تحقيقات

امتيازات المنظومة الاستشارية في شباك ضآلة الدور والنتائج

أخبار عديدة تصطاد ظمأ الناس إلى أي معلومة جديدة عن علاج لوباء كورونا أو حلول لواقعهم المعيشي والاقتصادي، وطبعاً ضمن عملية البحث المتواصلة عن تلك الأخبار الصانعة للتفاؤل تتعدد التساؤلات عن ماقدمته المنظومة الاستشارية الماصة للامتيازات في جميع الوزارات والمؤسسات، وعن مدى قدرتها على تقديم أفكار ورؤى جديدة قابلة للتنفيذ أو على الأقل تحاكي واقع بلدنا من مختلف الاتجاهات من خلال حزمة من الحلول التي تكسب رضى الناس، وفي الوقت ذاته تحقق أهداف الخطط والسياسات الموضوعة من قبل المؤسسات التنفيذية.
ولاشك أن رفع الغطاء عن ارتدادات أو تداعيات القرارات التي تم اتخاذها على مدار السنوات الماضية وانعكاساتها على الحياة العامة مع التقدير لكل الجهود المبذولة.. يكشف عن خلل كبير في آليات العمل وعن إخفاقات في تحقيق الأهداف المعلنة، خاصة تلك المعنية برفع المعاناة والتخفيف من الأعباء عن المواطنين الذين يتجرعون الآن ويلات خيبات الأمل بفرق ولجان العمل الحكومي بتسمياتها الاستشارية ولجانها الدائمة ومجالسها العليا التي يدعو البعض إلى إحيائها وإنعاشها من جديد رغم أنها لم تخرج خلال دورتها الحياتية من قوقعة العمل الروتيني والتعقيدات مثلها مثل تلك المؤسسات الصناعية التي كانت وعلى مدار السنوات الماضية حلقة معطلة في العمل الصناعي، بل وتتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية عن انتكاسات القطاع العام الصناعي.
ومن المؤكد أن استذكار تجربة المجالس العليا والمؤسسات الصناعية العامة والدخول على خط إنجاز هذه الهياكل الإدارية يشكل مدخلاً هاماً للبحث في واقع المنظومة الاستشارية التي عشعشت في المكاتب المختلفة وتكاثرت وتناسلت هيئاتها، سواء في رئاسة مجلس الوزراء أو غيرها من الجهات بالرغم من التساؤلات التي تلفح كفاءة هذه المنظومة الاستشارية المانحة “للمعلومة الصحيحة” بالشك والتحفظ على مهامها والكثير من رؤاها التي مهدت الطريق أمام العديد من الانتكاسات الحقيقية التي يعيش المواطن تبعاتها وأزماتها المتعددة .
وبغض النظر عن المزايا التي يحصدها لقب مستشار، وبالتركيز على الرؤية المهنية والعلمية والخبرات المتميزة التي تؤهل لحمل هذا اللقب نجد أن الكثير من المدرجين ضمن هذا العمل يخضعون لمعايير المجاملة لصديق أو قريب أو زميل بوضعه مستشاراً، خاصة أن الكثير من المستشارين هم من المسؤولين أو المديرين السابقين الذين لم يوفقوا في إدارة وإنجاح مؤسساتهم.
إذاً قد تكون وقائع الحياة العامة بمختلف ظروفها تستدعي تنشيط هرمون البحث عن أفكار استثمارية جديدة لكل ماهو موجود ومتاح تحت عنوان (ثروة وطنية) كما أنها لاتتعارض من حيث المضمون والهدف مع الدعوى لتوحيد العمل الاستشاري في مؤسسة شاملة بعد إعادة النظر ببنية المنظومة الاستشارية المتكاثرة بطريقة عجيبة غريبة، وبما تنتجه من عصارة فكرية عقيمة النفع هذا مع الحرص على عدم تجاهل أو تغييب فرضية الخطأ في تقييمها، والحكم بأنها لم تلعب أدواراً مهمة في دفع العمل العام نحو تحقيق مزيد من النجاح ولم تحدث فرقاُ كبيراً في مسيرة أي قطاع مع غياب تطبيق معايير المساءلة والمحاسبة والشفافية عليها، وبقيت تعمل بنفس التكتيك خلال الحكومات المتعاقبة بخط مواز لرغبات السلطة التنفيذية دون أي تصحيح أو فائدة علاجية، ولذلك لم تكن بالقوة والفعل المطلوبين ولم تحمل معها فائض القيمة الذي أسست من أجله في توجيه مسارات العمل الحكومي بشكل صحيح نحو مصلحة الناس، ولم توفق أيضاً في إدارة المشاريع المرتبطة بالاختيارات الكبرى للتنمية ومشاريع الاستراتيجيات المتعلقة بالسياسة العامة للدولة في الميادين كافة، والحديث هنا لا يخص أشخاصاً بل منظومة استشارية كاملة. فهل من مجيب؟.
بشير فرزان