الثنائيات الفنية.. تناغم الروح والأداء التمثيلي
كعادته يشهد الموسم الدرامي الرمضاني حضوراً قوياً لعدة ثنائيات فنية، يقدمون أدواراً مميزة تنال إعجاب ومحبة المتابعين وصناع الدراما، وتتصدر أعمالهم نسبة مشاهدة عالية بفضل وجودهم مع بعضهم البعض، وغالباً ماتكون مترافقة بقصص ممتعة وأحداث مشوقة، وفي كل مرة تكون متلونة بحالة وجدانية جديدة، مرة أصدقاء ومرة إخوة ومرة أخرى جيران وأحباء، وفي كل الحالات تجمعهم “الكيميا” والانسجام الفني الذي هو سر النجاح لأي عمل، وقد لمعت الكثير من الثنائيات لهذا العام، وأغلبها ماكان يدور الحديث فيه عن الثنائيات التي جمعت بين فنان سوري وفنانة لبنانية، ولكن اللافت كانت ثنائية أخرى، بعيدة عن تصنيفات العلاقة بين الذكر والأنثى والحب والانتقام وكل ما جمع الثنائيات التقليدية، وهي تلك الثنائية التي جمعت بين الفنانتين كاريس بشار وندين تحسين بيك في أكثر من عمل في الموسم الحالي وأعمال فائتة.
في دراما هذا العام، نجد أنهما تشكلان ثنائياً في أكثر من عمل، وتقدمان كركترات جديدة لا تشبه بعضها في كل عمل، ففي مسلسل “هواجس عابرة” – إخراج مهند قطيش وتأليف مهند قطيش وحسن مصطفى – تجسدان شخصيتي عبير وأروى، إذ تؤدي الفنانة كاريس بشار دور امرأة متزوجة رجلاً يعيش هواجس وغيرة كبيرة تصل إلى حد المرض، كما يعيش كابوساً نفسياً عميقاً بسبب هذه الهواجس، وتضطر الزوجة للالتزام بالمنزل ولا سبيل لها سوى دعوة جاراتها عبير – ندين تحسين بيك – إلى منزلها عندما يخرج زوجها من المنزل – وهو نادراً ما يفعل ذلك -، للتخفيف عن نفسها، والتسلية والبعد عن غيرة وهواجس الزوج المرضية.
العمل من الأعمال الكوميدية الخفيفة التي تقدّم ثنائية مميزة تحمل قدراً كبيراً من البهجة والفرح للمشاهدين بعيداً عن الفن المبتذل المعتمد على كليشيهات كوميدية باتت معروفة.
وتقدم كاريس وندين بالمقابل في هذا العام ثنائية مختلفة أيضاً في مسلسل “سوق الحرير” – إخراج مأمون الملا وتأليف حنان حسين المهرجي – وهذه المرة اجتمعتا لتكونا تحت سقف واحد، ضمن زوجات لـ عمران – بسام كوسا – بائع القماش، الأولى أم البنات قمر – كاريس – والثانية، كريمة، أم لولدين، واحد منهما ابن ضرة توفيت أثناء الولادة، وفي هذا الدور لم تكونا مثل باقي الضرائر وإنما كانتا متفقتين نوعاً ما مع بعضهما ومع ضرتهم الثالثة التي تجسد دورها قمر خلف، وبالتأكيد لا يخلو العمل من بعض المشاكل البسيطة والمواقف الطريفة.
في الواقع لم تكن هذه التجربة وليدة هذا العام وإنما سبق وظهرت هذه الثنائية الجميلة عبر شخصيتي سراب ونهاد في العام الماضي، كصديقتين وجارتين في مسلسل “مسافة أمان” – تأليف إيمان سعيد وإخراج الليث حجو – ولكن سراب – كاريس – تخرب هذه الصداقة وتخون نهاد مع زوجها بعد هجر زوجها لها، ما يسبب لها جرحاً كبيراً.
واستطاعتا أيضاً إثبات نفسيهما ضمن عائلة واحدة، فجسدتا دور الأختين في مسلسل “بنات أكريكوز” عام 2002، كاريس بشار بدور فريدة – فيفي – بنت منيرة – مها المصري – الكبرى المهووسة بالشهرة والجمال وعرض الأزياء، وندين تحسين بيك بدور رولا الفتاة الحشورة التي تحب مراقبة الجيران.
الحقيقة، مجرد وجود هذين الاسمين سوية أو ذكرهما معاً ترتسم معالم الإعجاب على وجوه الجميع، فهل يمكن أن تكونا ثنائياً في المرات القادمة أيضاً؟ إذ إن موهبتهما وقوتهما في التمثيل تسمح بأن تكونا متواجدتين مع بعضهما، ولا سيما أنهما تعدان أبطالاً في كل الأعمال التي تشاركان بها.
من ناحية أخرى، كان مصير الكثير من الثنائيات التوقف كما حصل مع ثنائية باسم ياخور والراحل نضال سيجري بسبب القدر الذي لعب لعبته في أحد أهم ثنائيات الدراما الكوميدية، لكن الحقيقة أن الثنائيات لا تتوقف عند شخص ويمكن لها الاستمرار رغم كل الظروف، وقد استطاعت ندين في “ببساطة” إثبات نفسها مع الكثيرين، وفي كل مرة كانت ترسم شخصية إبداعية متميزة ومختلفة جعلتها قادرة على أن تثبت حضورها في أي ثنائية يمكن أن تعلن ولادة جديدة من هذا النوع.
من هنا نرى أن عالم الثنائيات رغم كونه مُغرياً للذاكرة الدرامية، إلا أن ذاكرة الدراما السورية عبر تاريخها الطويل حفلت بالعديد من الثنائيات الهامة التي استطاعت أن تكون عصية على النسيان، مثل “دريد لحام ونهاد قلعي”-“باسم ياخور ونضال سيجري” و”الليث حجو وممدوح حمادة” وغيرهم الكثير لا يمكن أن تمر مرور الكرام، بل تستحق كل الاحترام إذ قدمت كل ما يليق من فن ودراما حقيقية.
جمان بركات