بعد نجاحه بتعويض الفاقد التعليمي.. التعليم عن بعد يحتاج لهذه المقومات!
لا شك في أن استخدام التقنيات الحديثة في التعليم كان له أثر إيجابي واضح في تحسين جودة التعليم، وقد ظهر ذلك بوضوح خلال فترة الحجر الصحي، فقد أثبتت المنصات التعليمية التي أُطلقت بكثافة عبر مواقع التواصل الاجتماعي جدواها وقدرتها على تعويض الفاقد التعليمي للتلاميذ والطلبة بعد إغلاق المدارس أبوابها.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل ساهم ذلك في تحسين نوعية التعليم وزيادة فعاليته، وذلك بحسب شهادة العديد من المعلمين والمدرسين الذين خاضوا هذه التجربة مع طلابهم، مؤكدين أن التجربة كانت مفيدة ولها مردود إيجابي على الطالب عدا عن أنها حلت العديد من المشكلات التي كانت تعاني منها المدارس، كازدحام الصفوف، والنقص في عدد المدرسين، والأريحية في الاطلاع على الدرس وغير ذلك من فوائد!.
بدائل متعددة
معلمة اللغة العربية علا جهاد ربيع أكدت أنه كان لاستخدام تقنيات التعليم ووسائل التواصل الاجتماعي من قبل المعلمين والمتعلمين أيام الحجر الصحي دور بارز لتوفير بدائل متعددة وإتاحة الفرصة للتعلم الذاتي والتغذية الراجعة لكل متعلم باعتباره محور العملية التعليمية.
وعن تجربتها قالت: كانت مفيدة جداً لي ولطلابي، مشيرة إلى أنها كانت بإشراف أحد الموجهين التربويين (باسم شرمك) بمديرية تربية طرطوس، وبمشاركة ولديها، حيث قامت بتصميم مواقف تعليمية في مادة اللغة العربية لصفوف السابع والثامن والتاسع بإشراف الموجهة الاختصاصية (أحلام عبود)، حيث تم إدراج المواقف في المناهج الإثرائية من قبل مدير المنصات التربوية الأستاذ محمود الحامد لتعم الفائدة على جميع التلاميذ، وقد تم نشرها عبر الفيسبوك والتواصل مع الطلاب واستقبال استفساراتهم، والأخذ بيدهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتفاعل معها الطلبة بشكل إيجابي كونهم كانوا يطرحون السؤال ويجدون إجابته.
بكل يسر وسهولة
وأملت المعلمة “ربيع” بالاستمرار باستخدام التقنيات الحديثة في التعليم كونها تقدم المعلومات للطلبة بكل يسر وسهولة أي بعكس الدرس التقليدي في القاعة الدرسية الذي فيه الكثير من التنظير الذي لم يعد يجذب الطالب بعد طغيان التكنولوجيا وسحر الهواتف الذكية وتطبيقاتها المتعددة.
ويرأبها ليس كل مدرس قادراً على التدريس بهذه الطريقة، ودعت المعنيين في وزارة التربية ومديرياتها بالعمل على رفع مستوى مهارات وخبرات المدرسين في تصميم الدروس والاختبارات الإلكترونية بما يصب في مصلحة المتعلمين وجودة العملية التعليمية، موضحة أنها استفادت من خبرة المدرب مؤمن الحاطوم عبر مجموعته التي كانت تقدم كل ما يحتاجه التلميذ لتعويض ما فاته بطريقة سلسة ومفيدة.
ضمان للفهم
وبرأي المدرسة إيلانا خليل إن استخدام التكنولوجيا بالتعليم بات ضماناً لفهم الطالب للدرس، وبنفس الوقت الحصول على المتعة في تلقي المعلومة مع معلم مبدع يمتلك مهارات التواصل المطلوبة ولديه قدرة على الإقناع من خلال توجيه الطلبة وإرشادهم وتشجيعهم على الاستخدام الصحيح والمفيد للتكنولوجيا، خاصة الهواتف الذكية وتطبيقاتها التي تغري الطلبة.
إنقاذ الموسم الدراسي
وقال المعلم رئيف محمد: إن استخدام التكنولوجيا عبر مواقع خاصة أتاح للتلاميذ والطلبة متابعة دروسهم، وأنقذ العام الدراسي من الفشل، وأعطى ذلك مؤشراً على تطوير تجربة التعليم عن بعد دون الحاجة للمدارس في وقت الأزمات، ولكن ضمن شروط وضوابط بحيث لا يؤثر ذلك على جودة العملية التعليمية.
ضعف شبكة الانترنت!!
