بوتين يشدد على تطبيق اتفاق إدلب.. سورية: أي وجود عسكري أجنبي دون موافقة الحكومة عدوان واحتلال
شدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على ضرورة تنفيذ الاتفاقات حول إدلب وخاصة منطقة خفض التصعيد فيها، فيما جدد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة الدكتور بشار الجعفري التأكيد على أن أي وجود لقوات عسكرية أجنبية على الأراضي السورية دون موافقة الحكومة هو عدوان واحتلال، وسيتمّ التعامل معه على هذا الأساس، مشدداً على أن سورية لن تتخلى عن حقها بالدفاع عن أرضها ومقدراتها ومواصلة مكافحة الإرهاب وتحرير أرضها المحتلة، سواء كان المحتل أمريكياً أو تركياً أو إسرائيلياً أو من التنظيمات الإرهابية العميلة لهم.
فقد بحث بوتين، خلال اتصال هاتفي، مع رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان، أمس الأحد، وفق ما أفاد مكتب الخدمة الصحفية في الرئاسة الروسية الكرملين، الأوضاع في سورية و”تكثيف الجهود المشتركة لتنفيذ الاتفاقات بشأن منطقة خفض التصعيد في إدلب بما في ذلك البروتوكول الإضافي لمذكرة سوتشي المؤرخة 17 أيلول 2018″.
وكان مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة الدكتور بشار الجعفري أكد، خلال جلسة لمجلس الأمن عبر الفيديو حول الوضع في سورية، أن النظام التركي يواصل دعم ورعاية التنظيمات الإرهابية الموالية له، والتي تنشط في مناطق متفرقة من شمالي سورية، منتهكاً التزاماته بموجب القانون الدولي واتفاق أضنة وتفاهمات سوتشي وأستانا وموسكو وقرارات مجلس الأمن، ولا سيما المتعلقة بمكافحة الإرهاب، لافتاً إلى أن التنظيمات الإرهابية المدعومة من نظام أردوغان استغلت فترة الهدوء اللاحقة لاتفاق موسكو وانشغال العالم بجهود التصدي لوباء كورونا لإعادة تنظيم قواتها وزيادة تسليحها تمهيداً لارتكاب المزيد من الجرائم.
وأشار الجعفري إلى أن مجموعات إرهابية تابعة لتنظيمي “حراس الدين” و”الحزب التركستاني” هاجمت إحدى نقاط الجيش العربي السوري في قرية الطنجرة المجاورة لسهل الغاب واستهدفتها بوابل من قذائف الهاون ونيران الرشاشات الأمر الذي أدى إلى ارتقاء عدد من الشهداء وإصابة آخرين، فضلا عن قيام إرهابيي “الحزب التركستاني”، المدعوم تركياً، بتدمير برج محطة زيزون الحرارية لتوليد الكهرباء بريف إدلب، بعد أن كانوا قد نهبوا بالتعاون مع فنيين أتراك معدات المحطة ونقلوها إلى داخل الأراضي التركية عبر المعابر التي يروّج لها البعض في الأمم المتحدة على أنها “إنسانية”، علاوة على انتهاك النظام التركي اتفاقية ودستور الاتحاد الدولي للاتصالات من خلال قيامه بتركيب عدد من محطات الاتصالات الخليوية داخل الأراضي السورية وتقديم تغطية الإنترنت والاتصالات الخليوية، وبشكل خاص للتنظيمات الإرهابية في مناطق شمالي سورية، عبر مزوّد خدمة إنترنت وشركة اتصالات تركية.
ولفت الجعفري إلى قيام قوات الاحتلال التركي وأدواته من التنظيمات الإرهابية التي تسيطر على محطة علوك بقطع المياه وحرمان مواطني مدينة الحسكة وجوارها، الذين يزيد عددهم على مليون مواطن، من مياه الشرب في جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، معرباً عن أسف سورية بأن من ينصّب نفسه مدافعاً عن حق السوريين في استعادة أمنهم وقوتهم اليومي، سواء من الدول الغربية أو من مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أو من الوكالات المتخصصة التابعة للمنظمة الدولية، لم يقل كلمة واحدة لإدانة هذه الممارسات غير الإنسانية، وأشار إلى أن قوات الاحتلال الأمريكي شرعت بإنشاء قاعدة عسكرية جديدة في ريف محافظة دير الزور بهدف إحكام سيطرتها على آبار النفط السورية ومواصلة نهب مقدرات الشعب السوري، كما شهدت الفترة الماضية اعتداءات إسرائيلية على سورية من فوق أراضي الجولان السوري المحتل وأجواء دول مجاورة، مؤكداً أن هذه الممارسات العدوانية، التي تمثل انتهاكاً فاضحاً للقانون الدولي وأحكام الميثاق، تشكّل غيضاً من فيض الممارسات العدوانية لدعم التنظيمات الإرهابية والميليشيات الانفصالية العميلة بهدف إطالة أمد الأزمة في سورية وعرقلة جهود التوصل إلى حل سياسي لها، فيما بقي مجلس الأمن، بضغط من الدول الغربية الثلاث دائمة العضوية فيه، صامتاً أمام هذه الأعمال التي تهدد السلم والأمن الإقليميين والدوليين.
