المشروع الصهيوني لضم وادي الأردن وشمال الأغوار
ريا خوري
لم يتوقف المشروع الصهيوني على احتلال فلسطين عام 1948 ومن بعدها الأراضي الفلسطينية عام 1967، بل امتدت أطماعه إلى غور الأردن، ومعظم الأراضي المتاخمة للغور، هذه الأطماع تجلت خلال المعركة الانتخابية الأخيرة حين اتفقت جميع الأحزاب والقوى السياسية اليمينية على تأييد خطوة ضم وادي الأردن والأغوار الشمالية حتى بدا موضوع ضم الأراضي الفلسطينية ومن ضمنها وادي الأردن والأغوار الشمالية وكأنها خطوة متفق عليها على مستوى الأحزاب، بخاصة بعد أن أبدى حزب ( أزرق أبيض ) تأييده لها.
ومن هنا بات واضحاً للجميع أنَّ ( الوحدة الصهيونية ) تتحقق على حساب الشعب العربي الفلسطيني وأراضيه وممتلكاته، لكن الأخطر أنَّ جميع القوى والأحزاب الصهيونية اليمينية المتطرفة تفسِّر عملية الضم على أنَّها ترسيم للحدود على ما هو قائم فعلياً على الأرض، وهذا بالتالي سيؤدي إلى سد الطريق في وجه أي تسوية حقيقية مع الشعب العربي الفلسطيني وقيادته. ومن المعلوم أنَّ الاحتلال الصهيوني يسيطر عملياً على نحو 60% من أراضي الضفة الغربية على اعتبار أنها كما ورد في اتفاقية أوسلو هي ( أراض المنطقة ج ) الخاضعة إدارياً وأمنياً لسيطرة الاحتلال، وهذه المنطقة بخلاف المنطقتين ( أ ) و ( ب ) اللتين تخضع الأولى ( أ) لسلطات الاحتلال الصهيوني أمنياً وإدارياً ، والمنطقة ( ب ) تخضع إدارياً لسيطرة السلطة الفلسطينية، وهي المنطقة المنوي ضم أجزاء واسعة منهما سواء في المستوطنات أو في غور الأردن.
جميعنا يعلم أنَّ الإعلان عن ضم الأغوار والكتل الاستيطانية يقضي على آخر أمل بإقامة الدولة الفلسطينية، كما أن ما تبقى من أراضي فلسطينية لا يتيح من ناحية الموارد فرصة قيام دولة قابلة للحياة.
في السابق أقدَمَ الصهاينة على الضم بشكلٍ عملي َوتم إنشاء مستوطنات تؤدي دور الحاجز لمنع تحقيق الدولة الفلسطينية، وتعمل على حرمان أبناء شعبنا العربي الفلسطيني من استخراج كافة الموارد ، أو فرصة إنشاء قيام دولة قابلة للحياة ، وقد تم الحديث مطوَّلاً عن الضم الفعلي بإنشاء المستوطنات وبناءً عليه تم حرمان الفلسطينيين من الاستفادة من منطقة ( ج ) وفرض القرارات والتشريعات والقوانين الصهيونية على مساحات شاسعة من هذه الأراضي ، وكانت شبكة الطرق الالتفافية والسريعة قد لعبت دوراً هاماً في إنشاء نظام تمييز عنصري صهيوني ضد شعبنا العربي الفلسطيني ولصالح المستوطنين الصهاينة في القدس الشرقية ومحيطها والضفة الغربية. ونحن نعلم وكذلك المراقبين أنَّ وزير خارجية الولايات المتحدة مايك بومبيو قد اعتبر أن موضوع ضم الأراضي هو في نهاية الأمر ( قرار إسرائيلي)، والواضح من هذا التصريح أنَّ إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تقوم بالتغطية الكافية على جرائم الاحتلال وتوفير الحصانة له . هذا الموقف السلبي يؤثِّر على جدية المواقف الدولية الرافضة لتلك الانتهاكات بخاصة وأنَّ ذلك الموقف لم يشرك العديد من المواقف المؤيدة للشعب الفلسطيني مثل العديد من دول الاتحاد الأوروبي ، فقد أكّد غير مرة المبعوث الأممي لعملية السلام نيكولاي ميلادينوف أنَّ أي خطوة من جهة واحدة تهدف إلى ضم أجزاء من الضفة الغربية تشكِّل تهديداً خطيراً ومتزايداً للحل السياسي ، وفي حال الضم يعتبر انتهاكاً للقانون الدولي، وقد عُقِدَ كونفرنس شارك فيه تسعة سفراء أوروبيين هم سفراء بريطانيا وألمانيا وايرلندا وإيطاليا وفرنسا وبلجيكا والسويد إضافة إلى سفير الاتحاد الأوروبي اعتبروا فيه أنَّ أي ضم للأراضي الفلسطينية من جديد يعتبر جريمة حرب، ودعوا الولايات المتحدة الأمريكية إلى التراجع عن دعم خطط الاحتلال، وقدَّموا احتجاجهم على خطط الضم والاستيطان معتبرين ذلك خرقاً كبيراً وواضحاً للقانون الدولي . كما توجَّه 130 نائباً بريطانياً من مختلف الأحزاب برسالة إلى بوريس جونسن رئيس الوزراء لفرض عقوبات اقتصادية على الكيان الصهيوني في حال قيامه بضم أراضٍ من الضفة الغربية . أما الغريب في الأمر فإننا نرى أنَّ خطة دونالد ترامب – بنيامين نتنياهو مغلَّفة باسم “صفقة القرن”، وأنَّ هؤلاء قد وافقوا على الضم بشكل مسبق وتم وضع خرائط لما يمكن تسميته ( شبح ) دولة فلسطينية لا حدود لها ولا دستور لها ولا أرض لها ولا سماء، متناسين ملايين الفلسطينيين المشردين في شتى أنحاء بلاد العالم والذين يحق لهم العودة وتقرير مصيرهم أسوة بشعوب العالم بموجب قرار هيئة الأمم المتحدة رقم 194.