هل يصبح اليوان عملة الاحتياطي النقدي العالمي؟
تمتلك الولايات المتحدة باعاً طويلاً في فرض عقوبات على دول العالم؛ بسبب سطوة الدولار وهيمنته على نحو 62 بالمئة من الاحتياطيات النقدية لدى البنوك المركزية، فضلاً عن أن المدفوعات الدولية تتم في الأغلب بواسطة العملة الخضراء، ويتم تقييم أغلب عقود السلع به، كما يقبل عليه المستثمرون في أوقات الأزمات كملاذ آمن.
وفي هذا الصدد، تعي الحكومة الصينية مكانة الدولار جيدا كعملة احتياطي نقدي دولية، وتتقدم بحذر وبشكل منهجي لتجنب أخطاء الماضي والرهان على ورقة رابحة، ألا وهي فتح سوق سنداتها المقدر حجمه بـ 13 تريليون دولار، يمثل 51 % من كل السندات التي تصدرها الاقتصادات الناشئة. وهناك عدة فوائد لإصدار عملة احتياطي نقدي عالمية، الأولى تقليل تكاليف المعاملات المالية، حيث يمكن للشركات لدى الدولة صاحبة عملة الاحتياطي النقدي العالمية الاقتراض في الأسواق الدولية وتقليل المخاطر. أيضا تعزز مرونة الاقتصاد الكلي عن طريق عملة احتياطي نقدي دولية؛ فالدولار الأميركي على سبيل المثال، يعد أصلاً جاذبا يمكن استخدامه لأغراض عبر الحدود، بل إن الأزمات أحيانا ما تساعد الولايات المتحدة، ففي عام 2011، عندما تم خفض التصنيف الائتماني لأميركا، هرع الكثيرون لشراء الدولار كملاذ آمن، ويسّر على واشنطن الاقتراض.
وتعطي هيمنة الدولار المزيد من القوة والأذرع الاقتصادية للولايات المتحدة، فمن الممكن لواشنطن دعم حلفائها اقتصاديا بالدولار، ويمكنها أيضا حرمان أعدائها من عملتها الخضراء.
لا يخفى على أحد أن الصين تحاول هي الأخرى تعزيز مكانة اليوان كعملة احتياطي نقدي عالمية، كما أنها تريد التحكم في كل ما يدخل أو يخرج من مال من وإلى البلاد. وفي الألفية الجديدة، بدأت الصين السماح لمواطني هونغ كونغ بفتح حسابات ودائع باليوان، مما عزز السيولة بشكل كبير، كما تشجع الشركات الأجنبية لديها على إصدار سندات باليوان. وتقيدت جهودها عام 2015 بسبب القلق وقتها حيال الاقتصاد الصيني، مما دفع البنك المركزي لحرق تريليون دولار من احتياطياته النقدية لكبح تخارج رؤوس الأموال. وأعرب البعض عن شكوكهم في قدرة الصين على بلوغ أهدافها في تعزيز مكانة اليوان، خاصة أن الأزمات الاقتصادية تعرضها لمشاكل كبيرة وتخارج في رؤوس الأموال، لكن يجب الأخذ في الاعتبار ارتفاع حجم الودائع في الصين إلى أكثر من تريليون دولار مرة أخرى، وتشهد زيادة سريعة حتى أصبحت عشرين ضعف الحجم الذي كانت عليه عام 2009. في ظل الطفرة في المعاملات بالنقد الأجنبي عالميا خاصة بعملات الاحتياطي النقدي العالمي، هناك زيادة ملحوظة في استخدام اليوان الصيني، كما أن الاستثمارات الخارجية الضخمة التي تضخها بكين تعزز مكانة عملتها أيضا.
وبلغ حجم الاستثمارات الصينية المباشرة في مشروعات مرتبطة بمبادرة «الحزام والطريق» نحو 15 مليار دولار، ربعها باليوان. وتستهدف الصين في نهاية المطاف أن تقبل البنوك المركزية العالمية على حيازة اليوان كعملة احتياطي نقدي دولية منذ اعتمادها من صندوق النقد الدولي ضمن سلة من العملات الرئيسية عام 2016. وارتفع حجم الاحتياطيات النقدية الدولية باليوان منذ ذلك الحين حتى سجل 2.1 % في أيلول عام 2019، كما يتوقع محللون تعزيز مكانة اليوان بشكل أكبر؛ نتيجة اختراق بكين المزيد من الأسواق الدولية والاقتصادات والاستثمارات.