“بروكار” .. دور المرأة الدمشقية وتباين الأداء ….
ارتبطت صناعة البروكار بدمشق، فكان أحد رموز تراثها اللامادي، أطلقه المخرج محمد زهير رجب على عمل البيئة الشامية “بروكار” سيناريو سمير هزيم، إنتاج قبنض، كان المحور الأساسي الذي ارتكزت عليه بقية الخطوط عبْر صناعة البروكار والتنافس بين قطبي ورشتي الذهب والفضة مع غموض حضور الخواجا الذي يحاول الاطلاع على نول البروكار وكيفية تصنيعه بدقة متناهية في ورشة أحد وجوه الحارة –أبو حسن- الفنان الكبير سليم صبري.
والملفت بالعمل أنه يتابع ماقدمه المخرج رجب في الجزء الأخير من باب الحارة من مسار تقديم شخصيات نسائية مختلفة الانتماءات والثقافات والمستويات الاجتماعية، لإعادة الصورة الحقيقية للمرأة الدمشقية التي كان لها دور سياسي في الحارة بمقاومة الفرنسيين والتصدي لهم وبإبداء الرأي ومواجهة الأزمات. فمثلت زينة بارافي ببراعة دور بثينة الفتاة المتعلمة الطموحة التي أوقفت كل الشائعات التي طالت والدتها (أم النور) –الفنانة سلمى المصري_ وواجهت رجال الحارة، وعملت على الخروج من المنزل، والعمل بتصميم الأزياء والتعلم بالمشغل الذي يضم فتيات من الحارات الدمشقية، والذي وظفه رجب ليظهر بطريقة غير مباشرة التراث الدمشقي اللامادي من خلال الرقصات والأهازيج التي تغنيها الفتيات وقت الاستراحة، ليكون خطاً درامياً يوضح تعلم الفتاة الدمشقية مهنة الخياطة، يتقابل مع حضور المرأة القوي في المجتمع والحياة الاجتماعية والسياسية من خلال الطبيبة د. انطوانيت –الفنانة نادين خوري- التي حصلت على شهادة الطب من فرنسا وترمز إلى المسيحيين في دمشق، في حوار قوي بينها وبين الضابط الفرنسي حينما تقول له: “أنا سورية وديانتي سورية” ليدخل المخرج رجب بطريقة غير مباشرة إلى تماسك نسيج المجتمع السوري من كل الطوائف والأديان مثل البروكار، كما عملت على حماية بثينة التي اشتركت بقتل الجنود الفرنسيين في إخفاء “الوحمة” العلامة التي كان يبحث عنها الفرنسيون، ليظهر المخرج أيضاً دور صاحبة المشغل فريال- رنا أبيض- في تحدي الفرنسيين، ويصبح المشغل مكاناً لتحريك الأحداث.
المنعطف الهام هو قرار نساء الحارة خلع الملاءة السوداء التي كانت سبباً بحدوث المشكلات في الحارة وإقناع الرجال بأنها بدعة أوجدها العثمانيون خلال حكمهم سورية والالتزام بقواعد الشرع والحجاب فقط، وهذا التغيير يتوازى مع التوجه العام للعمل بدور المرأة الإيجابي.
وفي منحى آخر تطرق المخرج إلى دور الشباب المتعلم المنفتح على الواقع من خلال شخصية الطبيب عصمت- يزن خليل- الذي يتجاوز الخلافات بين والده عزمي بيك –الفنان زهير رمضان- الشخصية السياسية الذي يدير الحوارات في المقهى حول الأوضاع السياسية ومواجهة الفرنسيين في المرحلة الأخيرة من الاحتلال، وتشكيل الحكومة الوطنية وترشيح نفسه للانتخابات، وفي الوقت ذاته هو صاحب ورشة الفضة وبين الند له الزعيم –أبو النور- النجم عبد الهادي الصباغ- صاحب ورشة الذهب، ويتصاعد الصراع بينهما عبْر الأحداث.
الكاركتر الجديد بالعمل هو شخصية الهمشري- سعد مينه- أخ عزمي بيك المختلف معه بالمواقف والآراء الذي يحارب الفرنسيين بصمت وبالخفاء بالقضاء عليهم بأداته البسيطة شبكة الصيد.
ولا يخلو العمل من تكرار المحاور التقليدية مثل الخيانة من الداخل، إلا أن الملفت أيضاً هو التباين الواضح بأداء الشخصيات النسائية فبدت النجمة سلمى المصري أقل حيوية بالأداء عن المعتاد حتى قبل حادثة الاعتداء على منزلها وشائعة اغتصابها من قبل الحرامي، وكذلك الفنانة مها المصري التي اقتصر دورها في بيتها وحل الخلاف بين زوجها عزمي بيك وابنها الوحيد الطبيب عصمت، في حين برز دور المرأة القوية من خلال أداء فيلدا سمور في دور أم عزمي رغم مساحة الدور الصغيرة.
ومازالت الأحداث بتصاعد وتحمل مفاجآت توحي بها مشاهد الشارة.
تميّز العمل بأغنية الشارة للفنان اللبناني “رضا” وجمالية موسيقا سعد الحسيني، ولاسيما فواصل موسيقا المشاهد.
ملده شويكاني