بالرغم من النجاح الذي حققته تجربة دمج التقنيات الحديثة بالتعليم، ولكن هناك من لديه شكوك في استمرار نجاح التجربة في إشارة إلى ضعف البنية التحتية لتكنولوجيا الاتصالات، كضعف شبكة الانترنت، وتذبذب التيار الكهربائي، الأمر الذي يؤثر بشكل كبير على متابعة الدروس عبر المنصات، عدا عن غلاء باقات الانترنت لمن ليس لديه بوابة، وهنا دعا العديد من المعلمين والمدرسين لتحسين جودة الانترنت وإعطاء حسومات خاصة للطلبة بحيث يتيح لهم ذلك الاشتراك بخدمة الانترنت دون أن يشكل لهم ذلك أي ضغط مادي.
في ذات السياق خشي أحد المدرسين من أن التعليم عن بعد يمكن أن ينتج أنماطاً قليلة الكفاءة والمقدرة على تحقيق الهدف منها نتيجة ضعف الإمكانات.
بالمختصر، تجربة التعليم عن بعد أثبتت نجاحها في ظل الظروف الراهنة، وانتقلت من كونها أداة للمساعدة في التعليم إلى حاجة أساسية لم يعد يمكن الاستغناء عنها، خاصة في ظل الأزمات، لذا بات استمرارها وتطويرها حاجة ضرورية لتكون أكثر فعالية ومقدرة للوقوف على مستوى الطلبة، ولعل الخطوة الأولى لتحقيق ذلك، هي بالعمل على تأهيل وتدريب المعلمين على كيفية استخدام هذه التقنيات والتعامل معها بالشكل الصحيح، أيضاً على وزارة التربية في حال اعتمدت فكرة التعليم عن بعد أن تعمل منذ الآن على تصميم المقررات المدرسية بما يناسب هذا النوع من التعليم لأن ذلك يحتاج لوقت وزمن ليس بالقليل، مع الأخذ بالاعتبار إيجاد أفضل المعايير لقياس مقدرة الطالب ومدى استيعابه للمقررات المدرسية وامتلاك المهارات الأساسية للتعامل مع الحاسب، وحبذا لو يتم إشراك الطالب في ذلك ليختار ما يناسبه، وبالمجمل مراعاة الأسس التعليمية والتربوية في تصميم المنصات وطرق التقديم هي من أولويات نجاح التعليم عن بعد.
وجهات النظر والآراء هذه جديرة بالوقوف عندها والأخذ بإيجابياتها في عالم يشهد ثورة غير مسبوقة في عالم التكنولوجيا تضع التعليم التقليدي في المدارس والجامعات أمام تحدي إثبات الوجود!.
هامش معلومات
حسب موقع ويكيبيديا ” بدأ التعليم عن بعد من خلال بعض الجامعات الأوروبية والأمريكية في أواخر السبعينيات التي كانت تقوم بإرسال مواد تعليم مختلفة من خلال البريد للطالب، وكانت هذه المواد تشمل الكتب، شرائط التسجيل وشرائط الفيديو، كما كان الطالب بدوره يقوم بإرسال فروضه الدراسية باستخدام نفس الطريقة”.
وتشير المعلومات إلى أن تلك الجامعات كانت تشترط حضور الطالب بنفسه لمقر الجامعة لأداء الاختبار النهائي الذي بموجبة يتم منح الشهادة للطالب.
بعد ذلك وحسب الموقع المذكور تم “تطور الأمر في أواخر الثمانينيات ليتم من خلال قنوات الكابل والقنوات التليفزيونية، وكانت شبكة الأخبار البريطانية رائدة في هذا المجال. وفي أوائل التسعينيات ظهرت الانترنت بقوة كوسيلة اتصال بديلة سريعة وسهلة ليحل البريد الإلكتروني محل البريد العادي في إرسال المواد الخفيفة والفروض.
واستمر تطور التعليم عن بعد ففي “أواخر التسعينيات وأوائل القرن الحالي ظهرت المواقع التي تقدم خدمة متكاملة للتعليم عن طريق الويب، وهي الخدمة التي شملت المحتوى للتعليم الذاتي، بالإضافة لإمكانيات التواصل والتشارك مع زملاء الدراسة من خلال ذات الموقع أو البريد الإلكتروني. وحديثاً ظهرت الفصول التفاعلية التي تسمح للمعلم أو المحاضر أن يلقي دروسه مباشرة على عشرات الطلاب في جميع أنحاء المعمورة دون التقيد بالمكان بل وتطورت هذه الأدوات لتسمح بمشاركة الطلاب بالحوار والمداخلة”.
• غسان فطوم