اقتصادصحيفة البعث

نعم لدعم الصناعة.. ولكن؟!

بانتظار التعليمات التنفيذية للمرسوم التشريعي رقم 10 الصادر قبل يومين، تستحضرنا نقاط ضرورية عديدة يتصدّرها أن هذا المرسوم حظي بإجماع القطاع الخاص والعام، وحتى المواطن العادي، على إيجابياته العديدة ومنها استمرار الدعم للصناعة الوطنية، ما يمكنها من خفض مهمّ في تكاليف منتجاتها، وبالتالي وحكماً انخفاض في الأسعار وتوفر السلع، كما يشجعها على رفع مستويات إنتاجها، وزيادة مساهمتها بالناتج المحلي الإجمالي، وسدّ احتياجات السوق بالبضائع المنتجة محلياً، وتخفيض فاتورة المستوردات بما يساهم في توفير القطع الأجنبي وتوجيه استخدامه نحو الاحتياجات الأساسية والأولويات الاستثمارية والتنموية، ناهيكم عما سيتيحه المرسوم من مساحة تنافسية للمنتجات السورية في الأسواق الخارجية، وما يعنيه هذا من منعكسات يجب استثمارها على أكمل شكل ومضمون.

المرسوم 10 ليس جديداً أو وحيداً، وإنما يضاف إلى جملة المراسيم والقوانين الأخرى التي تصبّ في تشجيع الصناعة الوطنية، ولاسيما أنها توازت مع صدور قرارات حكومية بمنح إعفاءات في الجانب التصديري، الأمر الذي من المفترض أن يساهم في استنهاض الصناعة السورية!

من تلك المراسيم مثلاً، لا حصراً، المرسوم رقم 172 تاريخ 13 – 6 – 2017، والقاضي بتخفيض الرسوم الجمركية بنسبة 50% على المواد الأولية ومدخلات الإنتاج اللازمة للصناعات المحلية؛ وقبله المرسوم رقم 19 الصادر في 9 – 4 – 2017، والقاضي بإعفاء الآلات وخطوط الإنتاج المستوردة لصالح المنشآت الصناعية المرخصة من الرسوم الجمركية وغيرها من الرسوم المترتبة على الاستيراد، أي ثلاثة مراسيم كرمى صناعتنا وصناعيينا كي ينهضوا بمسؤولياتهم الصناعية الوطنية ويوفروا للمواطنين السوريين (المستهلكين الأساسيين والسوق الأساسية) منتجاً مصنّعاً وطنياً، بسعر يتناسب ومقدرتهم المادية والمعيشية.

بالعودة للنقاط الضرورية، نقول لمن يُعدّ التعليمات التنفيذية إن العبرة في انعكاس المرسوم إيجاباً على أسعار المنتجات وتوفرها والقدرة على تصديرها، حيث لم نلمس أن المرسومين السابقين قد تمّت ترجمتهما للإيجابيات، ومتوالية الصعود في الأسعار تؤكد ما نقول، علماً أن مفاعيل المرسومين السابقين لا تزال قائمة!!

أما ما نودّ التنبيه له فهو أنه سيكون هناك تهافت على استيراد أكبر كمية من المواد الأولية، وبالتالي زيادة في الطلب على العملة الصعبة، الأمر الذي يُخشى ألا يعطي نتائجه المرجوة، إلا إذا كانت هناك فرصة لتصدير جزء من هذا الإنتاج يغطي حاجة السوق من القطع الأجنبي، كما يجب الأخذ بعين الحسبان واقع توفر القطع الصعب لإمكانية تمويل المستوردات.

وبالنسبة للقطاع العام، وحول السؤال: “هل سيكون الانعكاس جيداً أيضاً؟”، يجيب مدراء مؤسسات صناعية عامة: نعم، شريطة أن يتمّ التمويل من المركزي، ويكون إعلانات خارجية، بمعنى ألا يتمّ شراء موادهم الأولية من تجار محليين، مع ضرورة عدم السماح باستيراد السيارات للقطاع الخاص (أي مكونات السيارات)، حتى لا تساهم في استنزاف القطع من السوق.

وليس ختاماً.. لا بد أن نذكر كل مستفيد أن صدور هذا المرسوم جاء في الوقت المناسب وفي الوقت الصعب أيضاً، تنفيذاً لإستراتيجية الدولة في دعم الصناعة الوطنية، وكمساهمة كبيرة في تحمّل جزء لا بأس به من تكاليف الإنتاج، حيث كانت هذه الرسوم تشكل واردات للخزينة العامة للدولة وللجهات الأخرى التي كانت تحصل على حصصها منها، وعليه فلا أقل من تقدير ذلك من خلال تحقيق الأهداف الاقتصادية الملحة.

قسيم دحدل

Qassim1965@gmail.com