أخبارصحيفة البعث

بعد تهديد ترامب.. الرياض تخفّض إنتاجها النفطي “طواعية”!

بعد التهديدات التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال المكالمة الهاتفية مع ولي عهد النظام السعودي محمد بن سلمان بسحب الحماية وغيرها من الإجراءات، أعلنت الرياض أنها تنوي خفض إنتاجها اليومي من النفط بمليون برميل إضافي ابتداء من حزيران المقبل، وذلك في محاولة لمساعدة السوق على استعادة توازنها ورفع الأسعار في ظل تراجع الطلب بفعل فيروس كورونا المستجد.

ورغم المحاولات السعودية لتجميل الإجراء الجديد على أنه عملية طوعية ولا يدخل في سياق التخفيض الذي أقر في “أوبك بلس”، إلا أن جميع المؤشرات تؤكد أن الخطوة لم تكن لتجري لولا التطورات المتسارعة على خط واشنطن الرياض، فالتهديد والوعيد الذي أطلقه ترامب، والذي ألحقه بسحب بطاريات الباتريوت وسربين من الطائرات القتالية، كان له مفعول سريع في الانصياع للقرار الترامبي.

وفي ضوء التخفيض الجديد فإنه سيكون حجم التخفيض نحو 4.8 ملايين برميل مقارنة بشهر نيسان، فيما سيكون إنتاجها لشهر حزيران 7 ملايين و492 ألف برميل، ولكن هل سيتوقّف الأمر عند هذا الحد أم هناك أشياء أخرى ستكون مطلوبة من الرياض للحفاظ على الحماية الأمريكية؟ فالمعطيات التي تحدثت عنها وكالات الأنباء بعد المكالمة بين ترامب وابن سلمان، جاءت متطابقة لما كان يحكى في أروقة القرار الأمريكي، فالسناتور كيفن كريمر والسناتور دان ساليفان الجمهوريان اقترحا تشريعاً لسحب القوات الأمريكية وصواريخ باتريوت ونظم الدفاع المضاد للصواريخ من المملكة ما لم تخفض السعودية إنتاج النفط، وهو ما حصل بالفعل تالياً، فيما نُقل عن مسؤول أمريكي رفيع إن الإدارة أبلغت قادة النظام السعودي إنه إذا لم يتم خفض الإنتاج فلن يكون هناك سبيل لمنع الكونغرس الأمريكي من فرض قيود قد تؤدي إلى سحب القوات الأمريكية. ولخص المسؤول فحوى الحجة الأمريكية التي تمّ نقلها عبر قنوات دبلوماسية مختلفة بأنها رسالة للقادة السعوديين مفادها “نحن ندافع عن صناعتكم بينما تدمرون أنتم صناعتنا”، ما يعني أن واشنطن لديها حسابات جديدة تجاه الرياض.

وتواجه السعودية، أكبر مصدّر للنفط في العالم، أزمة اقتصادية غير مسبوقة مع تراجع أسعار النفط وإجراءات الإغلاق المرتبطة بفيروس كورونا المستجد وبينها تعليق مناسك العمرة التي تدر عليها مليارات الدولارات سنوياً. ولمواجهة هذا التراجع فقد قرّرت رفع نسبة ضريبة القيمة المضافة وإيقاف بدل غلاء المعيشة.

وسجلّت الرياض عجزاً في الميزانية منذ بداية التراجع الكبير الأسعار النفط في 2014. وقد توقع صندوق النقد الدولي في نيسان أن ينكمش الاقتصاد السعودي بنسبة 2.3% هذا العام، فيما قالت مصادر إن شركة النفط السعودية “أرامكو” على وشك إتمام قرض بقيمة 10 مليارات دولار مع مجموعة من حوالي 10 بنوك في إطار سعيها إلى سيولة مالية وسط انهيار في أسعار الخام. وقد تستخدم الأموال أيضا لأغراض أخرى، بما في ذلك دفع توزيعات الأرباح.

إن القرار السعودي على الرغم من وضعه في سياق تنشيط سوق النفط وتحسين أسعاره العالمية إلا أن يخفي في طياته الكثير من المؤشرات بأن العلاقة بين نظام آل سعود والولايات المتحدة تمر بمرحلة دقيقة، بداية من أزمة أسواق النفط مروراً بالتهويل بالخطر الإيراني واستغلاله لإبرام المزيد من صفقات الأسلحة، وليس انتهاء بوقف الحرب في اليمن، التي على ما يبدو أثرت بشكل كبير على الرياض وهي تريد إنهاءها، ولكن حتى الآن واشنطن ترفض ذلك، والأخطر هو إصرار ترامب على أن النظام السعودي بقرة حلوب يجب أن تدفع وتدفع المزيد من الدولارات.. فهل ستحمل الأيام القادمة المزيد من المفاجآت على مسار العلاقات بين الطرفين، وخاصة تفعيل الإدارة الأمريكية لـ قانون جاستا الذي أقره الكونغرس في أخر أيام إدارة أوباما الديمقراطية؟!

سنان حسن

(تقرير إخباري)