفيدة لجهود الولايات المتحدة ضد الوباء، لكن انعطافاً حدث في موقف واشنطن، إذ توهم بعض السياسيين الأمريكيين بأنه يمكنهم التنصل من مسؤولياتهم من خلال ذلك.
وبناء على أفضل المعايير في تسمية الأمراض المعدية البشرية الجديدة التي تم اعتمادها من منظمة الصحة العالمية والمنظمات الدولية الأخرى، يجب ألا ترتبط تسمية الأمراض ببلد أو منطقة، لكن السياسيين الأمريكيين انتهكوا هذه القواعد، وأطلقوا على الفيروس التاجي الجديد “الفيروس الصيني”، أو “فيروس ووهان”، رغم أن المجتمع الدولي أشاد بمساهمة الصين والتضحيات الجسيمة التي قدمتها.
إن ما يقوم به هؤلاء يشكّل إهانة للقانون والعدالة الدوليين، فمقتضيات الحصانة السيادية في القانون الدولي تنص على أن معايير وثروات أية دولة لا تخضع لتشريعات الدول الأخرى، ولا لاختصاصها القضائي ولا لإدارتها.
الأهم من ذلك، أن تفشي الوباء يعتبر عارضاً عالمياً للصحة العامة، وهو يعتبر في السياق القانوني من قبيل القوة القاهرة، وأن الصين هي أول من أبلغ عن عدوى كوفيد 19، أما أساس منشأ الفيروس فيحتاج إلى مزيد من الدراسات القائمة على العلم، كما أن الحقائق تؤكد أن لا علاقة سببية تربط بين جهود الصين لاحتواء الفيروس وتفشي المرض في الولايات المتحدة، تقول مستشارة القانون الدولي السابقة في وزارة الخارجية الأمريكية شيمين كيتنر بأنه لا يمكن التسامح مع أفعال بعض السياسيين الأمريكيين، وتؤكد أن أي مهنيين يتمتعون بخبرة عملية فعلية بشأن الحصانة السيادية يدركون أن المحاكم الأمريكية ليس لها اختصاص في النظر بمثل هذه الدعاوى القضائية، ولا يوجد أي أساس للولاية في مقاضاة الصين بسبب فيروس كورونا.
رغم ذلك، لم يتخل بعض السياسيين الأمريكيين عن فكرة مطالبة الصين بالتعويض، وحاولوا الاستناد إلى بعض الاستثناءات القانونية، وتصف ليا بريلماير، أستاذة القانون الدولي في كلية الحقوق بجامعة ييل، هذه الممارسات بأنها “محاولة أخيرة للقيام بشيء رداً على الوضع السياسي”، واعتبرته كيتنر “كابوساً كاملاً”.
تؤكد الصين، منذ البداية، أن المرض لا يشير إلى أن الفيروس قد نشأ في الصين، وأن منشأ الفيروس مسألة علمية خطيرة لا يمكن دراستها إلا من قبل العلماء والخبراء في الطب، وليس الخيال المجنون لبعض السياسيين الأمريكيين، والأهم أن علماء صينيين نشروا العديد من نتائج دراسات حول التسلسل الجيني للفيروس، فلماذا لا تصدر الولايات المتحدة، بوصفها قوة متقدمة في دراسة الجينات، دراساتها؟.