دراساتصحيفة البعث

كورونا بين ترامب و جونسون

ترجمة: هناء شروف

عن الاوبزرفر 9/5/2020

 

تعامل رئيس الولايات المتحدة مع فيروس كورونا بشكل سيىء للغاية، وهو ما جعل جونسون جيداً جداً بالمقارنة معه، فقد اقترف ترامب أخطاء كثيرة، وأصبحت الولايات المتحدة أكثر الدول المتضررة، وحتى لو اتضح أن بريطانيا هي الأكثر تضرراً، فالخطأ لم يكن خطأ الحكومة، إذ مهما كانت حكومة جونسون ذات المواهب القليلة سيئة فهي ليست بسوء فريق ترامب، وهذا بالطبع ما حمى رئيس الوزراء من الانتقادات القاسية لإخفاقاته في التصدي لكورونا.

يقول البعض إن حكومة جونسون أفسدت قرارات حاسمة بدءاً بالفشل في تأمين معدات الحماية الشخصية للعاملين في الخطوط الأمامية في مجال الرعاية الصحية والاجتماعية، إلى التأخير لمدة 11 يوماً في فرض الإغلاق الذي ثبت أنه ضروري لإنقاذ الأرواح، وهنا تم التركيز على أحكام محددة: مثلاً لماذا سمح للوزراء بالتجمعات الجماعية، متجاهلين التحذيرات من أن مثل هذه التجمعات ستكون مهرجان فيروس؟ ولماذا طلبت الحكومة من الناس في البداية الابتعاد عن الحانات والمطاعم، ولكنها سمحت في الوقت نفسه لتلك الأماكن بالبقاء مفتوحة؟ ولماذا لم يشرع على الفور في تجنيد “جيش تعقب التواصل” الذي سيكون مطلوباً إذا أردنا الخروج من منازلنا؟.

بإلقاء نظرة على قرارات التقشف التي تعود إلى عقد من الزمن، نرى أنها أدت إلى شلل الخدمات العامة حتى العظم، وتآكل قدرة البريطانيين على الصمود، والآن في كلتا الحالتين، تواجه البلاد حصيلة قتلى تقترب من 30000 .

يجب أن تبدأ أية إجابة مما يسميه المستطلعون تأثير “التجمع حول القائد”، وهو ميل الناخبين إلى دعم قادتهم في وقت الأزمات، وتشير البيانات من جميع أنحاء العالم، في هذه الحقبة وغيرها، إلى أنه عندما يشعر المواطنون بالخوف، فإنهم يعتقدون أن المسؤولين عنهم لديهم الحكمة والقوة لحمايتهم، وبذلك يصبح الناخبون كالركاب على متن طائرة هابطة: “في لحظة الخطر هذه، يحتاجون إلى الثقة بالطيار”.

في حالة جونسون، هناك عامل إضافي، ولا أحد يستطيع أن يلقي عليه الاتهام التقليدي الموجّه ضد السياسيين، فهو لم ينأ بنفسه عن خطورة المرض، وتجربته القريبة من الموت مع Covid-19 تحصنه من تلك التهمة، وساعده في ذلك وجود صحافة داعمة كانت عاملاً مساعداً لوقوف الناخبين إلى جانب جونسون، خاصة أن أخبار مرضه كان يتم وضعها في مقدمة النشرات الإخبارية، وحتى المعارضة قررت، لأسباب قد تكون منطقية من الناحية السياسية، تقديم نقد “بناء” معتدل.

فيما يتعلق بالحكم عن طريق المقارنة، لسنا بحاجة إلى انتظار تحليل إحصائي كامل لنعرف أن جونسون لم يكن أسوأ زعيم عالمي في هذه الأزمة، لأنه يمكننا أن نعلن الفائز في هذه المسابقة في الوقت الحالي، فهناك يومياً المزيد من الأخبار المذهلة من جميع أنحاء المحيط الأطلسي حول أسوأ زعيم، خاصة ذاك الزعيم الذي نصح الأمريكيين بحقن مادة الكحول لوقف الفيروس.

وهناك أمر آخر يحسب لجونسون وفريقه هو أنهم لا يروجون لعلاجات أشبه بالدجل، ولا يؤيدون نظريات المؤامرة المختلة، ويمكنهم على الأقل إظهار قدر من التعاطف البشري لأولئك الذين فقدوا أحباءهم، وهو عمل لايزال بعيداً عن ترامب، لقد توحدوا على الأقل، في نهاية المطاف، وراء رسالة متماسكة “البقاء في المنزل”.