هموم صحفية!!
توقعنا بعد أن هدأ هدير الاجتماع بين المكتب التنفيذي لاتحاد الصحفيين ورئاسة مجلس الوزراء أن تُقلع عجلة التغيير، وأن تباشر التغذية المادية والمعنوية الجديدة التي تمّ الحديث عنها بالضخ داخل الجسم الصحفي الذي استبشر بها خيراً كغيره من النقابات التي وعدت ونالت الملايين لدعمها وإحداث تغيير واضح في أدائها. ونذكر أن الاجتماع خلص – كما صُرّح آنذاك – إلى ضرورة وضع آليات جديدة لتطوير عمل الاتحاد وإجراء تقييم ومراجعة للآليات السابقة، ووضع صيغة متطورة للعمل الإعلامي بشكل عام وتعديل التشريعات والقوانين الناظمة لعمل الاتحاد، ووضع رؤية لتطوير عائداته المالية من خلال الاستثمارات لتحسين واقع المنتسبين إليه، وتنظيم دورات نوعية متخصّصة لرفع كفاءة الكوادر الإعلامية في مختلف الاختصاصات، ولكن ذلك كله “ذهب أدراج الرياح”!، فبعد أشهر – إن لم نقل سنوات – يبدو أن الوعود الجامحة استكانت للنوم على الوسادة نفسها المصنوعة من ريش الطواويس والنعام. ويحق لنا هنا إطلاق همسة بسيطة في أذن من تناسى مطالب من كانوا رأس حربة – كما يقال – في المواجهة خلال سنوات الحرب من الإعلاميين، وهم يواصلون أداء مهامهم الوطنية رغم تشاركهم مع باقي الشرائح الظروف الاقتصادية الصعبة، إضافة إلى صعوبات مهنتهم التي أضحت، مع ضآلة ما يُقدّم لهم من دعم وضعف الحاضنة القانونية والنقابية والمادية، أشبه بمحاربة طواحين الهواء، وأقرب في يومياتها المهنية إلى السير في حقل من المفخخات والألغام، وخاصة لمن التزم بميثاق الصحافة وأدبيات وأخلاق المهنة وما أكثرهم.
والشيء المؤلم أن يتكرّر تداول السلة الغنية بالمطالب الصحفية، والتي تعاقبت أكثر من حكومة على سماعها وتبنيها بطريقة استعراضية رغم أهميتها، وتتعلق بتحسين واقع أعضاء اتحاد الصحفيين من النواحي المالية والفنية، بما فيها تسهيل حصول الصحفي على المعلومة، وإمكانية رفع قيمة تعويض طبيعة العمل الخاص والفكري، وإمكانية تخصيص عدد من المساكن لأعضاء الاتحاد بشكل سنوي، وتقديم حسومات على خدمة الانترنت وتخفيض أجور مكالمات الخليوي، إضافة إلى تأمين أدوية الأمراض المزمنة وإجراء تخفيضات مالية خاصة للأعضاء في مؤسسات التعليم العالي وتأهيل المقر الجديد.
ولاشك أن تضافر الجهود بين مختلف المكونات الإعلامية للوصول إلى إعلام نوعي يتوافق مع ضرورات المرحلة، وتحديد هوية وطنية لكل وسائل الإعلام ضمن الثوابت الوطنية، إضافة إلى دور الاتحاد في الجانب الاجتماعي والتنمية البشرية، يحتاج إلى آليات عمل وتعاون وتنسيق خارجة عن دائرة اللقاءات المحشورة في خانة الوعود طويلة الأمد، والتي لا يتمخض عنها أي شيء. وللأسف بدلاً من التعامل مع حياة الصحفي بشكل جديّ ومسؤول، والإسراع في تحسين واقعه وترميم ثقته بمنظمته النقابية، نجد الاستمرار في التعاطي السلبي مع واقع الصحفي “الإعلامي”؛ ونتيجة لذلك، بات الكثير من الزملاء تحت الخطوط المعيشية الحمراء، وهناك الكثير من المعاناة سواء من الناحية المعيشية أو المهنية.
باختصار.. لم يعد مقبولاً تحييد المطالب الصحفية وإلغاؤها، والظروف الحالية لا تعفي أي جهة تنفيذية أو إعلامية أو نقابية من مسؤولياتها تجاه من يعمل في القطاع الإعلامي، وفي المقدمة تحسين الواقع المعيشي ومضاعفة التعويضات.
بشير فرزان