وشدّد الجعفري على أن سورية تتعرّض لإرهاب موصوف غير مسبوق ترعاه دول أعضاء في مجلس الأمن وخارجه بغية الحصول على تنازلات سياسية تناسب أجنداتها التدخلية في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، لافتاً إلى أن نجاح أي مسار سياسي يقتضي توفير الظروف الملائمة لذلك، وفي مقدمتها احترام الجميع لقرارات المجلس، التي تؤكّد على الالتزام القوي بسيادة سورية واستقلالها ووحدة وسلامة أراضيها، وهو الأمر الذي يستلزم إنهاء الوجود العسكري الأجنبي غير الشرعي ووقف أعمال العدوان والكف عن دعم الإرهاب وإنهاء الإجراءات الاقتصادية القسرية المفروضة على الشعب السوري وتوقف الدول المعادية لسورية عن محاولات فرض رؤاها وشروطها المسبقة على الشعب السوري.
وجدد الجعفري التأكيد على أن سورية لن تتخلى عن حقها الشرعي في الدفاع عن أرضها ومقدراتها ومكافحة الإرهاب وتحرير أرضها المحتلة، سواء كان المحتل أمريكياً أم تركياً أم إسرائيلياً أو من تنظيماتهم الإرهابية العميلة لهم، فأي وجود لقوات عسكرية أجنبية على الأراضي السورية دون موافقة الحكومة السورية الصريحة هو عدوان واحتلال، وسيتم التعامل معه على هذا الأساس وفقاً لدستور سورية الوطني ولحقوقها التي يتيحها القانون الدولي، لافتاً إلى أن سورية تؤمن بمبادئ ومقاصد الأمم المتحدة التي وقعت على ميثاقها مع غيرها من الأعضاء المؤسسين في سان فرانسيسكو، وهي ملتزمة اليوم وكل يوم بالحفاظ على سيادتها ووحدة وسلامة أراضيها، التي أكدت عليها قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
وأضاف الجعفري: احتفل مجلس الأمن قبل أيام افتراضياً بالذكرى الخامسة والسبعين للانتصار على النازية والفاشية في الحرب العالمية الثانية، التي تعهّد المنتصرون فيها، ونحن منهم، بتضافر جهودهم لحفظ السلم والأمن الدوليين، وتجنيب البشرية ويلات الحروب التي جلبت عليها مرتين أهوالاً عجز عنها الطاعون الأسود الذي اجتاح أوروبا والعالم في القرون الوسطى، فكانت ولادة منظمة الأمم المتحدة التي كرّس ميثاقها الإطار القانوني الدولي والمبادئ الجوهرية التي يستند إليها بنيان العلاقات الدولية، والمتمثّلة في احترام السيادة والمساواة في السيادة بين الدول الأعضاء، والامتناع عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول وعن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها فعلاً.
وأردف الجعفري: بعد خمسة وسبعين عاماً على ما شهده العالم من انهيار لأنظمة متطرّفة سبقت بظهورها في أوروبا وغيرها إرهاب “داعش” و”القاعدة” و”جبهة النصرة” في منطقتنا، وقامت على أعمال العدوان وأطماع الهيمنة وممارسات التمييز والكراهية، فإننا نشهد قيام حكومات بعض الدول الغربية، التي كان من المفترض أنها اختبرت تجربة الحربين العالميتين وأدركت آثارهما وأنها بالتالي مؤتمنة على حفظ السلم والأمن الدوليين، بانتهاك المبادئ الأساسية للقانون الدولي وأحكام الميثاق بشكل ممنهج والسعي للنيل من خيارات شعوب دول أعضاء من خلال الغزو العسكري والعدوان والاستثمار في الإرهاب وسياسات القسر والإكراه الاقتصاديين والماليين، وهي كلها ممارسات تمثّل تكريساً لقانون القوة وشريعة الغاب بدلاً من قوة القانون وسلطة الحق، وأشار إلى أن تحريف دولتين دائمتي العضوية في مجلس الأمن حقائق الحرب العالمية الثانية وانكارهما تقديم الاتحاد السوفييتي وخليفته روسيا الاتحادية ما يزيد على 27 مليون شهيد في مواجهة النازية عمل مدان من قبل سورية ويثير قلقها واستهجانها لأن من يقوم بذلك لن يكون صعباً عليه تحريف نضال سورية شعباً وجيشاً وقيادة في مواجهة الإرهاب، لافتاً إلى أن سورية كانت وما زالت صمام أمان للاستقرار والاعتدال في المنطقة، وأن تمسكها القوي بسيادتها واستقلالها يجسد فهمها الحقيقي للنصر على النازية والفاشية في الحرب العالمية الثانية.