تضخم “كاذب”!
“مصادر رفيعة المستوى: إجراءات مهمّة خلال الساعات القادمة بهدف لجم ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الليرة.. وتدخل قويّ في سوق الصرف سيترافق مع ضرب المضاربين والمتلاعبين بالليرة السورية”.
هذا ما طالعتنا به أحدث الأخبار التي نأمل، لا أن يتمّ الاجتماع بالسرعة العاجلة فقط من أجل إقرارها، بل وأن نكحل عيوننا بمرآها فعلاً لا قولاً، حيث السابق في هذا الشأن لا يشجع على التفاؤل من المنتظر.
فكم هي المرات التي أُدرجت تحت يافطة “الضرب بيد من حديد للمضاربين والمتلاعبين بسعر الصرف”، ولم تكن سوى زوبعة في فنجان السوق السوداء، مالبثت أن تتلاشت ليتكرر الحدث والمتحدثون، بعد أن يكون “الذي ضرب ضرب والذي هرب هرب”!
وقبل الإدلاء بدلونا حول ما تمّ ويتمّ، والمندرج في خانة التضخم وخفاياه، نكشف عن أمر مستهجن كشفه أحد دكاترة الاقتصاد في جامعة دمشق.. قال ضارباً كفه الأيمن على الأيسر، وبالعكس: هل يعقل أن اللجنة المعنية بمناقشة ومعالجة سعر الصرف وو.. إلخ، لا يوجد فيها اختصاصي واحد بالنقد؟!
أحد الخبراء الإداريين الاقتصاديين، وفي تعليق له على التضخم القائم، استناداً إلى تصريحات المسؤولين الذين وصفهم بالفاشلين، وحالة أسعار السوق الكاوية، قال: ليس التضخم هو المؤشر الاقتصادي الوحيد المشكوك في دقته وصحته، في الاقتصاد السوري؛ فالريبة والشك يطالان كافة مؤشرات الاقتصاد الكلي دون استثناء، إلا أن لرقم التضخم حساسية ومنعكساته الاقتصادية والاجتماعية، كما أن الكشف عن أسبابه الحقيقية وطرق التعامل معه يعني الكشف عن جزء مهمّ من طريقة عمل الاقتصاد ودور السياسات الاقتصادية الفاعلة!
ولو رجعنا إلى ما يقوله علم الاقتصاد – لنفهم ما يقصده الخبير – لوجدنا أن هناك أنواعاً للتضخم، وهذا الأخير يقسّم إلى مجموعة من الأنواع، بناء على معايير متنوعة: كمعيار الضغط التضخمي، ومعيار انكشاف التضخم؛ وهذا المعيار (انكشاف التضخم) له ثلاثة أنواع، أولها – وهو ضالتنا لتفسير ما يحدث – “التضخم الظاهر” الذي يعرف بأنه اتخاذ السلطات الحكومية والنقدية موقف المتفرج تجاه هذا التضخم؛ الأمر الذي يؤدي إلى انتشار ظواهره، وتراكمها، وتسارعها، فترتفع مستويات الأسعار العامة بمعدل أعلى من زيادة تداول النقود للكميات المتداولة.
والسؤال عطفاً على أعلاه: هل هذا ما يحدث؟
سؤال مشروع، بعدما اعطيت السلطة التنفيذية والنقدية التشريع المفترض، بموجبه، انها أصبحت الضابط لحركة تداول الدولار، والضارب على يد كل من تسول له نفسه المضاربة به، لضرب ليرتنا الوطنية..!!!.
قسيم دحدل
qassim1965@gmail.com